أي حديث عن الأمن المفقود، صار يبدأ بعبارة غاية بالغباء مرة، وفي كثير من الأحيان لها غايات شريرة من وراء القصد "" من أخطاء الأمريكان هي حل الجيش والقوات المسلحة للنظام المقبور""، ويزيدون على ذلك ""إن الأمريكان لم يكونوا يصغوا للعراقيين"""" حتى إننا نجد أحد الليبراليين العراقيين يردد هذه الخطأ الذي أصبح شائعا، وذلك لكثر ما رددوه، وبالرغم من ذلك الليبرالي العراقي أحد رجال المجتمع المدني وأحد ضحايا البعث، فيقول للبي بي سي في مقابلة معه قبل أيام "" إن الكثير من الأخطاء التي ارتكبت في تلك الفترة كحل الجيش والشرطة وتسريح الآلاف من العراقيين من أعمالهم هي المسؤولة عن تدهور الوضع الأمني الذي "لا نزال ندفع ثمنه حتى الآن". وعلى الفور يقع هذا الليبرالي كغيره في تناقض مع نفسه ليقول ""إن علينا أن نتفهم الظروف التي جاءت بالقوات الأجنبية إلى العراق وهي وجود نظام إرهابي منبوذ قتل شعبه وغزا جيرانه واستخدم الأسلحة المحرمة دوليا""، وكأن الذي كان يمارس الإرهاب غير تلك الأجهزة التي يجد إن حلها كان خطأ! وكأن الذي قتل الشعب العراقي، كما يقول هو، ليس تلك الأجهزة التي حلها الأمريكان! ومن غز الجيران جيوش أخرى كان صدام قد استأجرها من شركات توفير العمالة المؤقتة! وكأن صدام كان، بيديه هو، من استخدم الأسلحة المحرمة دوليا وليس تلك الأجهزة التي يقولون إن حلها كان خطأ! وإن الجيش والقوات المسلحة العراقية في النظام السابق ليست هي من استخدم هذه الأسلحة ضد شعبها وشعوب دول الجوار!!! وإن البعثيين أياديهم بيضاء كما يردد دائما رئيس الوزراء المؤقت بمناسبة وبغير مناسبة!!!! إننا نفهم لم يقول هذا الرجل هذا الأمر، فهو بعثي وله منها مآرب أخرى سنأتي على ذكرها، ولكن حين يقولها الضحية للبعثيين بذات النمطية، هذا ما يثير العجب حقا!!! وإذا كان هذا ما يقوله رجل ليبرالي من أشد الناس عداءا للنظام الدكتاتوري القمعي المقبور، فما الذي سيقوله البعثي إذا؟
الشعلان، ذلك الوزير الذي لم يعرف غير البعثيين لكي يكونوا رجال للقوات المسلحة في النظام الديمقراطي الجديد، وكأن العراقيات عاقرات، ولم ينجبن رجال آخرين يحمون النظام الديمقراطي الجديد غير ألائك البعثيين الأنجاس!!!! هو الآخر من فرسان تلك الأطروحة، ولكن يذهب بعيدا ليمنح البعث شرعية من صنع القدر، يحمل رسالة وكأنها مقدسة بالنسبة له وهي إعادة تأهيل القوات المسلحة للنظام المقبور، هكذا بكل صلف دون مراعاة لمشاعر العراقيين، فهو كان قد جرب هذا الأمر حين كان محافظا في الديوانية، حيث أعاد ما مجموعه 750 بعثيا من أقذر ما خلق الله من بشر ليحكموا المحافظة من جديد، أعادهم ولم يتحدث أحد رغم مطالبات أعضاء المجلس الوطني المؤقت، حتى إنهم كبعثيين قذرين دائما، كانوا قد تعرضوا لسيدة عضو في المجلس دون مراعاة لشرعية أو احترام لممثلي الشعب، فكيف إذا يعاملون باقي أبناء الشعب؟
ربما الصحيح الوحيد الذي جرى في العراق بعد الإطاحة بالنظام البعثي الهمجي هو حل تلك الأجهزة العنصرية والطائفية، الأجهزة التي نفذت جميع قذارات صدام ونظامه الأقذر في التاريخ، فلم يكن صدام يقتل بيديه بشكل مباشر، بل بأجهزته التي خلفت المقابر الجماعية، فقد كان له من السجون ما لم ترى مثلها البشرية، حيث لم نسمع أو نرى سجونا فيها أحواض التيزاب الذي يذيبون به البشر، ولا مفارم البشر الكهربائية الضخمة التي تستعمل بصناعة النقانق (الصوصج)، ولم نرى أو نسمع عن أساليبهم في لتعذيب التي ذاق مرارتها وويلاتها العراقيين من كلا الجنسين، فلم يكن صدام بنفسه يمسك الطفل الرضيع من قدميه ويضرب به الحائط ليبتز من الأم اعترافا لم تكن تعرفه أصلا، ويبقى يضرب بالرضيع بالحائط حتى يتطاير دماغه وجسده البض رذاذا يملئ الجدران والسقف، ويطير معه عقل الأم بذات الوقت حين شاهدت رضيعها وقد تحول جسده البض رذاذا، ولم يحفر صدام بيديه، وإن كانتا قذرتين، قبرا جماعيا، ولكن بلدوزرات تلك القوات التي يدافعون عنها ويعتبرون حلها خطأ أمريكي، كانت هي التي حفرت المقابر الجماعية التي ضمت إحداها أحد عشر ألف شاب وامرأة وطفل وشيخ عجوز، وبلغ عدد ما اكتشف منها لحد الآن أكثر من 300 مقبرة جماعية ضمت رفة أكثر من 300 ألف عراقي بريء، ومع كل هذا وذاك، ومازالوا يقولن إن الخطأ الذي ارتكبته أمريكا هو حل القوات المسلحة وإجتثاث البعث، بل القرار الأصح والأهم هو حل الجيش والقوات المسلحة للنظام المقبور، وهو الذي أبقى العراق واقفا على قدميه حتى هذه الساعة بعد سقوط التمثال.
