ما هو حقيقة هؤلاء الذين رفضوا الدخول في الإنتخابات العراقية، لحد الآن على الأقل، و هل منطلقاتهم هي حقّا وطنية و دينيّة؟!! أم أنّ هناك أُمورا أُخرى وراء المواقف المُـعلنة؟!!، إن الحقيقة الأولى التي أود أن أُلفت نظر العراقيين إليها حول حقيقة من يقف بالضد من أول خطوة للديمقراطية، هي أن وجـود الجيش الأمريكي و قوّات التحالف في العراق، كعامل للطعن في شرعية الإنتخابات، هو مجرد حجّة لاستمرارية العنف و الإرهاب و القتل و أن مسلسل العنف سيزداد قسوة إذا خرجت قوات التحالف كونه سيخلق للبعثيين و من وراءهم من حشرات السلف الطالح أملا في الوصول إلى دفّة الحكم، و المؤسف أكثر أن نجد الضحايا (( الشـيعة قبل غيرهم )) يوفّـرون لقاتليهم الحجّة الأنسـب لتواصل النزيف، كمثال وجدت الأُستاذ الأخ '' نزار حيدر،، خلال لقائه الأخير مع السيد سالم مشكور ـ على قناة الحرّة ـ وفّر للسيد فخري القيسي، و هو أحد معارضي الإنتخابات و أحد المشاركين في البرنامج، الحجة القوية لتدعيم الإرهاب الذي يسمّونه (( مقاومة )) من خلال تكرار كلمة '' إحـــــتلال،، على لسان السيد نزار حيدر، و هو أمر يتكرر مع أكثر من علم من أعلام السياسة و الثقافة لدى العراقيين الشيعة، الواضح أن العقد النفسية ‘‘ الملبوسة بلباس الدين،، و محاولة إنكار فضل قوات التحالف في إسقاط الصنم البعثي يهدّد، لا المرحلة الحالية فحسب، بل يهدّد مستقبل الديمقراطية في العراق ككل، فبينما هناك أجزاء من البلد تتهدّدها أخطار حرب أهلية عرقية قومية عنصرية لا تبقي و لا تذر، يحاول لفيف من الإسـلاميين (( الشيعة بالذات )) إضافة بهارات أُخرى إلى الدولة العراقية، تارة تحت ستار ‘‘ إحترام المظاهر الإسلامية،، و تارة تحت عنوان ‘‘ الهُـوية الإسلامية،، مما يعني فرض مظاهر و قوانين تنذر بانزلاق العراق نحو (( ولاية فقيه )) مقنّعة و غير معلنة، إن هذا التعلق بزوايا فكرية معينة كالقومية و الدين و غيرها من الآيديولوجيات ليست في مصلحة أحد، و إذا كان المطلوب خنق الأفكار باسم الدين مرّة و باسم القومية مرّات، فإن المذهب الشيعي نفسه سيتم إلغاءه، مستقبلا لا سامح الله، بحجة أن الشيعة يطعنون في قضايا هي تعتبر من أقدس المقدسات لدى المذهب السنّي ـ كما حدث أيام النظام المقبور ـ لذلك كان على الشيعة، قبل غيرهم، أن يكونوا حريصين على إنشاء دولة علمانية مائة بالمائة، على أن لا تكون علمانية تقف بالـ(( ضد )) من الدين، إن الإبقاء على كثير من مساويء النظام المقبور و سياسته دون تغييرها و إلغائها ينذر أيضا بأن المياه العراقية ستبقى آسنة و راكدة، كمثال نجد العراق الجديد لا يزال يعترف بشيء اسمه ‘‘ دين الدولـة الرسمي،، أو يعتبر إسرائيل ‘‘ دولة عدوّة،، و يعتبر عرب العراق جزءا لا يتجزأ من شيء اسمه
(( أُمة عربية )) و بالتالي العراق هو دولة مصطنعة ‘‘ قابلة،، للتفتيت في أي وقت، نحن العراقيون لسنا شذوذا من القاعدة الشرقية ـ التخلف و الجهل و الإنغلاق ـ بل نحن في أحسن الأحوال سننشيء ‘‘ ديمقراطية عرجاء،، أو ‘‘ عوراء،، أو لنقل ‘‘ شـوهاء،،.." فمفهوم المواطنة في دول العالم المتحضر (( الغير إسلامي )) مختلف تماما عنه من عالمنا (( المتدين بإسلام منافق ))، فالمسلم هناك في الغرب يتحرك داعيا إلى دينه بحرية كاملة لا حدود لها، لو لا أحداث سبتمبر التي تسبب المسلمون المتوحشون فيها.." بينما في بلادنا يكفي للعامل الأجنبي أن يذكر اسم ‘‘ يسوع،، أو يثير سؤالا حول بعض القيم الإسلامية ليحكم عليه بالموت ‘‘ اغتيالا،،!! فأين آيات القرآن الكريم { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي.. فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر } أين تطبيقهم لهذه الآية؟!! و كلنا رأى كيف أن كتابا ســخيفا كـ(( الآيات الشيطانية )) حاز على كل الضجيج السنّي و الشيعي على حدّ سواء و تسابق الطرفان في أيهما يصدر فتاوى أكثر شراسة و عنفا و تحريضا على القتل، سلمان رشدي كان يعرف مدى انحطاط العالم الإسلامي لذلك لعب على الوتر الحساس و نال الشهرة التي حلم بها، نحن لم نبتعد عن الموضوع، بل نحن في صلبه، ذلك أن أحسن التجارب الإسلامية ‘‘ التجربة السياسية الإيرانية،، أكدت أنها هي الأُخرى تجارب شعاراتية فاشلة، هذا عدى التجربة السلفية الطالبانية الأكثر ‘‘ ظلاميّة،، في التاريخ من حيث تبنيها للتخلف بكل نواحيه و تسميته باسم الإســلام
ـ باستثناء الجانب العسكري التدميري الذي كان مطلوبا شهيا لهؤلاء المتوحشين ـ أخيرا و ليس آخرا نحذر العراقيين من أن تصلب الأطراف، الشيعة و السنة و الأكراد، و محاولة كل طرف وضع خطوط حمراء و على الآخرين عدم اجتيازها، هو بمثابة نسف العراق و تدميره كليا، و هو ما نرجوا أن لا يحدث.




التعليقات