يتصف المجرمون بصفات لا يمكن لأحد أن يمتلكها معاً، فهم أذكياء استثنائيون، بحيث تكون معدلات ذكائهم عالية ونادرة، وموهوبون إلى درجة قدرتهم على تسخير ذكائهم في حالات استثنائية ومعقدة، كما أنهم بارعون في فهم الآخرين والتلاعب بهم، مستخدمين نقاط ضعفهم، وما يعرفونه عنهم من معلومات. وإلى جانب ذلك، فهم أشخاص لا يعرفون للندم طريقاً، ومهما كانت أفعالهم أو أقوالهم مرفوضة أخلاقياً، فهي لا تجعلهم يعرفون ندماً أو معنى لتأنيب الضمير، مما يجعلهم يتصفون بوقاحة منقطعة النظير، وعادة ما يصاب هؤلاء بنرجسية وأنانية مفرطة وبجنون الارتياب والشك.

في ثلاثينيات القرن الماضي، عاشت ألمانيا أسوأ الظروف الاقتصادية بعد هزيمتها المدوية في الحرب الاستعمارية الأولى، مما جعل التطرف هو سيد الموقف هناك، ما دفع برئيس الدولة إلى تعيين أدولف هتلر كمستشار للرايخ، وهو الحاكم الفعلي، وهذا يعني أن هتلر لم يأت إلى الحكم عن طريق الانتخاب، بل تم تعيينه في 30 كانون الثاني (يناير) 1933 من قبل الرئيس الذي توفي في العام 1934، فسيطر هتلر على منصبه ودفع بالجيش إلى أداء يمين الولاء الشخصي له، فجمع بذلك بين ثلاثة مناصب هي رئاسة الدولة ومنصب المستشار (رئيس الحكومة) وقائد الحزب، أي أنه أصبح زعيماً مطلقاً، ومثل هؤلاء الزعماء عادة ما يندفعون إلى إشغال بلادهم بقضايا جانبية تتيح لهم ممارسة دكتاتوريتهم بدون رقيب، ويختارون في سبيل ذلك أشخاصاً ضعفاء وتابعين وراغبين بالسلطة أو شغوفين بها حد الانصياع كلياً لمن يمنحهم ذلك وقبول قيادتهم ما دام يحقق لهم رغباتهم الشخصية أو العقائدية، ووصل الأمر بهتلر إلى قيادة المانيا إلى حرب كارثية سعى إلى توسيعها بلا حدود تحقيقاً لأهدافه الشخصية ونزعاته السلطوية.

الحق للأقوى؛ هذه خلاصة رؤية نيتشه التي أمسك بها هتلر دون أن يقرأ روحها على الإطلاق، ذلك أن نيتشه كان يرى في القوة جانبها الإنساني الخير، ولم يعتبر أن السيطرة على الآخرين هي القوة، بل ان هتلر والنازية هم من منحوا ما قاله نيتشه هذا المفهوم، وجعل القوة تفسر على أنها القدرة على السيطرة على الآخرين وإخضاعهم بالقوة، ولأن نيتشه اعتبر إرادة الإنسان هي مصدر قوته وقدراته، وهو ما جعل هتلر يرى ذلك بنفسه مفسراً نيتشه على هواه، وهو لهذا سعى إلى إجبار العالم على الاقتناع بما فهمه زوراً وهو ما جعل العالم يلعن نيتشه، لأنهم اعتقد أن أفكاره هي من قادت العالم إلى الدمار في الحرب الاستعمارية الثانية. وبعد هزيمة النازية، أعاد العالم قراءة نيتشه بعيداً عن فهم النازية وتفسيرها لفلسفته بما يخدم أمراضها.

قد لا يكون عدم الفهم خطراً أبداً، فالجهل قد يجعل صاحبه يتنحى جانباً ان كان سوياً، لكن الخطر في إصرار الجاهل على الفهم وإلزام الآخرين بما فهم مستخدما سطوة قوته لا قوة حجته وإرادته، وهو ما فعله هتلر مع العالم عبر تفسيره الأخرق لفلسفة نيتشه، وهذه الجزئية تمتد جذورها عبر التاريخ، فاليهود الذين لم يفهموا تعالم السيد المسيح وشوا به حد التحريض على قتله، وكذا فعل الإغريق الذين لم يستوعبوا ما كان ينادي به سقراط فسمموه، والحكاية على هذا الحال تطول في كل العصور والأزمان.

