اتّهم آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني اتهامات خطيرة وكثيرة جدا" لا تعد ولا تحصى، ابتداء" من اتهامه بموالات النظام الصدامي البائد، ومرورا" بتهمة التزامه الصمت والركون الى اللاحول واللاقوة باتجاه المجازر التي كان يقوم بها جلاوزة النظام و أتباعه ضد المواطنيين العراقيين الأبرياء، وتطبيقه "للتقية " التي تقول بها الشيعة، وليس نتهاء" بالصاق تهمة العماله للاميركان بشخص السيد واتباعه!، اضف الى ذلك جملة أخرى من الأتهامات الباطلة التي لا تستحق أن تذكر في هذا المقام، فالسيستاني اكبر واعلى من كل الشبهات، وهو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف من دون تشبيه.

في الحقيقة وخلال العقود الثلاثة الماضية التي حكم بها نظام الطاغوت صدام العراق بالحديد والنار لم تصمت الحوزة العلمية التي وصفت بانها "صامتة "( مرجعية السيد ابو القاسم الخوئي ومن ثم خلفه السيد علي السيستاني) على العكس تماما"، فقد كان المرجع أبو القاسم الخوئي ( قدس) شوكة في خاصرة صدام ونظامه، وتشهد الفتاوى التي اصدرها اثناء الحرب العراقية – الايرانية، و ماتلاها من فتاوى كانت تحرم قتال المسلم لأخيه المسلم أثناء غزو صدام لدولة الكويت، ومن ثم الفتوى الشهيرة التي كانت كالقنبلة المدوية التي هزت عرش الظالم ( فتوى تحريم شراء أوبيع والمتجارة أو حيازة الممتلكات الكويتية المنهوبة )، اذن فاين هذه المرجعية " الصامتة " كما يقولون من غيرها؟!وهل كانت فعلا" صامتة؟!،أم من يقذف سيول الإتهامات جزافا هم الصامتون حقا"،فاين الثرى من الثريا يارفاق؟!.

وهكذا كان السيد علي السيستاني خير خلف لخير سلف، كان –ومازال- يحس ويشعر بنبض الشارع العراقي، يعيش كما تعيش الملايين من ابناء العراق في حالة من البؤس والشقاء والفقر المتقع، لم يبن قصرا" ولم يتخذ اسطولا" من السيارات الفخمة، ولم يدخر لنفسه او اهله الا مايسد رمق عياله؛ علي السيستاني اقرب الى العراقيين من انفسهم ولم يغلق ( برانتيه ) في وجه احدهم ابدا"، لم يهادن ولم يجامل الدكتاتور على حساب شعبه، ولم يضع يده بيده ويظهر من على شاشة تلفازه كما فعل غيره، علي السيستاني كان– ومايزال- يتكلم باسم العراق وينبض بنبض العراق لم يدع الى قتال ولم يفت بفتوة تريق دماء الأبرياء لانه يعلم – كما يقول – : (( ان هذا الشعب قد تعب من الحروب، وآن له الآوان ان يستريح ويحصل على حقوقه كاملة غير منقوصة )).

واستمرارا" لمسلسل الاتهامات الموجهه حلقاته ضد آية الله العظمى السيد علي السيستاني، أضيفت حلقة جديدة الى ذلك المسلسل، كانت تفوح منها رائحة نظرية المؤامرة عندما أتّهم السيد مرة أخرى بانه قد وضع خطة مع الحكومة العراقية وبمعاونة ومساندة الأميركان للقضاء على تيار السيد مقتدى الصدر، وكانت الحجة – والكلام لاصحاب نظرية المؤامرة- السفر الى لندن لاجراء عملية قصدرة لقلب السيد!؛ عودة السيد السيستاني الى النجف واطلاقه مبادرته السلمية لانهاء الوضع المتأزم في النجف وانقاذ مايمكن انقاذه، قد وضعت أصحاب نظرية المؤامرة في موقف لايحسدون عليه وحشرتهم في زواية الكذب والخداع وتشويه، بل وتزوير الحقائق ذلك الفعل الذي دأبوا عليه منذ زمنا بعيد.

المبادرة السيستانية انتظرها العراقيون جميعا" بفارغ الصبر، وكانت بالنسبة لهم الفرصة الأخيرة للنجاة من الغرق في بحور الدماء التي كانت ستخلفها وراءها تلك المعارك الطاحنة..، وبعد أن عجزت كل القوى والتيارات والأحزاب السياسية والدينية، وحتى الحكومة والقوات متعددة الجنسيات عن وضع حد لما يجري في النجف المقدسة، وكلي ثقة لو قدر وترك الأمر لمرجعية السيد السيستاني وحكمته وخبرته في إدراة الأزمات وتهدئة الأمور لأخذ كل ذي حق حقه، ولتحولت النار التي تلفح الوجوه اليوم الى بردا" وسلاما" على العراقيين جميعا".

يتفق الكثيرون على ان السيد علي السيستاني هو الحاكم الفعلي للعراق، رغم أن السيد يرفض ان يتدخل في السياسة ويفضل تركها لرجالاتها أصحاب الشأن؛ كما أن الجميع يخطب ود السيستاني، والجميع يسعى لنيل رضاه، لماذا؟ يعلم جميع العراقيين أن هذا الرجل ( السيستاني) لا يسعى كالآخرين لمنصب او جاه على حساب غيره؛ كما ان العراقيون قد اتفقوا على أن السيد السيستاني هو تلك الشجرة المباركة التي يستظل بظلها العراقيين جميعا" بمختلف اطيافهم والوانهم واعراقهم ومللهم ونحلهم، بوركت أيها المرجع الكبير في زمن ضاع فيه الكبار وتلاشت صورهم.