في الوقت الذي يبزغ فيه فجر الحرية حيث الانتخابات على الأبواب والديمقراطية قادمة لا ريب، يستمر الوزير البعثي في السياسة التي رسموها، كبعثيين، من أجل إعادة تأهيل أقذر حزب في التاريخ، فهو الأقذر من ناحية الفكر، والأقذر في الممارسات والمعتقدات والتاريخ والأعضاء، الأقذر من ناحية تخريبه للعراق، وهم أكثر من قتل، وأكثر من أنتهك المحرمات، والأسفل بإساءته للقيم الأخلاقية والاجتماعية، والأقذر والأبشع بسجونهم وتعذيبهم وقتلهم لخصومهم السياسيين وحروبهم الداخلية ضد الشعب العراقي وجيران العراق.
الوزير يريد زيادة بالتخصيصات المالية لكي يشتري سلاح من روسيا بعد أن ذهب رئيس الوزراء إلى هناك وتباحث حول هذا الموضوع وهيأ الأرضية التفاوضية لهذا الأمر، قد يتبادر للذهن إن هذا الأمر من أجل إعادة الأمن في العراق، بل على العكس من ذلك تماما، فهو خطة بعثية من أجل توفير الأرضية القوية لاستلام السلطة من جديد في العراق من قبل البعثيين، وذلك بعون عربي لم يعد خافيا على أحد. حيث بعدها سوف يكون باستطاعة الحكومة البعثية التي تمتلك الأجهزة القمعية الكافية، وأن تطلب من الأمريكان جدولا زمنيا للانسحاب، لكي يتفردوا بالشعب الذي طالما أعتبره البعث قطيعا، ليتحرك الجيش الجديد، البعثي طبعا، ويقوم بانقلاب عسكري، ويعلن بذات الوقت الولاء المطلق لأمريكا ويتخلص بذلك من الخطر الإيراني على الأمة العربية، والتي ستكون جاهزة بكل أجهزتها الإعلامية وجيوشها وكل ما أتيت من قوة لتدعم الانقلاب البعثي الذي سوف يبقى إلى ابد الآبدين يمسك برقاب العراقيين. إنه ليست سذاجة سياسية بل مغامرة من مغامرات البعثيين وربما هي المحاولة الأخيرة لهم بعد أن فقدوا الأرض التي يقفون عليها في العراق ولم يعد العراقي يطيق سماع اسم البعث من جديد. ولكن مع ذلك، مازال وزير الدفاع البعثي يعتقد ويروج للبعث على أنه حزب لا يمكن إجتثاثه وكأنه من ثوابت القدر الأزلي للعراق، وأن كل تلك الرذائل التي تعتبر حقا مسلة رذائل التاريخ مجتمعة، ولم يجمع حزب آخر عبر تاريخ البشرية من الرذائل ما جمع هو، فقد تفرد بهذا المضمار، ومع ذلك يريد الوزير البعثي له أن يعود من جديد، بالمال العراقي والتصفيق العراقي، لكي يقتلنا من جديد!!!! فأي صفاقة هذه؟؟؟!!!!!
بذلك يستفز كل من دخل سجنا، وكل من تم تهجيره، وكل أرملة قتل زوجها ةتسبب بيتم أبناءها، ويستفز كل ثكلى بأبنائها، وكل من سلبوا كرامته، وكل من استباحوا حرمته، وكل من قطعوا له إذنه أو أنفه، وكل أجلسوه على زجاجة البيبسي كولا، وأهالي كل مدينة من مدن الجنوب التي تركها النظام ركاما، وكل صاحب نخلة لم يبقى منها سوى الجذع وكل....وكل.....وكل أبناء العراق، فمن منا لم ينل قسطا من نقمة البعث على البشرية؟؟؟؟ وكأن الوزير وكيل الشيطان في أرض الله، حيث بكل صلف يستفز العراقيين ويقول إن إجتثاث البعث غير ممكن!!!!
