يحتشد العالم المتمدن في المنتظم الدولي مرة واحدة في توقيت سنوي معلوم ,أجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة مناسبة ومنبر عالمي لتعبر من خلاله الدول الاعضاء عن مواقفها وسياساتها ازاء القضايا الاقليمية والدولية فرصة سانحة مع حضور هذا العدد الكبير من زعماء الدول ورؤساء الحكومات وممثليهم لاجراء اتصالات ثنائية او مباحثات متعددة الاطراف لغرض توضيح المواقف السياسية ومناقشة وجهات النظر.

حضر رئيس الدبلوماسية الإماراتية الشيخ عبدالله بن زايد الى الامم المتحدة وحضرت معه مكانة الإمارات المرموقة بين الدول الأعضاء هذه المكانة المحمودة حصيلة منهج ثابت وعقلاني في السياسة الخارجية للإمارات والتي انتهجتها الدولة على اسس مستقرة من الاحترام المتبادل وعدم التدخل واختيار الحوار السلمي لايجاد حلول للقضايا والمشكلات وتبادل المصالح المشروعة ولذلك فقد كانت أجندة الوزير مزدحمة بمواعيد لقاءات مع قادة دول ورؤساء حكومات ووزراء من كل اركان المعمورة.

دبلوماسية نشيطة لا تعرف الكلل او الملل وسط اجواء ودية من العلاقات التي نسجها الوزير عبر عقد من السنين كان يقطع خلالها الاف الكيلومترات من المسافات لمد جسور الصداقة والتعاون بين الدول فمن امريكا الشمالية الى امريكا الجنوبية والى كل عواصم القرار حريصا على تعزيز التواصل ومن يريد ان يعرف اكثر فعليه قراءة قائمة الدول التي اعتمدت لها بعثات دبلوماسية في ابو ظبي.

وزير خارجية الإمارات العربية يعتلي المنصة الدولية ليقول باسلوب واضح يجب ان نجد حلولا للمشكلات لا نتركها للعبث (( جهودنا المشتركة والمجتمع الدولي يجب ان تنصب على ايجاد الحلول الأساسية للصراعات)) وحيث تعج المنطقة بعدد من الحروب الداخلية والفوضى الدموية على خلفية تداعيات ما سمي بالربيع العربي وانخراط حركات الاسلام السياسي وتشبثها بالسلطة مهما كان الثمن ليؤكد الوزير الإماراتي قائلا ( تقاتل داخلي في اليمن وليبيا والعراق وسورية والصومال ) فهل يعقل ان المجتمع الدولي بكل ما يمتلك من اسباب القوة والردع عاجز عن تثبيت الاستقرار والسلام في هذه الدول لو كانت هناك نية جادة واسلوب معالجة حقيقي يستهدف جذور المشكلات لا اغصانها واوراقها وهو وكما في كل مرة يرفع الصوت عاليا مذكرا بمأساة شعبنا الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال الاسرائيلي منذ ما يزيد على ستة عقود من الدهر وفي احساس عميق بمضامين المسؤولية الوطنية والتزامات الدولة في الحرص على سيادتها يرسل للجارة إيران رسالة الدعوة الى الحوار بالحسنى لأعادة الحق الى اصحابة طواعية او اللجوء للوسائل السلمية التي تعارف عليها المجتمع الدولي في ايجاد حلول للمشكلات عبر القضاء او التحكيم الدولي لحل مشكلة استيلاء إيران على الجزر العربية الإماراتية الثلاثة فلا تنازل عن حقوقنا مهما طال الزمن او قصر فحقوق السيادة لا تسقط بالتقادم فمن يراهن على الزمن يجب ان يعلم ان هونغ كونغ عادت الى حضن الصين بعد اكثر من مئتين عام من احتلالها من بريطانيا العظمى (( أزمات المنطقة لا تشغلنا عن قضيتنا الوطنية في السيادة على جزرنا الثلاث طنب الصغرى وطنب الكبرى وابو موسى )) عبدالله بن زايد تكلم باسم الإمارات وعشرات الدول تستمع برحابة الى المنطق المعتدل برصانة رجل دولة متمكن والواثق من رصيد دولته المحبة للسلام على خارطة العالم بينما الرئيس الإيراني روحاني القى كلمته في تسعة وثلاثين شخص لا غير يجلسون في القاعة الكبرى؟ حتى ان مصورة الوكالة الطلابية للانباء الإيرانية نشرت الصورة ودخلت في حيص بيص..الدول الان لا تقاس بحجم مساحاتها ولا كثرة نفوسها ولا بكم التهديدات وسياسات الارهاب والابتزاز انما بالمنهج العقلاني المستند لمبادئ العدل والانصاف وتحقيق الأمن والسلام وهو الغاية الاسمى من وجود الامم المتحدة..&

الدول الموتورة بالصراخ والتهديد واستعراض القوة والمنعزلة لا تحقق شيئا على المدى المنظور مهما استخدمت من اساليب ديماغوجية في خلط المبادئ بالشعارات لأن العالم اصبح يميز بسهولة بين الاشياء المختلفة.&

صحيح أن الجمعية العامة منبر دولي يقدم توصيات وساحة التقاء لكنه بلا شك يظل مهما للغاية ويسهم في صياغة جانب من الراي العام العالمي وهي مرآة عاكسة لصورة الدولة في اذهان الاخرين ولهذا فيحرص قادة العالم وزعمائه الى الحضور والمشاركة.. رسائل عبدالله بن زايد ازاء القضايا الدولية والنزاعات الاقليمية وصلت عناوينها معبرة عن نجاح دبلوماسي الى درجة التفوق والاعجاب فنحن هنا لا نمدح احدا لكن دولة عربية كالإمارات بمواقفها العربية المسؤولة ومكانتها الدولية وسياساتها الحصيفة تستحق من الجميع سلام تعظيم.

دولة وضعت لها مبادئ راسخة في التعاطي مع العالم لا تدخل بشؤون الغير وأحترام خصوصيات الشعوب ومعتقداتها والتعاون الايجابي وتبادل المصالح وتعزيز السلام ومد يد العون والغوث لكل محتاج وتعميق المفاهيم الإنسانية واشاعة التسامح ونبذ الكراهية وعدم ازدراء الاخر كلها جعلت من الإمارات انموذجا ناجحا يحتذى به.

[email protected]