إقرأ أيضاً: كيف أحبط الإعلام الرقمي البروباغاندا الغربية

يبدو أن العالم اليوم أمام شخصية أخرى مكررة تستلهم هتلر في قراءتها للتاريخ والدين، فحين يحرض بنيامين نتنياهو على البشر باسم الدين ويستخدم التوراة ويواصل التعالي عن كل بني البشر ويدعو الجميع إلى الالتزام بما يقول ويمنعهم من الاعتراض على ما يفعل لم يكن ذلك بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر). بل قبل ذلك بكثير، ولنحاول أن نضع النقاط على الحروف لترى كيف صنع نتنياهو من شخصه هتلر ودكتاتوراً جديداً في دولة ظلت تتباهى أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق، وأنها الاقوى والأكثر أخلاقية، إلى أن جاء نتنياهو الذي عمل رئيساً للوزراء لأطول فترة في تاريخ دولة الاحتلال، وقدم نفسه كقائد مطلق لا بديل له، وأقنع العديدين من حزبه بذلك، بل وكاد يقنع حتى معارضيه، وقاد دولة الاحتلال لأكثر من انتخابات كان سببها الوحيد أنه لا يريد التنازل عن مكانته الشخصية، واستخدم التآمر والفساد وكل ما أمكن في سبيل أن يظل حاكماً، وفي حكومة اليمين الفاشي الأخيرة قدم تنازلات غير عادية لهواة في السياسة وفاشيين في الفكر مثل سموتريتش وبن غير وفاسدين مثل ارييه درعي فقط لأنهم لن ينافسوا زعامته ويسعدون بدعمه ما دام يضعهم في الحكم ويستجيب لرغباتهم بالمعنى الشخصي أو العقائدي، ومع أن شهور حكمه جميعها حتى السابع من تشرين الأول (أكتوبر) كانت حرباً داخلية متواصلة على الانقلاب القضائي وإطلاق يد المتطرفين الدينيين وإشاعة الفساد وسرقة الميزانيات ومحاولة إسقاط الديمقراطية واختطاف دولة الاحتلال لصالح المتطرفين، بما في ذلك إدارة الظهر للدولة العميقة المتشكلة بتحالف العسكر والليبراليين والقوميين، إلى أن جاءت معركة السابع من تشرين الأول (أكتوبر) لتكشف لدولة الاحتلال حجم الخلل الذي صنعه نتنياهو وعصابته بدولتهم، وبدل أن يعترف بخطئه ويتنحى، ذهب إلى حالة إنكار للواقع ومواصلة اختطاف دولته، بلعب دور الزعيم الأوحد والقائد الملهم.

نتنياهو الذي تلقى أفكاره الصهيونية القومية من والده الذي كان سكرتيراً لجابوتنسكي زعيم الحركة الصهيونية التصحيحية ومن شقيقه الاكبر الذي قتل في عملية عنتيبه ومن الفلسفة الرأسمالية المعادية للشرق والشيوعية وفي هذا الخليط من الفكر القومي الصهيوني المتطرف الذي يبتعد عن الفكر المؤسس لحركة الصهيونية التي حاولت صياغة فكر خليط من الاشتراكية والقومية والليبرالية وعرضها في ذلك الفكر اليميني القومي في الحركة الصهيونية الذي انتمى اليه والد نتنياهو والذي اكتسب إلى جانبه الفكر الرأسمالي الذي يحارب الاشتراكية والشيوعية فصاغ لذاته فكراً جديداً يقوم على المقاربة بين الغرب الليبرالي والقومية الصهيونية ومحاولة إنتاج مشترك بينهما، وهو ما جعله يصور جريمته على غزة بأنها حرب ضد الشر وقدم نفسه ودولة الاحتلال على انها ممثلة رسمية في الشرق لحضارة الغرب واعتبر حربه كذلك ايضاً مما جعل الرئيس الأميركي جو بايدن يقف إلى جانبه بالرغم من عدم الانسجام الشخصي، والتقت مصالح الاشرار جميعاً على شخص نتنياهو، فبايدن يريد لهذه الحرب أن تهزم من حطموا مشروعه الشرق أوسطي وعصابة سموتريتش بن غفير يريدون لهذه الحرب أن تحقق احلامهم الشوفينية واعوانه في الليكود لا يريدون ان يخسروا مجدهم السياسي وحتى غالانت وزير دفاعه فقد وجد نفسه محشوراً مع نتنياهو في نفس الزاوية كمتهم رئيسي بالفشل، وهذا السبب ذاته الذي جاء بغانتس وايزنكوت إلى الحكومة، كونهم سيكونون متهمين بالفشل لأنه لم يمض عشرة شهور على مغادرتهم الحكم قبل ان تأتي هزيمة السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