لا بل هو ممكن، ويجب أن يكون، ولا بديل لعزة العراق بغير إجتثاث البعث، فكرا قذرا وبعثيين أقذر من القذارة.

بذات الأساليب القديمة التي خبرها وتعلم شعبنا جميع تفاصيلها والتي تعتمد على إلهاء الشعب لتمرير المؤامرات القذرة، أية مؤامرة مهما كانت يستطيعون تمريرها بخلق أزمات، تليها أزمات، وكلما تنتهي أزمة تنشأ أزمتين، ليبقى العراقي لا هم له سوى تأمين الحاجات اليومية البسيطة الضرورية لاستمرار الحياة، ويبقى البعث يعبث بغفلة من الجميع كيفما يشاء وينفذ مخططاته القذرة التي أوصلنا بها لهذه النتيجة، ومازال مستمرا بذات السياسة القذرة لكي يكمل على ما تبقى من العراق، ويحكم بالموت على ما أنعشته الأيام الأخيرة من أمل بالحياة الكريمة، فهم الشر المطلق، والعياذ بالله.
أغرب من الخيال خبث هؤلاء البعثيين !!! وزراء بعثيون، وإرهابيين بعثيون أيضا، يعملون بتنسيق محكم من أجل مزيدا من الإذلال لأبناء العراق، فيخلقون أزمة بالوقود تتسبب بأزمة الكهرباء، وكلا الأزمتين لها علاقة بأزمة الإخلال بالأمن، ومدن بالكامل رهائن لديهم، وبالرغم من أن الجميع يعرف من هم، لكن في كل صبح ترتفع أصابع لتشير إلى المجهول، إلى جيوش من الظلام، وتعمل في الظلام لتشيع الأزمات والرعب من تخريب وتهريب وقتل وخطف، وعصابات السلب، وأخرى جديدة للجريمة المنظمة لم يسمع بها أحد، وسلفيون وإسلاميون متشددون، وأشباح تتحرك هنا وهناك لا يعرف أحد أين هي، كالزرقاوي والخضراوي وتدخلات من الخارج، والخارج العربي وغير العربي ينفي هذه الاتهامات، وتهويل للخطر الشيعي، وخلال هذه الفوضى، يحاولون أن يقنعون العراقي من أن تعزيز قدرات القوات المسلحة هو الذي سوف يمسك بالزرقاوي وينهي الإرهاب، وهذا صحيح تماما فيما لو كان الجيش وطنيا وليس بعثيا، ولكن حينما يكون الجيش بعثيا، الأمر معكوسا تماما، حيث هم من سيعبث بأمن العراق ويتسبب بحرب أهلية وليس كما يتصورون من أن العراقيين قطيع يمكن أن يقودوه من جديد كما كانوا يفعلون في السابق، الأمر لن يحدث من جديد، مهما حاولوا، ودونه الدم.
كان الكهرباء يقطع ساعتين في اليوم أيام النظام المقبور، وصار اليوم يأتي ساعتين فقط، والنفط لم يتوقف يوما وقت الحصار، والآن ليس هناك وقود، والأمن كان مستتبا أيام النظام المقبور واليوم الأمن أصبح غير موجود، فمن هو المسؤول عن كل هذه الأزمات؟؟؟؟؟ إنهم تحديدا وزراء الكهرباء والنفط والداخلية والدفاع والإرهابيين، وهؤلاء جميعهم بعثيون، بألف نعم إنهم بعثيون، فهل هي مجرد مفارقة؟! أو صدفة؟! أم هي........مؤامرة منظمة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لقد عرفهم العراقي جيدا، البعثيون دائما بلا كرامة، فلو كتبت صحيفة واحدة عن وزير في أي مكان متحضر من العالم، فإنه يستقيل أو يطالب بمحاكمة من أفترى عليه، ولكن البعثيين الذين لا كرامة لهم، مستمرون ولا يأبهون بأصوات الشعب التي أصبحت عالية جدا، حيث أن المسألة بالنسبة لهم ليست مسألة كرامة، ولكن مسألة حرب معلنة ومخفية ضد هذا الشعب الذي ذاق الأمرين منهم، كبعثيين، ومازال يذوق ما هو أمر. حيث بالأمس تستطلع الندى أراء الناس حول هذه الأزمات، وكان إجماع الناس على أمر واحد فقط هو أن يستقيل وزيري النفط والكهرباء، وأنا أضيف لهم استقالة وزيري الداخلية والدفاع ورئيس الوزراء المؤقت فورا، وإلا فالعراق في خطر، وينحدر نحو الهاوية ما لم يستقيل هؤلاء اليوم وليس غدا.
وإن القول """إن حل القوات المسلحة للنظام المقبور خطأ""""، ما هو إلا استفزاز للعراقي ما بعده استفزاز، ويستحق العقاب في العراق الجديد.
حمزة الجواهري
[email protected]
2004-12-26