(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين* إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم اللّه الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الخائنين). الفلوجة، المدينة الباسلة المجاهدة الصابرة، وقفت في وجه القوة العظمى في العالم وعاشت الحصار وأعدت قوات الإحتلال العدة لحربها وكأنها تعد لمعركة فاصلة ، وكشفت الحملة العسكرية على الفلوجة عن مقاومة شرسة ومسألة أخرى لم توردها وسائل الإعلام وهي أن
أهالي المدينة شكلوا لهم
سلطة
مستقلة ، ولم تنجح المفاوضات من إعادة بسط الحكومة المركزية سيطرتها على المدينة لذا تعرضت المدينة لكل أشكال التدمير بحجة أن الزرقاوي وجماعته يعيثون في المدينة فساداً وللإستفادة من أسطورة الزرقاوي لإتخاذه حجة أخرى لتدمير مدينة أخرى فقد قيل أنه هرب قبل أن تحكم القوات الغازية سيطرتها على المدينة ، ما حدث في الفلوجة "ملحمة الجهاد والفداء"، إذ واجه المدنيون العزل والمقاومون بأسلحتهم البدائية وأجسادهم أعتى جيوش العالم التي لم تكتف بقصف الطائرات والصواريخ وكل الاسلحة الفتاكة التي تمتلكها، وإنما لجأت ايضا للأسلحة المحرمة دولياً ، جاءت معركة الفلوجة بعد معركة سامرّاء، التي قامت من خلالها قيادة المقاومة بجرّ قوات الإحتلال إلى المدينة من أجل اسقاط جوهر الخطة العسكرية في العراق، وهي تجنّب الوقوع ضمن مرمى أسلحة المقاومة واستخدام الشرطة العراقية كدروع بشرية تحمي قوات الاحتلال من نيران المقاومة ، وليس غريباً أن تقوم جماعات المقاومة بإستعادة السيطرة على مراكز الشرطة في الموصل خلال ساعتين وتبقى الحرب سجالاً بين مقاومين وغزاة وكأنما الموصل أصبحت لها حكومة مستقلة عن الحكومة المركزية في بغداد ومناطق الأكراد تشهد هدوء نسبي وسلطة مستقلة لايسري عليها قانون الأحكام العرفية الذي أصدره رئيس الوزراء المؤقت ، ومناطق الشيعة في الجنوب إلتزمت الصمت تجاه أحداث الفلوجة وكادوا ينسون ما ألم بهم من أحداث في النجف عندما هبت الجماهير لنجدتهم ونصرتهم من كل حدب وصوب لدعم مقاومتهم ولكن شيعة العراق واهمون إذا إعتقدوا أنهم سيتسلمون سلطة أو حكم إذا دخلوا الإنتخابات معتمدين على كثافتهم السكانية وذلك لأن أمريكا دفعت قواتها للعراق وقدمت الخسائر البشرية والمادية ليس من أجل تسليم الحكم لتيار شيعي ولكن لواشنطن شيعتها الخاصون بها ويأتمرون بأمرها وتستجيب للإملاءات والشروط التي تفرضها وبالتالي لايمكن أن تكون هذه الإنتخابات نزيهة في ظل قوات غزو وإحتلال مهما قامت بالترويج لعراق حر وديموقراطي وجديد يختلف نظامه عن النظام العراقي السابق، وانه عراق “حضاري” ، مادام أمريكي الهوية والتوجه، ويخدم مصالح “اسرائيل” أيضاً.

ومما تقدم نستطيع أن نستنتج أن هذه الحرب ماهي إلا مقدمة لتقسيم العراق لتصبح كل محافظة دولة مستقلة ،مما ينذر بنشوب حرب أهلية طاحنة ولاسيما أن حمامة السلام التي كانت تحمل غصن الزيتون إختفت من سماء العراق وأستبدلت بطائرات الأباتشي وهذا يعني أن غصن الزيتون تحول الى قذائف وصواريخ تحملها هذه الحمامة الأمريكية الصنع ولن تخلف وراءها إلا النار والدمار وقصف للأعمار ومن الغريب اننا نسمع عن إعادة الإعمار فهل يجدي إعادة الإعمار بعد قصف الأعمار.

مصطفى الغريب – الرياض