لقد فسر هتلر نيتشه ليخدم أغراضه واغراض حزبه المجنونة لصالح بلاده كما يرى، بينما استحوذ نتنياهو على التوراة ونصوصها والفاشية الصهيونية واغبيائها وجنون السيطرة لدى أميركا ومصالحها وخوف بايدن من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب واستغل ذلك جميعه وصنع له شعارات سياسية وايديولوجية مستخدما ابادة الشعب الفلسطيني وسيلة لإثبات شعاراته التي تخفي جنوناً وارتياباً وخوفاً على الأنا لا أكثر، تدفعه لان يستخدم كل شيء لحماية أناه حتى لو تم تدمير الكون بما في ذلك دولة الاحتلال نفسها والولايات المتحدة ومصالحها، وبذا تراه يقدم توضيحات وشعارات ولغة خطابية تبدو وكانها تحمل رسالة حضارية يبرر بها مواصلة المقتلة والمظلمة الابشع في التاريخ ضد الشعب الفلسطيني.

إقرأ أيضاً: هل يمكن للذكاء الاصطناعي توقع الموت... حقاً؟

ان حقيقة الامر ان نتنياهو في جريمته المتواصلة على قطاع غزة دون انقطاع قد ازاح الستار عن حقيقة غابت منذ نهاية الحرب الاستعمارية الثانية وسقوط هتلر وهي ان العالم تحكمه شريعة نيتشه نفسها المقروءة من مبتورين يمينيين كهتلر ان العالم يحكمه الاقوياء، وأن القوة تعني إخضاع الآخرين والسيطرة عليهم لتصبح الحقيقة اليوم هي ان القوة هي شريعة الغاب وان ما يحكم العالم هو هتلر نفسه بعد ان عدل الاقوال ولم يعدل الافعال وكما كانت الحرب العالمية الاولى هي الحرب الفاصلة بين العالم المجرم بقيادة هتلر والعالم الحر بقيادة أميركا فإن ما صنعته كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية هي انها أزاحت الستار عن حقيقة هذا العالم وحقيقة شريعته وفضحت كل ستائر الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان التي تغلف حقيقة الشر والنهب والاستيلاء والسيطرة كهدف أميركي أوحد لا ثاني له، وما جاء به السابع من تشرين الأول (أكتوبر) هو تأسيس لعالم جديد ينبغي لقوى المقاومة ان تشكل نواة العصر الجديد والعالم الجديد الذي يمنح الضعفاء حق الصعود إلى خط مستقيم أعلى يوحد بين مكانات البشر وواجباتهم وحقوقهم ويجعل ثروة الارض حق لأهلها جميعاً لا للأقوياء منهم ويقضي على شريعة الغاب ويلغي مكانة الشرطي لجهة على كل الجهات أو لبلد على كل البلاد.

قد يكون هتلر قد غاب بمعنى الجسد، ولكن إلهامه ظل حياً للمجرمين، وخصوصاً لمن عانوا من ويلات جرائمه، فعادة ما يعجب الضحية بجلاده ويحاول تقليده بشكل دائم لعله يصل إلى مستواه وهي عادة الاحساس بالنقص في الذات والقوة تجاه من استعبده ومارس الفعل الاجرامي بحقه هو الضعيف الذي لا حول له ولا قوة وهو لذلك تترسخ لديه القناعة ان الضعيف لا حق له بالحياة وان الحياة فقط من حق القوي وهو ما عاشه في واقع الحال والذي سيحاول استلهامه في حياته وفي تعامله مع الاخرين وبما يمنحه لذة الاحساس بالنشوة والقوة وهو يمارس ابشع انواع القهر ضد الضعفاء والحرص على نفاق الاقوياء والبقاء بعيدا عن سطوتهم وجبروتهم او التحول إلى خادم لهم يستخدم غطائهم ليحصل على قوتهم لذاته وهو ما يمارسه نتنياهو بقبوله بمكانة القاتل الماجور هو وعصابته لصالح من مارسوا ابشع انواع القهر لأبناء جلدته.

