الدكتور الفاضل أحمد عرفات القاضي
أطلعت على مقالتكم "مصر و دورها الإقليمي" والمؤرخة في 12 يوليو 2004 في جريدة إيلاف الإلكترونية بغلافها الجديد آمل أن تتحمل رحابة صدركم هذه المداخله.
وكونكم من حملة الشهادات العليا فأنتم تصنفون في قائمة صفوة الأمة وأنتم كذلك إنشاء الله.
ما جاء في مقالتكم يكاد أن يكون نص مشابه لما جاء في أحد فصول مقرر التاريخ للصف السادس الابتدائي الذي كان مقررا في مصر عام 1965. لاشك أنكم تشاركوننا الرأي بأن الجميع يحبون مصر وأزهر مصر وأهل مصر مسلمين و أقباط ونكن لهم الفضل بعد الله على ما قدموه من علم و معارف لكافة الدول العربيه. لا يخفى عليكم أن (الناصرية) قد احتضرت و دفنت عام 1970 وقد تم دفن ( القومية العربية) قبلها عام 1968، مع إصابة حزب البعث بالشلل الجزئي عام 1972 ثم انتحاره عام 1990 ولكن دفنه تم عام 2003، نسينا أن نذكر أن الشيوعية كذلك قد ماتت و تم دفنها إلى الأبد عام 1989 فقد تخلصنا من الأيدلوجيات التي أخلفت الأفكار و الرؤى و خلفت وأخرت الدول العربية سنين عديدة إلى الوراء.
إن وضع مقارنه بين الإيجابيات و السلبيات على مدار الخمسين عاما الماضية سنرى أمورا تصعق العاقل وتشل الحكيم هذه الأمور أوصلت مصر إلى ما هي عليه الآن.
بعد هذه المقدمة آمل أن تسمحوا لي باستعراض بعض جوانب الخلل و توضيح العلاج المقترح
1- مصر هذا البلد الذي كانت بريطانيا مدينة له في أوائل الخمسينات. 2- مصر التي فقدت عملتها 50% من قيمتها خلال أقل من سنتين. 3 - مصر تعاني من مشاكل متشابكه إجتماعيه فشعب يزيد على 60 مليون نسمه (مع دخول متدنية) و (اقتصاد مهزوز) و( مئات الأنظمة و القوانين التقييديه) لاشك أن مصر لها تقديرها وإحترامها ولكن يجب ألا نقيس المكانه بكثرة السكان ونهمل الجوانب الأخرى، فالسكان يشكلون عنصر واحد من عدة عناصر أخرى فأحياناً تكون كثرة السكان عبئ إجتماعي و إقتصادي.
4- مصر التي أبت إلا أن تقود العالم العربي على مدار السنين الماضيه، فما هي محصلات هذه القياده و الرياده منذ عام 1960 و حتى 2004، المحصلات ( أن المؤشر التنموي و السياسي و الإقتصادي، والمكانه السياسيه للعالم العربي و العلاقات العربيه العربيه و مشكلة فلسطين أصبحت في تدني وصل إلى مرحلة الكارثة).
5- لاشك أن ارتباط مصر بمعاهده مع إسرائيل أنهى و بشكل كبير ثقل مصر السياسي و القيادي فأصبحت هي و الأردن أقل في نظر المواطن العربي وحتى على مستوى الحكومات وإن كان ذلك لا يبدو للعيان.
6- مشكلة مصر أنها لن تستطيع عمل أي شئ للتحديث ولا حتى على إبقاء الوضع القائم كما هو. 7 - مصر تحتاج إلى معجزه إلهيه للخروج من ( عنق الزجاجة)هذا إذا إفترضنا أنه تم الوصول إلى الجزء الأعلى من الزجاجة 8- مصر لا تحتاج إلى سرد إنشائي أو تاريخي أو البكاء على الأطلال أو التغني بأمجاد الماضي فالمرض مستفحل وشبه مشخص ولابد من فورية العلاج، (العلاج هو) :
أ- استئصال فوري للبيروقراطية السلبية المتفشية على كافة المستويات.
ب- تفرغ مصر حكاماَ وإعلاما و صحافة لخدمة مصر.
جـ- تشييد مناطق تجاريه حره و إلغاء فوري للأنظمة الإقتصاديه العقيمة و المعقدة.
د- لابد من محاسبه صارمه لوقف الفساد الإداري (قد يأخذ ذلك بعض الوقت ولكن لابد من البدء بالاستئصال).
هـ- لابد و خلال الخمس سنوات القادمه 2005- 2010 أن تقسم مصر إلى 30 وحده جغرافيه بقصد تخفيف المركزية، وتعطى إستقلاليه تامه في معالجة الجوانب الإجتماعيه و الإقتصاديه و التنموية من خلال خطه نموذجيه تضعها الحكومة مع بقاء سيطرة الحكومة للتدخل إذا لزم.
و- لابد أن تترك مصر التدخلات غير المباشره أو إعطاء الإستشارات الإستخباريه أو الإستراتيجية لبعض الدول العربية فمصر أولاً والتفرغ لمصرهو الأهم.
ز- لايمكن لمصر مستقبلا بأي حال أن تعتمد على الإعانات والمنح سواء من العرب أو غير العرب فالطبيعه الإقتصاديه وطريقة تدويرها و صرفها قد تغيرت وأصبح الوضع مختلف عما كان عليه في وقت سابق.
ح- لابد وفي هذه الفتره أن يقبل صاحب القرار المصري التنازل والتواضع وعدم المكابره وأن يقول يأسنا من معالجة شؤننا المصريه على مدى أربعين سنه ساعدونا بخبراتكم و آرائكم وسنكون آذان صاغيه وسنعمل ونطبق أفضل ما إنتهى به الآخرون في الجوانب الإجتماعيه و الإداريه والإقتصاديه.
وختاما لهذه المداخلة أرى أنه لابد من الوضوح و الشفافيه والصراحه التامه عندما نتحدث عن الأخطاء و القصور و الخلل لبعض دولنا العربيه الشقيقه فلا بد أن نكون واضحين ولو تلميحاً حتى يستطيع المواطن العربي أن يثار (إيجابياً) لتكون الصورة متكاملة لديه بشفافية ووضوح فنحتاج جميعا حكاما و محكومين إلى إزالة رواسب التخبط الذي تعايش معه العالم العربي على مدى نصف قرن ولابد للعقليه العربية أن تكون أكثر نضجا وعقلانية وفهما لما هو في مصلحتها فيما هو عربي عربي وما هو عربي دولي وشكرا....
[email protected]
كندا
التعليقات