&ربما كان اكثرنا قد اظهر ضحك الشماتة العلني، بعد ان تلاشت ليوم كامل تقريبا سلطة لصوص المنطقة الخضراء سيئة السمعة، حينما عرفوا بموكب الجماهير الضخم المهيب قد انطلقت خطواته الاولى، المتحدية لسلطتهم الفاسدة، وللمرة الثانية على التوالي،التي انهارت كل مؤسساتها و تبعثرت الى اشلاء كما شاهدنا من خلال البث المباشر لقنوات التلفاز، وهي تنقل لنا المشاهد والصور التاريخية.

&لوقائع المظاهرات، وهي تتقدم على ايقاع هادىء، وبخطوات منتظمة،وهنا يحضرني قول ابراهيم ناجي"واثق الخطوة يمشي ملكا" بصوت ام كلثوم،الحان السنباطي،اذن هكذا كانت الجماهير واثقة من عدالة قضيتها ولهذا ايضا كانت مصرة على اقتحام مواقع السلطات. وفعلا فعلتها واقتحمت المنطقة الخضراء التي ما ان تسمع باسمها حتى تشعر بالاشمئزاز والاضطهاد المعنوي المعذب للروح، بسبب حكام الفساد الذين فرضوا على الشعب العراقي كل "اسباب احتقارهم" كما قال بيكاسو بحق الذين ازعجوه من السيئين.

&كسيئي المنطقة الخضراء الذين اساءوا للشعب العراقي والى الان يعاندون بان تستمر اساءتهم له ومن هنا كانت المظاهرات كرد فعل ضروري على سلوكهم اللااخلاقي واللاوطني.ولكن ظهر لاحقا ان كل رموز الفساد كانوا كأنهم قد تحالفوا في الليل على مخطط موعد هروبهم الجماعي.لان الجماهير في المرة الاولى قد عثرت على واحد منهم كما راينا والذي سرعان ما حاول ان يتنصل من شخصيته الرسمية كي ينجو في الاقل من الاهانة الجماعية، حتى راح يستجدي الشفقة له، بينما هذه المرة لم ترتطم الجماهير بواحد منهم كي تجرده من صلافة كبرياءه.

&للاسف كان حظ الجماهير سيئا لان كل الفاسدين الضحلين ودكتاتوريي الطوائف الرجعيين قد هربوا تاركين خلفهم كراسيهم المغطات باكياس النايلون. بلا شك ان مافعلته الجماهير كان يوما تاريخيا بامتياز لانها استطاعت ان ترقص في مكتب رئيس السلطة التنفيذية بعد هروبه هو ومن معه من زعماء الغش والخراب وقادة المليشيات وكل النفعيين والانتهازيين،الذين تسالموا وتصافقوا على فكرة الهروب كحل استراتيجي مباغت للمتظاهرين الذين يحاولون ان يسجلوا علينا انتصارا لهم ولهذا يجب ان نحرمهم منه هكذا كان لسان حال زعماء الفساد يقول: اي ان المتظاهرين يبحثون عن اي انتصار يقضي على سلطتنا.وبالفعل قد هربوا الفاسدين رغم اعاقة كروشهم لهم الهاطلة بسبب حجم انتفاخها الكبير وهم يلهثون من شدة الخوف.

&بعد ارتفاع منسوب هرمون (الادرينالين) عندهم وهم مرتبكون يبحثون عن اي مكان ممكن ان يخفي وجودهم الفيزيائي الضار، عن انظار الجماهير وصيحاتها وهتافاتها الوطنية، التي تلاحقهم وهم يتعثرون بخطوات الذهول والهزيمة. كي ينقذوا انفسهم بعد ان ادركوا ان الجماهير ستستهدفهم وتستهدف مقراتهم الرسمية، انها كانت فضيحة مثيرة لرغبة الضحك الساخر بمعناه الرمزي الاختزالي.&

كانت مفاجأة هائلة ونحن نشاهد بأستمتاع غامر، ونقفز من شدة الفرح والسرور، حينما وصلت طلائع الجماهير الاولى وهي تتجه الى مقر السلطة التنفيذية الخالي من مسؤولها الاول، كما حصل قبل هذه المرة في المظاهرة الاولى، التي هرب فيها مسؤول السلطة التشريعية الاول، هو ونوابه خليط الاوباش الذي عاد لاحقا بكل وقاحة ليتفقد مكان سلطته المهانة بالرغم من انه كان حاله كأنه مكبل بمشاعر الفجيعة على اريكته البيضاء الملطخة ببقع الدم التي لانعرف عن قصتها اي شيء والى الان.

وكيف سقطت هذه الدماء ولماذا ومن هي الضحية ومن هو الفاعل؟ ولكن كالمعتاد وهو من الصعوبة ان يحصل الشعب في يوم ما على الاجوبة لاسئلته واستفسارته المهملة دائما.لان لغز الاريكة (الكنبة) التي اصبحت شهيرة لا يعرفه الا سليم الجبوري وربما العبادي ومن معهم،بالمناسبة هنا احاول ان اذكر ملاحظة وهي اجابة استباقية لمن يحاول ان يسأل لاحقا وسؤاله وهو اكيد سيبدأ بكلمة لماذا هذا الاهتمام المبالغ فيه حول قصة(الكنبة) الجواب باختصار وهو ان اهمية القصة لانها لم تقع في مقهى شعبي او في الشارع او شجار بين اثنيين من عموم الناس.

&بل لانها وقعت في السلطة التشريعية وهي احدى السلطات الثلاثة المهمة في الدولة ولهذا الامر حصل الاهتمام فيها. وبالتالي في مايخص (الكنبة) هناك ايضا سؤال من الجماهير العراقية، وهو لماذا وقف مسؤولي الدولة، بين مزدوجين مشدوهين امام الكنبة فهل هناك كان سرا فادحا ام حكاية خاصة للكنبة؟ التي يبدو ان سرها عند من يسمى رئيس مجلس النواب،الذي يمثل احد رموز السلطة الطائفية التي فرضها الامبريالي الصغير بول بريمرالذي بصق على العراق وركله ببسطاله الثقيل ورحل وهو سعيد جدا والان هو هناك يضحك عن بعد في واشنطن عاصمة الكون التي اقيمت على المقابر الجماعية للهنود الحمر.&

&