إقرأ أيضاً: هل يسرقون المطر الإيراني؟

دولة الاحتلال تحصل على ثمن دم اليهود الذين قتلتهم النازية من المانيا وتصادقها وكذا تفعل مع كل الدول التي اضطهدت اليهود عبر التاريخ وتحاول تقليدهم ضد شعب اعزل هو الشعب الفلسطيني والفلسطيني يدفع ثمن عقدتين بشريتين الاولى عقدة المضطهد الضعيف الذي لاقى كل الويلات من الغير والثاني عقدة الكاره لليهود الذي يرغب التخلص منهم بحمايتهم تكفيراً عن جريمته، وهنا تلتقي مصالح الضحية والجلاد بتبرير جريمتهم وحماية اهدافهم ضد الشعب الفلسطيني الذي بات ضحية القاتل والمقتول في جريمة سابقة، ليصنعوا معا جريمة التاريخ التي التقت عليها كل المصالح بلا استثناء، فصار الكون قاتلاً وصار الشعب الفلسطيني الضحية المصرح بموتها لمن أراد قتلها، ولم يبق للفلسطيني الساعي للخلاص من نصير لا في عروبته ولا في اسلامه ولا في انسانيته، والحقيقة الوحيدة ان الذي يذود اليوم بدمه ويده وصوته عن يوسف الفلسطيني كي لا يغيب في الجب هم فقط احزاب الله وانصار الله وآيات الله.

في كتابه "مكان بين الأمم" يحمل نتنياهو الحلفاء والعالم الذين حتى لم يحاولوا انقاذ ابناء جلدته من المحرقة النازية وها هو اليوم يرى ان نفس العالم الذي صمت عن حرق ابناء جلدته يصمت عنه في جريمته الابشع على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، وان هذا العالم أيضاً هذه المرة لم يحاول انقاذ شعب بأسره من مذبحة يرتكبها هو نفسه، وهو الذي تشبع من والده فكرة ان الكل ضده وهو بالتالي يردد دوما وفي كل مناسبة عبارة التهديد الوجودي وفي تركيبته النفسية المعزولة والانانية والمرتابة يقصد بذلك وجود ذاته ووجود دولة الاحتلال بمعنى انه لا هو يثق بكل الاخرين وان على دولة الاحتلال ايضا ان تكون كذلك وهو لهذا يصر دائما على تكرار كلمة الارهاب وصبغها بالجميع من الفلسطينيين إلى ايران وكل من يقول لا لإسرائيل وهو يساوي بين معادة دولة الاحتلال ومعادة السامية ويعتبر دولة الاحتلال والسامية اسمان لموضوع واحد نافيا السامية عن كل من هو غير يهودي. وعلينا ان لا ننسى ان المدرسة الفكرية لوالده ووالدته هي مدرسة جابوتينسكي صاحب مقولة "التاريخ تصنعه الاحذية الثقيلة"، ولدى نتنياهو كل ما يؤيد فكرته هو صحيح وما دام يخدم مشروعه والمشروع الصهيوني الاكثر يمينية وبذا يستخدم اقتباسات فهو يستخدم اقوال للحاخام الاسباني يهودا هليفي الذي يعتبر الاقامة في ارض اسرائيل واجب ديني على كل يهودي، ولتعظيم اليهودية يستخدم رأي ملحد مستشهداً بفريدريدك الاكبر الذي طلب من طبيبه اليهودي أن يأتيه بما يثبت وجود الله فقال الطبيب "وجود اليهود هو الدليل على وجود الله".

