نشرت وسائل الاعلام مقترحا للسيد جلال طالباني سكرتير الاتحاد الوطني الكوردستاني احدى اكبر الفصيلين الكورديين في العراق حول مدينة كركوك وكيفية ادارته في عراق مابعد صدام، ولاهمية الموضوع وتاثيره ليس فقط على مدينة كركوك بل على العراق ومنطقة الشرق الاوسط ارتايت بيان رأي حول هذا الموضوع الحساس.
بدأ ليس خافيا على احد ان منطقة كركوك تعرضت الى عملية تعريب منظمة منذ اكثر من خمسين عاما ووصلت هذه العملية اوجها في عهد الدكتاتور صدام حسين للثلاثين السنة الاخيرة وكما يعرف الجميع تم وفق هذه العملية ترحيل مئات الالاف من الاكراد والتركمان من كركوك وجلب عرب من جنوب العراق واحلالهم محل المرحلين من الكورد والتركمان ولقد علجنا هذا الموضوع في مقالات سابقة عديدة.
لجات حكومة صدام حسين الى وسائل عديدة لتنفيذ هذه العمليةيمكن تلخيص هذه الوسائل فيما يلي:
1 – اجبار السكان الكورد والتركمان في كركوك بالانتقال اما الى جنوب العراق او الى (منطقة الحكم الذاتي) كما كان يسمى سابقا.
2 – تشويق السكان العرب في جنوب العراق بالانتقال الى كركوك وذلك بتوفير الوظائف لهم ومنحهم مبلغ 10000 دينار عراقي والذي كان يعادل 30000 دولار امريكي انذاك وكذلك قطعة ارض لبناء دار.
3 – عدم تعين الخريجين الجدد من الاكراد والتركمان من سكان كركوك في كركوك وتعينهم اما في منطقة الحكم الذاتي او في جنوب العراق.
4 – اقتطاع الاقضية والنواحي الكوردية والتركمانية من كركوك والحاقها بالمحافظات المجاورة كاقضية جمجمال وطوزخورماتو وكلار مع تشكيل اقضية ونواحي عربية او تغير اسماءها الكوردية الى العربية كناحية دوبز التي حولت الى دبس.
5 – تغير اسماء المدارس والاحياء في كركوك باسماء عربية وابسط مثال تغير اسم اعدادية كردستان الى اعدادية عبدالملك بن مروان.
6 – اجبار السكان الكورد الباقين في كركوك على تغير قوميتهم الى العربية ليتسنى لهم البقاء في كركوك حيث تم اصدار قانون سميى بقانون تصحيح القومية والذي كان صالحا في اتجاه واحد فقط وهو (التصحيح) من الكوردية الى العربية فقط وليس العكس.
7 – تسجيل الاثورييين والكلدانيين وقسم من الاكراد والتركمان في الاحصاءات الرسمية كعرب.
بتطبيق ماورد اعلاه مع اجراءات اخرى تمكنت حكومة صدام حسين من تغير الواقع القومي في كركوك بشكل كبير لصالح القومية العربية ضد القوميات الكوردية والتركمانية والكلدو اثوريية، وبذلك ازداد نفوس العرب في كركوك بشكل كبير جدا على حساب نفوس الكورد والتركمان والاثوريين.
استاندا الى اعلاه تم خلق بيئة غير صحية جدا في كركوك يتفق معي السيد جلال طالباني انها تختلف عن بيئة بروكسل!!!
ادىت السياسة العقيمة لتنظام صدام حسين الى احداث تغيرات اجتماعية غير مألوفة وشاذة في كركوك منها تولد ذهنية محددة لدى بعض العرب القادمون الى كركوك جعلتهم يشعرون بانهم مواطنون من الدرجة الاولى بخلاف الاخرين من الكورد والتركمان وانهم مفضلون على الاخرين ويتمتعون بحقوق اكثر من المواطنين الاصليين وكانت هذه واحدة من الاخطاء الكبيرة الذي خلفها نظام صدام في العراق عامة وكان بالامكان ملاحظة اثار هذا الشعور بوضوح لدى السكان العرب القادمون الى كركوك وهناك العديد من الامثلة ابسطها لجوء العديد من الاكراد بتسجيل بيوتهم او مؤسساتهم باسماء اشخاص عرب لعدم امكانية تسجيلها باسماء الكورد وهنا والحق يقال دعم العديد من العرب اخوتهم الكورد في الاحتفاض بمتتلكاتهم لحين زوال الدكتاتورية وان كانو يعلمون بانهم بذلك كانوا يخالفون قوانين الدكتاتور الجائرة، وهناك واقعة كان كاتب هذه السطور شاهدا عليها وهي: استقل كاتب هذه السطور سيارة اجرة من كراج بغداد في كركوك عند عودته من بغداد في اواخر السبعينيات ( 1978) وكان السائق ولدا شابا حتى مراهقا من العرب القادميين وبينما كان يسوق سيارته يبدو انه خالف نظام المرور فاستوقفه شرطي المرور والذي كان يبدوا من محياه انه اما كوردي او تركماني لينبهه لمخالفته ولم يقصر سائقنا في ارسال رسالة واضحة الى الشرطي ليحذرة انه (مواطن درجة اولى) وانه معصوم لايمكن محاسبته اذ انهال على الشرطي بالسب والشتيمة الغليظة بل كاد ان يهجم عليه لولا تدخلي وطبعا استلم الشرطي المسكين الرسالة وفهمها ولااعتقد انه قد هضمها وبعدها استمر السائق واخذ يتمتم ( عباله اني هم من كركوك) اي يعتقد الشرطي اني من كركوك لكي يحاسبني.
