يبدو أن لا أحد يريد أن يتذكر ما قاله القائد محمد الضيف يوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، وما طالب به الآخرين كشرط من شروط النصر، لكن أحداً على الإطلاق غير قوى محور المقاومة لم يستجب لنداءاته ولم يمنح حماس والجهاد وكل قوى المقاومة سوى التصفيق والهتاف نهاراً والنوم ليلاًً، بل ان البعض جعل من أيام العطلة أياماً للنضال بالصوت والهتاف لا أكثر ولا أقل، حتى انقسمت الدنيا إلى ثلاث مكونات.

المكون الرئيس الأكثر تماسكاً ووضحاً هي جبهة المقتلة والعدوان الهمجي على غزة بكل مكوناتها، وهم موحدين حتى النخاع وفتحوا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كل خزائنهم مالاً وسلاحاً وغطاء ورداء وطعاماً وشراباً وقاتلوا معه وله في كل موقع بلا تردد، وقدموا له الحماية حيث احتاجها وواصلوا شتيمته والهجوم عليه في آن معاً، وبالرغم من معرفتنا للمكونات العلنية لأصحاب المقتلة، إلا أن ما هو أخطر تلك المكونات السرية الصامتة التي تقدم كل دعمها بصمت لكي تنتصر دولة الاحتلال وتختفي غزة عن الوجود أو تختفي المقاومة وتحديداً حركتي حماس والجهاد لعلهم يجدون لأنفسهم مكاناً في عالم بلا مقاومة، علماً أن مثل هذا العالم لن يحتاج لهم بشيء، فمن يضحي بحماس والجهاد عليه أن يعرف انه يضحي بقدرته على حماية نفسه غداً.

إقرأ أيضاً: هل تصلح شظايا هذا العالم لعالم جديد؟

المكون الثاني هم قوى المفعلة الذين حملوا على عاتقهم الفعل المقاوم حقاً بدءاً من جميع قوى المقاومة الفلسطينية وفي المقدمة منهم حركتي حماس والجهاد الإسلامي الذين يواصلون الصمود منذ ستة أشهر بلا كلل ولا تعب ولا خنوع، بالرغم من كل آلة القتل والتدمير التي تديرها الولايات المتحدة علانية، وبالرغم من صعوبة وصول أي إمداد عسكري للمقاومة هناك بسبب الحصار الجائر وشبه التام من كل الجهات، ومع ذلك انضمت إليها قوى المقاومة في اليمن البلد الذي عانى حرباً مدمرة طوال ثماني سنوات وهو لم يخرج منها بعد ومع هذا يقف بصلابة منقطعة النظير الى جانب غزة مضحياً بكل شيء وحاملاً كل جراحه وهو يستحق القول انه يقاتل بجراحه إلى جانب غزة كاظماً الألم وقابضاً على الجمر، وهو ما يفعله أيضاً حزب الله في لبنان الذي شرع جبهته على مصراعيها وأقدم على ما لا يمكن أن يقدم عليه أحد في ظروف لبنان التي يعيشها ورفض كل المغريات التي قدمت ولا زالت تقدم له ليقف على الحياد ومعلناً بوضوح ان غزة وحدها هي بوابة الحرب والسلم ولا قرار الا هناك وهو ايضاً ما فعلته وتفعله قوى المقاومة في سوريا والعراق البلدان الاكثر تدميراً في الوطن العربي وقد يكون في العالم ومعهم إيران التي تتعرض لعقوبات لا مثيل لها منذ سنوات وسنوات ومع هذا لم يتغير موقفها وظلت تواصل ثباتها الى جانب غزة ومقاومتها.

إقرأ أيضاً: ليس لنا ما نسوقه

المكون الثالث هم جماعة المقولة وهم ينقسمون الى مقولة مصفقة للمقاومة لا أكثر ولا أقل، مع إدراكها أن التصفيق لا يغني ولا يسمن من جوع، وهو لن يجلب رصاصة جديدة لمقاتل ولا قطعة خبز لجائع ولا يبدو أن أحداً يعمل للانتقال إلى مرحلة اخرى مهما كانت بسيطة مما طالب به الضيف كشرط من شروط النصر، وهؤلاء لم يتعبوا انفسهم اكانوا دولا ام احزابا ام افراد بالتفكير بفعل يساهم ولو بجزء يسير من شروط تحقيق الانتصار وحماية الدم الفلسطيني على ارض غزة والقسم الثاني من اطراف المقولة هم الاخطر من اولئك الذين لم يكفوا حتى اللحظة عن توجيه اصابع الاتهام لحركة حماس وكتائب القسام ويحملونها ووحدها مسؤولية المقتلة، بل ويكادون يبرئون الاحتلال ومن معه من هذه الجريمة دون ان يفكر ايا منهم ان الاحتلال قائم على ارضنا منذ نهاية الحرب الاستعمارية الاولى وصدور وعد بلفور وان دولة الاحتلال ارتكبت من المجازر والجرائم ملا يمكن حصره او تعداده حتى قبل وجود حركة حماس وغيرها وان مهمة تحرير فلسطين لم تمسح من اسماء فصائل فلسطينية حتى الان ولا زالت تذيل اسمها بعبارة "لتحرير فلسطين"، وما كانت ولا كانت تلك الفصائل قد شاورت أحداً عما فعلته في عديد المراحل من تاريخها وما جلب من مذابح ومجاز ضد شعبنا وامتنا العربية.

إقرأ أيضاً: الهتلرية الصهيونية ومقتلةُ غزة

إنَّ التمترس الغبي في جبهة المقولة هذه ممن يدفعون عن انفسهم التآمر على المقاومة بالتصفيق او بالاتهام لن يذهب بحماس والجهاد والمقاومة بل وسيذهب بهم وبنا وبقضيتنا الى الجحيم ان لم نغادر مقاعد المقولة الملعونة هذه ونستجيب لشروط النصر وفي مقدمتها وحدة الكل الفلسطيني والعربي والاسلامي والانساني ممن يؤمنون بحق الشعوب بحريتها وحق البشر بالحياة.