إقرأ أيضاً: رهائن لدى الولي الفقيه

لم يكن هتلر قاتلاً لليهود فقط، بل كان قاتلاً لأبناء شعبه، فقد قام بالتخلص من 5000 طفل ألماني من المعاقين باستخدام نفس أفران الغاز أيضاً، وكذا فعل مع آلاف من ذوي الاعاقات او الامراض النفسية على قاعدة ان ما يصرف عليهم لا فائدة منه ومن الافضل ان تصرف الاموال على الافضل وليس على عديمي الفائدة، بينما قتلت اليابان من الصينيين عبر استخدام البشر لتجاربهم الجرثومية ما بين 3000 – 250000 شخص حسبما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" في الفترة الواقعة ما بين 1937 – 1945، وفي تاريخ أميركا الأسود حدث ما يحدث في غزة، فقد اودت الحرب الاهلية هناك بحياة حوالى 620 الف انسان، والقائمة تطول وتطول، وبالتالي فإن إلصاق الجريمة باسم هتلر هو اختزال لأسماء كل المجرمين عبر التاريخ، ولن يشذ نتنياهو عن ذلك الذي وجد في آخر حياته ضالته ليس باليمين القومي الذي يمثله في حزب الليكود بل بالصهيونية الدينية الاكثر عنصرية وتطرفاً، وتنازل عن علمانيته لصالح انانيته التي يشبع غرورها سموتريتش وبن غفير وصهيونيتهم الدينية ولن يكون نتنياهو بعيداً عن هتلر وهو يعلن عدم اكتراثه لأبناء جلدته الموجودين بقبضة المقاومة في غزة حتى لو تم التخلص منهم بقذائف جيشه او بمنعه الماء والغذاء والدواء عن كل قطاع غزة مما سيجعلهم عرضة للموت مع اهل غزة ولا يعني ذلك له شيئاً على الاطلاق.

سقطت كل المسلمات على الاطلاق فلم يعد للوطنية معنى فهناك من الفلسطينيين من يهمه ان منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني اكثر من اهتمامه بدم هؤلاء الذين يدعي تمثيلهم ومن العرب من لا يرى بعروبته سببا لحماية الفلسطينيين كعرب ومن المسلمين من لا يرى ان اسلامه يجبره على حماية المسلمين ومقدساتهم بما في ذلك اولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين ولا من المسيحيين من يرى أن دينه يوجب عليه حماية مقدسات المسيحية بما في ذلك اقدس مقدساته في القدس وبيت لحم ومن البشر من يرى ان انسانيته تلزمه بحماية انسانية وحياة أخيه الانسان.

إقرأ أيضاً: حرب السيوف الحديدية واليوم الذي سيلي

ان ما يجري على ارض غزة اليوم ليس محرقة ذلك ان الحرق يحتاج إلى اشعال النار وادارة الظهر فلا يرى الحارق ما يحرق وليست مظلمة فالظلم يمكن ان يقع دون النظر في وجه المظلوم او ادراك معاناته فالظالم قد لا يلتقي المظلوم وجها لوجه وهو عادة ما يصم اذنيه عن صرخات المظلوم ويستمع لتصفيق منافقيه ومن يقدمون له التبريرات لجرائمه ويخضعون له كل شيء فليس هتلر من فسر نيتشه ولا موسوليني من فسر ميكافيلي بل هم خدم البلاط من الملوثين المرضى بعقولهم ونفسياتهم وادعياء ادعياء الفكر الكارهين للإنسان السوي لأنه لا يشبههم ولا يشبهوه ومجرد وجوده يكشف عورة تفكيرهم، وبالتالي فان التوصيف الاوضح لما يجري الان على أرض غزة أنها المقتلة فالذين يذبحون هناك علناً وعلى رؤوس الأشهاد ويتم التخلص من حياتهم، والقاتل يرى عيونهم او غرف نومهم بكاميراته، وينقل هذه الرؤيا لكل العالم الذي يعتبر مشاركاً لأنه يرى ويسمع ويعرف ويحس تماماً كما يفعل من يسقط 50 كغم متفجرات على رأس كل انسان في غزة مهما كان عمره أو جنسه، ويكفي انه يعيش على ارض غزة بما في ذلك اليهود المأسورين لدى المقاومة في غزة.