اذا ان البيئة الغير الصحية التي اوجدها نظام صدام في كركوك جعلتها مختلفة عن بروكسل تماما ولايمكن تطبيق نموذج مستورد من بلد له تقاليد ديمقراطيةعريقة تمتد الى اكثر من قرن في بلد خرج لتوه من سيطرة اعتى نظام دكتاتوري عرفه القرن العشرين فالمحافظ العربي والكوردي والتركماني لايمكن له ان يتصرف بمعزل عن مشاعرة القومية فالكوردي والتركماني يشعرون بغبن تاريخي يحاولون استرجاعه في الوقت الذي يشعر العربي بفقدان او خسار امتياز كان يتمتع به يحاول ان يحتفظ به، والمثال الحي امامنا في كركوك هو تصرف مدير التربية التركماني مع الدراسة والمدارس الكوردية!! او تصرف مجلس محافظة كركوك بعد تعليق الاعضاء الكورد عضويتهم فيها والمحاولات التي يبذلها بعض اعضاء المجلس من تحديد الحقوق الكوردية حتى في الوقت الحاضر.
لكي نتمكن من اقتراح نموذج لكركوك علينا اولا ان نشخص الوضع ونضع النقاط على الحروف اذ بدونها لانتوصل الى حل وسوف تستمر المشاكل في هذه المدينة التي عانت الامرين منذ زمن غير قصير.
علينا ان نؤكد الحقيقة التالية وهي ان كركوك مدينة كوردستانية تابع جغرافيا وتاريخيا الى اقليم كوردستان تعيش فيها القوميات التركمانية والعربية والاثورية وكانت نسبة السكان الاكراد دائما اكثر من القوميات الاخرى وهذا بحد ذاته يفسر استماتة الانظمة العراقية المتعاقبة وخاصة نظام صدام لتحويل الطابع الاثني والديموغرافي لهذه المدينة بترحيل السكان الاصليين واستقطاع اقضية ونواحي عديدة من كركوك والحاقها بالمحافظات المحاذية لكركوك، اذا اول عمل يجب ان يقام به هو اعادة الامور الى نصابها وذلك باعادة المرحلين الى اماكنهم الاصلية واعادة الاقضية والنواحي والقرى التي استقطعت من كركوك الى حالتها السابقة اي اعادة ربطها بكركوك وهذا في الواقع هو مطلب سكان تلك الاقضية والنواحي فسكان طوز خورماتو لايبغون البقاء مرتبطين بمحافضة تكريت ولا سكان جمجمال يريدون البقاء مع السليمانية اذا فان ذلك هو مطلب شعبي لايمكن القفز من فوقه او عدم الاكتراث به في النظم الديمقراطية التي اختارها العراق والعراقيين نموذجا لحكم بلادهم.
بعد ذلك يستوجب اجراء احصاء سكاني لمحافظة كركوك واستفتاء سكان كركوك فيما اذا كانو يودون الارتباط باقليم كردستان او البقاء على الوضع الحالي وعلى ضوء نتائج الاستفتاء يتم تحديد مصير كركوك وباي حال من الاحوال فان الحقوق الاساسية لجميع المواطنين يجب ان تكون مضمونة وفق نهج ديمقراطي.
اي حل اخر باعتقادنا سوف يكتب له الفشلو يكون سببا لاستمرار المشاكل وعدم الاستقرار في هذه المدينة.
اما مقترح مام جلال فلايصلح ولايمكن العمل به اذ ان تداول السلطة بين الكورد والعرب والتركمان في كركوك سوف لايقدم حلا جذريا واقيا لمشاكل المدينة اذ لايمكن مقايسة كركوك ببروكسل ولا العراق ببلجيكا بسبب الفارق الحضاري الثقافي والاجتماعي والسياسي ان الحل في كركوك يجب ان يكون (كركوكيا) وحتى ليس عراقيا نعم ليس عراقيا اذ لايفهم وضع كركوك الا ابناء رحيم اوا والمصلى والحويجة ويجب ان لاننسى بان كركوك قد ادير خلال 35 السنة المنصرمة من قبل العرب وربما لقد ان اوان ان يدار الان من قبل الكورد والتركمان.
اما بشان ماذكره العسكر التركي باش بوغ فليست لها اية اهمية فعلية وانها مجرد عرض عضلات اذ تركيا تعلم جيدا ولاسباب عديدة ليس هنا مجال ذكلرها ان خيارتها محدودة بل معدمة في كركوك.
الى ان يوضح لنا مام جلال تفاصيل ومبررات مقترحه فاننا نعتبره غير صالحا. واخيرا يجب علينا نحن اهل كركوك الاصليين من الكورد والتركمان والعرب ان نقدر وضعنا ونتدبر حالنا لكي لاينطبق علينا حكمة حطيئة الاكراد شاعر كركوك شيخ رضا طالباني رحمه الله حين قال:
كه ر به يه ك كاف كه ره
كه ركو كي به سى
التعليقات