في شباط (فبراير) 2025، وفي أجواء مفعمة بالأمل والتحدي، شهدت العاصمة الفرنسية باريس مؤتمرًا دوليًا استثنائيًا بمناسبة يوم المرأة العالمي، حيث اجتمع قادة سياسيون ونشطاء حقوق الإنسان وشخصيات بارزة من مختلف أنحاء العالم لدعم نضال النساء الإيرانيات ضد القمع والاستبداد.
المرأة الإيرانية في طليعة النضال
كان المؤتمر فرصة لتسليط الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه المرأة الإيرانية في مواجهة نظام طهران الديكتاتوري، حيث ألقت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، كلمة ملهمة أكدت فيها أن النساء في إيران أصبحن القوة المحركة الرئيسية للتغيير. وأوضحت أن انتفاضة الشعب الإيراني المستمرة، والتي كانت النساء في طليعتها، ليست مجرد احتجاجات متفرقة، بل هي حركة منظمة تهدف إلى إسقاط النظام الثيوقراطي القائم.
وقالت رجوي: "نضال النساء الإيرانيات ليس فقط ضد الحجاب الإجباري، بل هو رفض كامل لأي شكل من أشكال القمع والتمييز". وأضافت: "شعارنا واضح: لا للحجاب الإجباري، لا للدين الإجباري، لا للحكم الإجباري". كما شددت على أن النظام الإيراني، الذي يعتمد على اضطهاد المرأة وإقصائها، لن يتمكن من الصمود أمام إرادة النساء والشباب الذين يسعون للحرية.
تضامن دولي واسع
شهد المؤتمر مشاركة عدد كبير من الشخصيات الدولية التي عبرت عن دعمها للنساء الإيرانيات في معركتهن من أجل الحرية والديمقراطية. من بين المتحدثين كانت ميشيل أليوت - ماري، وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، التي أكدت في كلمتها أن دعم النساء الإيرانيات في نضالهن واجب أخلاقي على المجتمع الدولي. وقالت: "هذا اليوم ليس فقط للاحتفال، بل هو يوم العمل من أجل الحرية والمساواة".
كما تحدثت روزاليا أرتياغا سيرانو، الرئيسة السابقة للإكوادور، مشيدةً بالمرأة الإيرانية التي اعتبرتها "قوة لا يمكن إيقافها"، داعيةً إلى دعم خطة رجوي المكونة من عشر نقاط والتي تضمن إقامة دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.
أما أنيلي ياتتينيماكي، رئيسة وزراء فنلندا السابقة، فقد أشارت إلى أن النساء الإيرانيات يعانين من تمييز ممنهج واستبعاد قسري من الحياة السياسية والاجتماعية، مؤكدة أن إصرارهن على النضال رغم القمع الوحشي يجعلهن نموذجًا للصمود والبطولة.
شهادات مؤثرة ودعوات للتحرك
خلال المؤتمر، ألقت دومينيك أتياس، رئيسة مؤسسة المحاميين الأوروبيين، كلمة مؤثرة تحدثت فيها عن السجينة السياسية مريم أكبري منفرد، التي أمضت 15 عامًا خلف القضبان بتهم ملفقة لمجرد دفاعها عن حقوق الإنسان. وقالت: "سيدتي رجوي، تحدثتِ عن هؤلاء النساء اللواتي ضحين بحياتهن من أجل الحرية... لقد جعلتِنا نبكي"، مشيرةً إلى أن النساء الإيرانيات يدفعن ثمنًا باهظًا في سبيل الحرية لكنهن لن يتراجعن عن نضالهن.
كما سلطت ليندا شافيز، المديرة السابقة لمكتب العلاقات العامة في البيت الأبيض، الضوء على التحولات السياسية في المنطقة، مشيرة إلى أن سقوط الأنظمة الدكتاتورية مثل نظام بشار الأسد يُعدّ مؤشرًا على أن النظام الإيراني لن يكون استثناءً من موجة التغيير. وأكدت أن "التغيير الحقيقي في إيران لن يأتي من التدخلات الخارجية، بل من إرادة الشعب الإيراني نفسه"، مشيدةً بقيادة رجوي بوصفها رمزًا للأمل والتغيير.
إجماع عالمي على دعم المقاومة الإيرانية
خرج المؤتمر برسالة واضحة مفادها أن النساء الإيرانيات لسن ضحايا فقط، بل هن قائدات المعركة ضد الاستبداد. واتفق المتحدثون على أن مستقبل إيران يعتمد على تمكين المرأة ومنحها دورًا قياديًا في بناء الدولة الديمقراطية.
لقد أثبت مؤتمر يوم المرأة العالمي في باريس أن العالم يراقب ما يجري في إيران، وأن النساء الإيرانيات لسن وحدهن في معركتهن ضد الظلم. وكانت الرسالة التي خرجت من هذا التجمع الدولي واضحة: المرأة، المقاومة، الحرية ليست مجرد شعارات، بل هي حقيقة تُكتب اليوم بدماء وتضحيات نساء شجاعات مصممات على رسم مستقبل جديد لإيران والعالم.
التعليقات