الاردن.. بلد يلعب على جميع الاطراف بعيدا عن الاضواء.. بلد حظا بحصة الاسد من العقود التجارية مع العراق، والغريب ان ذلك ليس في زمن صدام.. الاردن بلد ما فتئ كما كان سابقا مصاصا للدماء العراقية في السرّ والعلن، وتحاك فيها عناكب العقول المفخخة ليس بعيدا عن القصر الملكي الذي يرفع بين فترة واخرى مفاجئة اللافتات السياسية التي تستفز من لا يرغب فيهم اولاد الملكة نور واحفاد الملك طلال.
في وقت يرفع الشعلان والرئيس ياور لافتة المزج بين سوريا وايران فقط واؤكد على مفردة
( فقط ) وكأن الاطراف الاخرى مسكوت عن مخاطبتها مع سبق الاصرار.
الملك عبد الله لا يخشى من ردود افعال تضرّ في مصالح الاردن وذلك حينما راهن رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي على الطرف الاردني فقط من بين الدول المجاورة مما جعله يضع اوراقه جميعها في سلة مملكة ذات شعار معروف ( الله، الملك، الوطن ) وحينما تكون الخارطة السياسية بين العراق والاردن على شاكلة من هذا النوع من الطبيعي جدا ان يلوّح ابناء الملكة نور في تصريحات الهلال الشيعي ويضفوا على الحالة العراقية صورة مشوهة اثيرت في السابق عن ايران في نهاية السبعينات بغية محاصرة التجربة العراقية وعزلها دوليا واقليميا.
ذلك الهدف يكون قريبا جدا في تصور المملكة الاردنية حينما يضفوا على العراق الجديد صبغة آيدلوجية تعيد الاذهان الى انكماشة المماليك في المنطقة تجاه التجربة الايرانية طيلة الفترة الثمانينية.
وقبل ان نقسوا على الاردن دعونا نتعض ونقسوا هذه المرة على الذات الجريحة.. نعم فالاردن تملك يدا قوية في العراق ليست في تجربة البعث وجماعات الذبح فحسب بل في قمة الهرم الذي لا زال يرد الجميل الى المماليك وبطريقة مذلة ( للاسف الشديد ) فالحكومة العراقية ( التي نشد على يدها رغم جميع الهفوات ) يمثل فيها الجانب الاردني نقطة الضعف القوية التي لم تعالج، ويبدو انها لن تعالج في القريب العاجل والا فالاردن بلد يستجدي المساعدات في مقابل المواقف ولو استثمرت عصى المصلحة والعقود التجارية لتحولت جيوش الاردن في خندق الحكومة العراقية في لحظة واحدة.
الاردنيون عاكفون هذه الايام حكومة وصحافة ومفخخون على ضرب الانتخابات والحالة العراقية بشكل عام في وتر طائفي بعيدا عن الغموض، واضح جدا، يصرح للجميع برفض طائفة معينة بطريقة تبعد الاعلام الاردني حتى عن المهنية والحياد ولا يقنعني احد في هذا الكون ان ذلك الاتجاه الفاعل في الاعلام الاردني لا يتمتع في اشارة خضراء مصدرها قصر الملك فهو المصدر الوحيد في دولة المماليك عن توجهات بذلك المستوى من الخطورة..
واذا كان الملك عبد الله مشغوفا باسطوانة الهلال يستجدي فيها واشنطن كلما شارفت خزائن الاردن على النفاذ فأن عليه ان لا ينسى معزوفة للاردن فيها يد طولى، انها مثلثات المماليك بين الخليج والاردن وغرب العراق نتمنى ان يعي خطورتها اهلنا في المنطقة الغربية لان الاطراف المعنية قد تمنيهم بفتات السراب ويقع الفأس بالراس والتاريخ لا زال شاهدا بقوة على ادوار البقاع الاردنية في بعثرة الاوراق.
جمال الخرسان
كاتب عراقي
[email protected]