هامش على الأنتخابات القادمة

وادي الرافدين كما هو معروف متألِّفٌ من شعوب قوية راسخة لايمكن تجاهلها تحت أي مسوغ تاريخي او ديني او مذهبي او عنصري ! والشعوب هي العرب والكورد والتركمان والكلدان والآشوريون والصابئة والإيزيدية , وكما نرى فثمة شعب ينتمي الى قوميته وشعب ينتمي الى دينه وكل شعب حرٌ في انتقاء الإسم الذي يصنف من خلاله ! فأنت مثلا لا تستطيع ارغام الصابئي على الإنتساب الى قومية ما ! كما انك لا تستطيع ان ترغم الكوردي على الإنتساب لدين ما !! الشعوب حرة في تصنيفها لنفسها وليس لأحد حق الوصاية عليها ! ولهذا فقد عرف الأشقاء الكورد (وجلهم مسلم متدين ) عرفوا ان التصنيف الديني اخذ منهم الكثير ولم يضف اليهم سوى العذاب على ايدي منتحلي الإسلام وما اقوى المنتحلين وأشد حضورهم في التاريخ والجغرافية ! الكورد مقبلون على تطويرات اكيدة تسهم في رخاء الكوردي برزانيا كان او فيليا أو شيوعيا او طالبانيا أو علاللاهيا ! ولسوف يحرص الكورد اشد الحرص على احترام الشعوب العظيمة التي تشترك معهم في مساحة كوردستان فالمظلوم لن يكون ظالما كما هو مفترض وهذه الشعوب هي التركمان والكلدان والآشوريون والفيلية ( والفيلية هم كورد اكتسبوا وضعا مأساويا بسبب من قوميتهم وبسبب من مذهبهم !! ) ! ونسبة ضئيلة من العرب المقيمين منذ اقدم العصور في كوردستان وليس الذين اغراهم صدام حسين بتغيير الطبيعة الديموغرافية ! كما ينبغي ان يحرص العرب في الوسط والجنوب على احترام حقوق شركائهم من الكورد والشيعة والسنة وكل الأديان السماوية والمعتقدات الفكرية وكل من يحمل الجنسية العراقية او كل مقيم في العراق منذ عشرة اعوام متصلة ! والقوميتان ( كلا على انفراد ) مسؤولتان عن احترام طقوس المسلمين والنصارى واليهود والصابئة
والإيزيدية وكل المعتقدات الدينية ! وتطبيق القوانين المدنية الحضارية في ظل المؤسسات والبرامج التربوية التي تبني الإنسان وترسخ قيم الديموقراطية لدى البسطاء ! ومن جهة اخرى فإن كوردستان تعرف انها مدافعة عن الكورد وكل الشعوب المتعايشة في مساحة كوردستان كما ان العربستانية وهي تدافع عن حقوق العرب وبخاصة الشيعة موقنة ان اراضيها بيت لكل الساكنين بها ! بمعنى آخر ان الدفاع عن الشعب الكوردي لا يدخل في مقولة خطاب التعصب القومي وانما في مقولة الخطاب الكوردي النبيل لحماية مواطني كوردستان مما يدبره لهم اعداء الشعوب وحقوقها في تقرير المصير ! وكذلك الدفاع عن العرب الشيعة والسنة ليس خطابا دينيا ولا مذهبيا ! السلطة لصندوق الأقتراع ! على ان ندخل التصويت للبرلمان ونحن نعلم ان البرامج الإنتخابية منحازة للحياة المدنية والنظرة العلمانية التي لا تعادي الأديان بل تحترم الأديان بشكل جدي ! نحن في هذا السيناريو نهدف الى حماية ابناء حوض الرافدين من شؤم حمامات الدم التي احرقت الضرع والزرع ! باسم الحفاظ على تراب العراق هذا التراب الذي تشبع بالدماء العراقية البريئة! ويشهد التاريخ ان العراق ( حوض الرافدين / ارض السواد ) لم ينعم منذ عرفته الذاكرة بعروق ( نسبة لعروق الشجر كما يقول العلامة مصطفى جواد ) او ايراك ( نسبة الى اوروك كما يقول العلامة طه باقر ) لم ينعم هذا البلد بالسلام على مر تاريخه ! ولم يحكمه سوى الغرباء وإن حكمه ابناؤه فهؤلاء ليسوا الشرفاءَ او الحكماءَ او الطيبين ! بل القتلة والسفلة والمعاتيه !! وجزء من هذا السيناريو يؤكد على ضرورة استعمال علم الجرح والتعديل المعتمد في معرفة الحديث النبوي الشريف: منحوله من صحيحه ! ضعيفة من قويِّه ! منقطعه عن متواتره ! نستعمل هذا العلم الجليل مع التاريخ فهو ( التاريخ ) محتاج اليه ايما حاجة لكي نعرف كم ضللنا المؤرخون فزرعوا في روعنا بطولة الجبان وسخاء البخيل وزهد الشره وتعفف الزاني ( بعماته كما تقول القصيدة التي اطارت راس بشار بن برد ) !! التاريخ اكثره كذب واقله مفبرك لصالح الحاكم ايا كان امويا او عباسيا او مغوليا او عثمانيا او صفويا أو بويهيا أو فاطميا أو أو .......... الخ

