مررنا في الحلقة السابقة على الفزع الذي زرعه المجرمون بحق أنفسهم، قبل الآخرين، في قلوب وعقول أبناء الرافدين من بقي منهم في الداخل وحتى الذين هاجروا أو هجروا أو فروا بجلدتهم وهم في ديار الغربة.
لقد تحولت دور السفارات العراقية في خارج العراق إلى أوكار للمخابرات ودوائر امن النظام وتحولت الحقيبة الدبلوماسية العراقية إلى صندوق يُنقل به المعارضون والمطلوبون أحياء أو إلى آلة الحدباء لنقل جثث هؤلاء، وأما الأحياء منهم فقد كانوا يتوارون عن أنظار العراقي القادم للسؤال عنهم، وأهلهم في الداخل فقد مرت عليهم قصص لا ألف ليلة مثلها.
في مظاهرة ببغداد يوم 14/تموز/2004 للمطالبة بإعدام صدام سئل مراسل إحدى القنوات الفضائية متظاهراً فقال له إن صدام اعدم سبعة من الدرجة الأولى من أقربائه وسجنه وهو في عمر 10 سنة في سجن نكرة السلمان لمدة أربع سنوات.
والسؤال إلى كل إنسان ذي خلق وشرف يعتز بإنسانيته ، ما هول الفزع لكل الأقرباء والمعارف وأصدقاء المعدومين والمسجونين وأهلهم؟؟؟.
في مقهى قال احدهم انه رأى في عالم الرؤيا انه أصبح رئيس جمهورية !!! اعدم هو والجالسين معه !!!!!!!!!
هذا هو الفزع الذي عشناه يوم أن الفزع يملاءنا عند سماع رنة الهاتف وحين نرى أياً من ازلام النظام سواء كان بعثيا بالزيتوني أو رجل امن أو مخابرات أو استخبارات وغيرها من أجهزة النظام.
صدام وعلى شاشة تلفزيونه هو يقول (( عدوك لا تفكر بي اجتلوا )) ، ويتجمع اوياش خلق الله من عدة مدن ليعتقلوا رجل الدين الشهيد السعيد السيد قاسم شبر رحمه الله وهو قد ناهز التسعين ويمنعون التجوال ويثيروا الرعب في الجمادات قبل الكائنات الحية.
يجمع النومان وحوشه والساقطين وسفلة التاريخ وعلى رأسهم ياسر حسن سلطان ومعهم الشفلات والسيارات القلابه وحشدهم الحقير لكي يهدموا مسجدا ناهز عمره المائة عام والسبب لان صلاة الجمعة أقيمت فيه!!!.
مهدي محيبس عكاف يستخدم رجله ليقلب قدر الهريس الذي عمله المحبين والموالين للحسين عليه السلام.
تطول وتطول ويطول السرد ولكنه لابد أن يتصدى لهذا الكم الغزير من يجمعه من الشهود والشواهد لكي يكون وصمة في جبين هؤلاء الوحوش ومن أحبهم ومن رضي بهم وعنهم ولاسيما سقطة الساقطين وأسفل السافلين ممن يتصدوا ألان للدفاع عن أنفسهم قبل سيدهم وأعوانه.
ونعود إلى ما أردنا التحدث عنه هنا، مجبرين على ترك الفزع خوفا من الإطالة، وهو ذلك الفساد الإداري الذي زرعه المجرمون في كل خلايا الدولة من أصغر أصغرها حتى أخر سلم هرم الحكومة والدولة مثل سرطان لا أخبث منه مطلقا.
سردت في الحلقة السابقة حادثة عشتها وعايشتها وانتهت بان عاقبتني وزارة عدنان العاني وغرمتني وزارة رجا شلاح ولجنتهم متعاونين مع التاجر وضمت إليهم جبوري عبد حمزه مسؤل التعاون في المحافظة ولازال مسؤلا عنه وعبد الله الراوي مدير عام الشركة ولازال وعلي القرغولي الذي استبعد عن الإدارة العامة بموجب اجتثاث البعث ومحمود المتولي المدير العام كان ولا يزال واللجان والدوائر المسؤوله في الصناعة ومدير عام القطاع الصناعي في ديوان الرقابة المالية وامن صدام وحزبه وأخيرا عضو اللجنة الذي أضيف إليها مؤخرا ممثلا لوزارة الصناعة وهو العبيدي اللقب والذي عاهد الشيطان الرجيم واصبح شيطانا من اجل أن يرضى عليه النظام وعسى أن يمنحوه وظيفة مدير عام التي حُرم منها لوجود احد اقربائة من الذين أعدمهم صدام.
