لو أن لي رأياً في هذه المسألة لقلت وبقناعة تامة أن المفترض، وقد تفاهمت "حماس" مع الإسرائيليين وأوقفت حوارها مع "فتح" ومنظمة التحرير وإنتقلت نهائياً إلى حضن الولي الفقيه علي خامنئي، أن يقرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)، أعانه الله على ما هو فيه، إجراء إنتخابات تشريعية على أساس أن الضفة الغربية و"القدس" وقطاع غزة دائرة إنتخابية واحدة يترشح فيها من يريد أن يترشح أو يرشحه تنظيمه ولينجح من سينجح وليسقط من سيسقط وأيضاً إجراء إنتخابات رئاسية لاحقة وإختيار المناضل الكبير حقاًّ وفعلاً مروان البرغوثي رئيساً حتى وإن هو بقي وراء قضبان "زنازين" السجون الإسرائيلية.

أما أن تبقى الأمور على ما هي عليه وأن تُعطِّل حركة "حماس" المسيرة الفلسطينية وهي التي إختارت ألاّ تكون تنظيماً فلسطينياً مقاوماً وتفاهمت مع الإسرائيليين على هدنة مفتوحة الزمن والتي باتت مرجعيتها الفعلية والحقيقية هناك في طهران، أو في "قٌمْ" لا فرق،وأصبحت جزءاً من تحالف دولي، تشارك فيه إيران من موقع القيادة ومعها الشقيقة (قطر)، وكل هذا بقيادة رجب طيب أردوغان على إعتبار أنه المرشد العام للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.

إنه لا شك في أن (أبومازن) بقي يقود الساحة الفلسطينية بكل مشاكلها وإشكالاتها بجدارة متناهية وأنه بقي يحافظ على علاقة متوازنة مع معظم الدول العربية، القريبة والبعيدة، وذلك رغم أن الوضع العربي وصل إلى كل هذا التشظي التناحري وإلى كل هذه التعقيدات التي إستجدت منذ عام 2011 وحتى الآن وأدت إلى كل هذه الصراعات التي تتكىء على تدخلات إقليمية ودولية باتت تظهر بكل تجلياتها في كل هذا الذي يجري في دولنا وتحديداً لا بل والمزيد من التحديد في سوريا "القطر العربي السوري" وفي العراق التي غدت أوضاعها توجع القلوب وبالطبع في لبنان واليمن وفي ليبيا التي يسعى رجب طيب أردوغان إلى تحويلها إلى حديقة خلفية لـ "الوطن الأزرق" الذي يسعى إليه!!.

والمؤكد أن (أبومازن)، الذي كان أحد الرموز الأساسيين في هذه المسيرة العسيرة الطويلة منذ بداية الرصاص في عام 1965 وحتى الآن، يعرف كثيراً وأكثر من كل الذين يدعون أنهم يعرفون أن طريق التحرير والإستقلال لايزال طويلاً وأنه بعدما إتضح أن "حماس" ليست تنظيماً فلسطينيا،ً بمعنى أنها كلها لفلسطين وليس غير فلسطين، فإنه بات على حركة "فتح" أن تقلع شوكها بنفسها وأن تسعى سعياً جدياًّ إلى أن تكون إلى جانبها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي وللأسف باتت تعزف ألحاناً "إيرانية" رغم أنها تعتبر نفسها تنظيماً ماركسياً – لينينياً، وهذا ينطبق وإن بحدود أقل كثيراً على الجبهة الديموقراطية.

إنه لا يجوز أن تبقى "حماس"، التي خرجت مؤخراً من الإطار الفلسطيني كـ "نضال" سياسي وأيضاً عسكري، تقرر الإتجاهات السياسية لمنظمة التحرير ولحركة "فتح" ومن خارج الدائرة الفلسطينية كلها فهذا تعطيل مقصود للمسيرة الوطنية وهكذا فإنه إذا كان لا بد من إجراء الإنتخابات التشريعية الآن والإنتخابات الرئاسية لاحقاً فيجب البدء بهذا الآن وعلى الفور وعلى أساس الدائرة الإنتخابية الواحدة فالتجديد غدا ضرورياً ولازماً.. وهناك أجيال من الفلسطينيين صاعدة وكفوءة بالفعل ومن حقها أن تشارك في المواقع القيادية في مسيرة شعبها العظيم الذي هو منتصر بعون الله لا محالة.