يعيش العراق حالة من الفوضى السياسية والمالية تنعكس جوانبها على كل انحاء ومفاصل الحياة، من دون أن تكون هناك أي جهة رقابية تحاسب المسؤولين وصناع القرار على ما اتخذوه من قرارات وخيارات سياسية لهذا البلاد.

من القرارات التي لم يفهم في حينها مبرراته وأسبابه وتم الاكتفاء بالثقول إن الحاجة ماسة إليه إلى أن ظهر أنه لم يكن هناك أي حاجة إليه أو إلى وجوده من الأسباب، قرار التحالف الرباعي بين العراق وسورية وإيران وروسيا، وهو التحالف الذي برر بالحاجة إليه في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.

لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أكدت تفكك "التحالف الرباعي"، الذي أُعلن عنه العام الماضي بين كل من موسكو وطهران وبغداد ودمشق، بعد انسحاب آخر ثلاثة مستشارين روس من العراق، مبينةً أنه لم "يتبقَ منه سوى الاسم".

وكالات أنباء محلية عراقية نقلت عن مقرر لجنة الأمن والدفاع إسكندر وتوت أن "الولايات المتحدة الأميركية طالبت الحكومة العراقية بإيقاف عمل المركز الاستخباري المذكور"، مؤكداً أن "التحالف الرباعي لم يتبقَ منه سوى الاسم فقط". مضيفاً أن "التحالف الرباعي شكل مركزاً استخبارياً لتبادل المعلومات يهدف لمعرفة تواجد إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتحديد مواقعهم لضربهم من قبل طيران الجيش والقوة الجوية العراقية". وتوت أبدى امتعاضه من ذلك، إذ قال إن "الحل الأمثل للخلاص من التنظيمات الإجرامية في العراق هو إعادة تفعيل التحالف الرباعي بين روسيا وإيران والعراق وسورية لامتلاكه جدية بالقضاء على إرهابيي داعش على العكس من نظيره الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية".

أعلن عن هذا التحالف في 28 سبتمبر 2015، وباشر عمله بشكل فعلي في 26 أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، بعد وصول وفود عسكرية روسية وإيرانية وأخرى تابعة للنظام السوري إلى بغداد، والإعلان عمّا عُرف لاحقاً باسم "غرفة بغداد المشتركة". وتمّ الاتفاق على إقامة مركز معلوماتي لتنسيق عمليات مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، يضمّ ممثلين عن الأركان العامة للدول الأربع."

وعلى الرغم من أن الإعلان قضى بأن تتولى كل دولة من الدول الأربع رئاسة التحالف كل ثلاثة أشهر، فإنه ومنذ ولادته لم يعلن عن الدولة الثانية، وظلّت رئاسة التحالف محصورة بالدولة الأولى وهي العراق. وما لبثت أن خفتت الأضواء التي كانت تسلّطها وسائل الاعلام الحكومية والرسمية في كل من بغداد ودمشق وطهران وحتى موسكو وبشكل تدريجي واضح.

التواصل بين موسكو وبغداد عاد إلى طبيعته الأولى بشكل رسمي وعبر الملحق العسكري الروسي في السفارة في بغداد. ومن المرجح أن يكون سبب اضمحلال هذا التحالف، عائداً إلى تفاهمات أميركية روسية سابقة، بسبب عدم رغبة واشنطن بدخول موسكو الساحة العراقية منذ البداية، فضلاً عن رفض تعامل القوى السنية والكردية مع هذا التحالف ومهاجمتهم له، ووصفه بالطائفي، بينما أكدت القوى الكردية بأنها لن تتعامل إلا مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

بالنسبة للإيرانيين فهم متواجدون بتحالف أو من دونه وبشكل مباشر، أما ممثلو النظام السوري، فمنذ البداية كان تواجدهم شكلياً لا أكثر. لا يمكن بيطبعة الحال الآن الإعلان عن حلّ التحالف أو الاعتراف بفشله لأسباب معروفة، وهي سياسية أكثر من كونها عسكرية، لكنه في الواقع بات بحكم الميت.

التحالف الرباعي لم يحقق أي نتائج تُذكر للعراق منذ تشكيله حتى الآن. فضلاً عن أن كلاً من بغداد ودمشق أتباع ضمن هذا التحالف، لا شركاء، فإلى متى سيظل العراق رهين قرارات اعتبطاية وربما مسلوب السيادة فعلياً إزاء أي قرار سيادي يخص تعاونه الدولي والحجة الجاهزة دوماً هي تكثيف الجهود لمحاربة داعش الرابض في الموصل منذ عامين دون حراك.

&

كاتب وباحث