&

الإخوان في مصر، ماتوا إكلينيكياً، فبعد أن فقدوا الأمل في عودتهم للسلطة، لم يجدوا أمامهم سوى الإذعان للأمر الواقع، والخضوع لرغبة الشعب المصري، قبل القيادة، في إبعادهم عن الساحة السياسية، بعد أن أثبتوا فشلهم في عالم السياسة، وحصلوا على وسام «الغباء» في التعامل مع الداخل والخارج، مفتقدين للحنكة أو حسن التصرف، واتخاذ القرار السليم في قضايا حساسة ترتبط بمستقبل البلاد والعباد.

تجربة الإخوان في الحكم، أكدت أن هذا التنظيم يفتقد الخبرات السياسية التي تؤهله لحكم دولة بحجم مصر، وأثبتت أن قدرتهم على التنظيم السري تحت الأرض، أفضل بكثير من قدرتهم على العمل السياسي فوق الأرض، لذلك سقطت أقنعتهم أمام الشعب المصري، فلفظهم خارج السلطة، بل ورفض أي سبيل أو محاولات لعودتهم بعد تجربته المريرة والفاشلة معه..

بجانب ذلك، لن ينسى الشعب المصري، أن هذا التنظيم الدموي، ومنذ سقوطه، وهو يحاول العودة للسطة بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، حتى ولو كانت هذه العودة فوق جثث المصريين، وعلى حساب سقوط الوطن، الذي ينتمون إليه اسماً فقط، إلا أن قلوبهم شتى..!

لم نعد نرى في شوارع مصر، المظاهرات الإخوانية مسبوقة الدفع، التي كانت تخرج كل أسبوع بعد صلاة الجمعة يتقدمها بعض الإخوان وحفنة من المأجورين، لتخرب وتقتل وتسفك دماء الأبرياء، نتيجة أنها لم تعد تؤتي ثمارها، وبعد يأسهم في استمرارها، اختفت هذه المظاهرات، خاصة وأن شباب الإخوان أنفسهم الذين كانوا يتولون تنظيم هذه المسيرات، كفروا برموزهم داخل الجماعة، بعد أن رأوا القيادات يهربون للخارج بين قطر وتركيا وغيرهما، ويعيشون داخل الفنادق والقصور، وتنهال عليهم الدولارات من مسؤولي التنظيم الدولي للجماعة في الخارج، في حين يتعرض هؤلاء الشباب للقتل أو الاعتقال نتيجة خروجه في مظاهرات مناهضة للوطن وللسلطة، ومخربة للمنشآت العامة.

من هنا فطن شباب الإخوان إلى الحقيقة، وعلم أن قياداتهم الذين يدعونهم ويحرضونهم على الجهاد، هم أنفسهم الذين يهربون للخارج ويعيشون في رغد حياتي لم يحلموا به.

وسط كل هذه الأحداث الساخنة، هناك دعوات من أعضاء الجماعة الذين ينتمون للصف الثاني في التنظيم، تستهدف المصالحة مع النظام، في محاولة للعودة إلى جسد الوطن، بعد أن تم بترهم منه، وباتوا غرباء على أرض وطنهم، بعد أن لفظهم الشعب، ووضعهم في خانة أعداء مصر الذين يخططون لإسقاطها وخرابها، حتى وإن تحالفوا مع الشيطان للوصول إلى أهدافهم الدنيئة.

ليس معنى هذا أن النظام الحالي، ينال كل الرضا من المواطن المصري، فهو مسؤول عن كل فئات الشعب، وعليه أن يعمل على النهوض بالوطن على المستويات كافة، ليشعر المواطن بتغيير حقيقي في مستواه المعيشي والحياتي، ويؤمن أن اختياره للقيادة كان صواباً، وأن إطاحته بالإخوان كان عين الصواب..

وإذا عدنا للمصالحة، فإن الحديث عنها يطول، خاصة وأن الشعب، وليس القيادة، غير راض عنها، ويصر على وضع الإخوان على الهامش، مع عدم السماح لهذا التنظيم بالعودة إلى الحياة السياسية مهما كان الثمن، كي لا يحصل على فرصة للعبث بالوطن من جديد، تحت أي ظرف.. خاصة وأن الشعب الآن يتعامل مع هذا التنظيم بمبدأ الريبة والشك في نواياه التي تحمل «كل السوء» لمصر.

لذا فإن المصالحة غير واردة على الأقل خلال هذه الشهور، ولو تمت قد تكون بين التنظيم والقيادة لوقف نزيف الدم&الذي يطول عناصر الجيش والشرطة، خاصة في سيناء.. أما الشعب فهو رافض تماماً لأي نوع من المصالحة مع تنظيم استباح دماء الأبرياء، ووضع السلطة التي فقدها في كفة، والقضاء على الوطن وشعبه في كفة أخرى.. فأي مصالحة هذه التي يتحدث عنها البعض والأيادي الإخوانية ملوثة بالدماء المصرية، رغم أنها لا تقل ثمناً أو أهمية عن دماء بعض أعضاء الإخوان التي سالت خلال فض اعتصام رابعة والنهضة، فهؤلاء أيضاً مصريون، لكن ما حدث بعد ذلك أن الإخوان أعلنوا الحرب على مصر عن طريق أعضاء التنظيم والمأجورين في الداخل، وبعض أعداء مصر في الخارج، بهدف إشاعة الفوضى في الوطن، والألقاء به في براثن الحروب الأهلية، ليحين موعد إسقاطه مثل غيره من الدول التي سقطت من حولها..!

من هنا، أستبعد أي مصالحة قد تتم مع هذا التنظيم الدموي، الذي اختار الانشقاق عن جسد مصر، وحضنها الدافئ الذي يسع الجميع باعتبارها «أم الدنيا»..!

&

كاتب صحفي

&

[email protected]