وهكذا بقيت وثائقي معي لحد ألان وبقي الفاسدون والمفسدون يعيثوا في الأرض فسادا ولحد ألان، عندما دفعت الرشوة إلى عبد حميد حمود لكي يمنع عرض الملف على رئيسه فأر الجحور.
دراية أخرى أسوقها لكي نعرف أين وصل الفساد: سارقين اعترفوا بأنهم سرقوا ست مرات وتم ضبطهم في الحالة السادسة، وكما يقول أهل القانون فان سيد الأدلة هو الاعتراف ولكن رئيس محكمة الجنايات يمتنع عن توقيع عقوبتهم على السرقات الخمس معارضا زملائه أعضاء المحكمة ودليله عدم وجود الأدلة الجرمية !!! ولكن الصحيح هو انه استلم 20 مليون دينار رشوة من إدارة المصنع المسروق حتى لا يثبت النقص عليها!!!.
قد تقودك الأيام لإنجاز معاملة في أي دائرة مهما كانت وبدون استثناء واحده منها فانك ستدفع إلى كل من تمر عليه معاملتك وبعضهم يطلب منك أن تجلب له ورق أو فايل لكي يجمعها ويبيعها ثانية.
هل تتوقع أن يتم تصدير أو توريد معاملتك بدون دفع رشوة إلى صاحب السجل، صديق كلفني على أن يتعاقد على قطعة ارض زراعية، ذهبت إلى أحدى الموظفات في دائرة زراعة المحافظة وبعد أن عرضت الموضوع عليها تركت القرار إلى الغد للإطلاع على الأوليات، في الغد تبين أن قطعة الأرض سبق لأحد الأشخاص أن حاول التعاقد عليها ولكن دائرة الري اعترضت لعدم إمكانية زراعة هذه الأرض، ولكن بعد دفع 400000 أربعمائة إلف دينار صدر القرار بان هذه الأرض لا يمكن زراعتها ولكن لا مانع من تعاقد دافع المبلغ عليها وتم ذلك فعلا والحمد لله.
الواصف لمثل هذه الحالات يحتاج إلى مجلدات لو أراد أن يستعرض نسبة منها وليس كلها إذ انه لم يبق احد لم يرتشي أو يقبل الهدية على حد تعبيرهم، ولكن البعض تمادى في غيه فأصبح يبيع ساعات الكهرباء والأخر باع الطابقين الثاني والثالث من فندق سامراء السياحي حسب ما اخبرني به رئيس لجنة في مجلس صدام وسعدون حمادي.
والسرد هنا لإيضاح الصورة أمام المتصدين في الوقت الراهن لبناء العراق سواء الحكومة المؤقتة أو الحركات السياسية الأخرى التي تعد نفسها لخوض الانتخابات إن حصلت !!! لكي تضع إصلاحها ومعالجتها في برامجها بل يجب أن تتخذ إصلاحها برنامج عمل لها.
فإنني اجزم انه لا يمكن بناء حجر واحد وفي أي منحى من مناحي الحياة ما لم تعالج هذه النفوس وتفرغ ذممها وتصفو سريرتها للخدمة الحقة الصادقة من اجل الوطن والوطن وحده.
كما إنني أؤكد هنا على أن الصورة التي رسمتها أعلاه يتخلل سوادها القاتم وجوه مبيضة ناصعة حطمها المجرمون والمنحرفون في ظل حكم الفزع سابقا وألان لا زالت ترنو بعين ملئها الحرقة والدمع عندما ترى أن لا تبدل وان الذين كانوا... هم ألان أصبحوا !!!.
والله من وراء القصد.

[email protected]