لنحاول التخلص من فكرة ان العراقي فدائي ابدي للعراق ( كان صدام حسين قد رفع شعارا عصابيا مؤداه ان كل عراقي هو مشروع استشهاد !! ) وأجرؤ على القول ان العراقي اهم من العراق والدم اقدس من التراب والسلام والمحبة اجدى من الحرب والكراهية ! يعلم الشيعة الأعزاء ان الخطاب الشيعي محارب ومتهم وملغى في اجندة المسلمين كافة منذ اغتيال امير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وحتى هذه الساعة وسيان في ذلك الحاكم والمحكوم ! وقد يكون المحكوم اشد كراهية والغاء للخطاب الشيعي ! ويعلم القاصي والداني ان شيعة العراق هم عراقيون دما ولحما وولاء ومن زعم انهم موالون لجمهورية ايران فهو احد اثنين اما جاهل او متجاهل ! نعم ايران شيعية وما الضير ؟ تركيا سنية فما الضير ؟ هل يتهم العراقي السني بالولاء لتركيا ؟ ان وجدنا من يتهم فهو اما جاهل او متجاهل !! العراقيون المسيحيون عراقيون دما ولحما وولاء وهل يضيرهم ان فرنسا التي قتلت مليون جزائري تدين بالمسيحية ! او ان امريكا او بريطانيا على دين المسيح ؟؟!! اذن لا ينبغي السكوت مثلا عن الخطر التركي الذي يسيل لعابه لكي يضم الموصل وكركوك الى التراب التركي ! الأتراك حكموا العراق بالجهل والحديد والنار باسم الدين قرابة ثمانية قرون ! الجيش التركي الحديث دخل الحدود العراقية مرات ومرات بالاتفاق مع صدام حسين لكي يقتل الشعب الكوردي ! لم ينتبه اليه من يتهم ايران وايرام مثلا لم تعتدي على اراضي العراق والصحيح ان صدام حسين هو الذي اعتدى على ايران باسم العراق كذبا وبهتانا !!! تركيا ذات العلاقات الستراتيجية مع اسرائيل لا يوجد متدين سلفي يهاجم تركيا ! وقد أراني مرة رئيس الدائرة
الجغرافية بجامعة الموصل في ثمانينات القرن العشرين خارطة لتركيا الكبرى تتضمن الموصل وكركوك ! نحن لا ننزه السلطات الأيرانية من محاولاتها المؤذية للتدخل في الشأن العراقي وفتحها الحدود لعبور الأرهابيين الى العراق ليفجروا الشيعي والسني معا بل ان الإعلام الأيراني ساند البعث قبل سقوطه ويروج له وللإرهاب بعد سقوط البعث !! اعود لأقول ان الخطاب الشيعي الآن يواجه اعتراضا شديدا لأن التربية الأسلامية اعتادت النظر الى الشيعة على انهم فرقة ضالة وانهم يفضلون عليا على النبي صلوات الله عليه وان الشيعة يتهمون جبرائيل بإيصال الرسالة الى محمد والمفروض ان يقدمها لعلي ويكررون خان الأمين ......... الى غير ذلك من الإدعاءات الباطلة وقد قرأت بنفسي هذا الإفتآت على الشيعة في مناهج المغرب الشقيق مع الأسف والمغرب ترفع شعار التقارب بين مذاهب الاسلام !!ولن يتغير الواقع الاسلامي نحو الشيعة بأقل من نصف قرن شريطة ان يتفهم الخطاب الشيعي الواقع الاسلامي المحيط به ويعدل ما امكن في بعض اطروحاته غير الضرورية او غير المنسجمة مع العصر ! ولو كان الأمر بيدي لدعوت المذاهب الإسلامية كافة الى اعادة النظر في مفرداتها والتخلص من الأطاريح غير الضرورية التي تتقاطع مع العقل والحضارة !!

اذن التفكير بإقامة دولة دينية في العراق لن يجلب للمسلمين سوى الدمار المطبق وللعراق سوى المذابح ! وبخاصة ان الأكاذيب الظالمة تنسب الشيعة العراقيين الى غير العراق مع الأسف الشديد ! والأكاذيب الظالمة التي تنسب السنة العراقيين الى الوهابية وابن لادن ! وهو قول مناف للحقيقة !فلو كان الأمر بيدي لطرحت قائمة اسمها عراق ديموقراطي فيها الأسلامي والشيوعي والمتدين والعلماني ! والمسلم والمسيحي ! واحتمالات فوز هذه القائمة وتعاطف الشارع معها ممكنة جدا جدا ! لكن اشكاليات فرض نظام ديني بقوة السيف الذي استعاد مجده بعد اغفاءة قرون !هذه الإشكالية جلبت للسنة والشيعة غضب الدنيا على الإسلام !! شعوب وادي الرافدين شعوب تتفاعل مع التطورات الحضارية وتتماهى مع الحياة المدنية التي تقول دينك لك ولكن الوطن لنا جميعا ! والمطلوب من الفكر الديني ان لا يحلم كثيرا كما هو المطلوب من الفكر القومي ! وليعلم المتدين انه في دولة القانون المدني اكثر امانا على نفسه وعياله ودينه من دولة تطبق الشريعة الأسلامية !! الشريعة اية شريعة ؟ شريعة بن لادن ام شريعة الزرقاوي ام شريعة مقتدى الصدر ؟ شريعة المالكي ام الجعفري ام الحنفي ام الشافعي ام الحنبلي ؟ ان تكرار تجربة الأنتخابات الجزائرية وفوز القائمة الدينية وما لحق الجزائر من حمامات الدم المستمرة حتى الآن ينبغي ان نضعها نصب اعيننا حتى لا يتكرر السيناريو الدموي !! والأمثال تقول
: الغبي من جرب بنفسه والحاذق من تعلم من تجارب غيره وللحديث صلة .