كثيرة هي الاســباب التي دفعت العراقيين ولسنين طويلة لمغادرة وطنهم الغالي ، فـمنها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، الا ان الهجرة من العراق اصبحـت ظاهرة شملت قطاعات كبيرة وعوائل كاملة ان لم اقل قرى ومدن باكملها على انها تميزت ايضا وارتبطت بالواقع السياسي الذي شهد تدهورا فـظيعا منذ تسلم البعث للسلطة

لكن ما يعنينا اليوم هو: اين تقف الجاليات العراقية مما يجري في العراق وما هو دورها؟
لاشـك ان من ينظر الى حجم الجاليات العراقية وتوزعها الجغرافي وما وصلت اليه ( معظمها) ســينبهر ، اقولها عن تجربة لسنوات طويلة. فلا سياسات النظام المقبور ولا دعاياته او تهديداته ولا انقطاعنا عن الوطن قلل من انتمائنا الى العراق الحبيب ، فقد كان حاضرا في كل المناسبات والمواسم وفي عـز الاحداث العاصفة التي مرت بالوطن ، وكل على طريقته الخاصة دافع واحتفظ بالوطن بين جوانح قلبه ومشاعره. صور نعتز بها نحن العراقيين ، صور صغيرة لكن بمعاني عظيمة ، فهذا هو العراق ، عراقنا رغما عن انف الطغاة. فمن ردد الاغاني العراقية او طبخ الطعام العراقي او رفع صور العراق في بيته ومن ما زال يتحدث باللهجة العراقية المحببة ويعتز بملابس آبائه واجداده ناهيك عن جمهرة الوطنيين والمناضلين الذين ملئوا ســوح المغترب بالاحتجاجات والتظاهرات والمناشير لكشف جرائم النظام البائد. كل هذا والوطن مازال في القلب.

لقد كان ل (( قانون ادارة الدولة المؤقت)) اثره الطيب على كل العراقيين في الخارج لما حواه من مواد انصفتهم ووضعتهم في مصاف اخوانهم واخواتهم في الوطن ، ان كان على صعيد رد الاعتبار لهم واعادة الجنسية العراقية وحق امتلاك اكثر من جنسية للمواطن ، او بمسـاواتهم كأفراد بغض النظر عن قوميتهم ودينهم او جنسهم او انتمائهم السياسي ، وهذا بحد ذاته لا يقل بأهميته عن اسقاط تمثال الصنم في يوم 9 نيسان المبارك!
وليس عبثا ان قامت الدولة بتخصيص وزارة خاصة للمهاجرين والمهجرين لتعني ، مثل الكثير من الدول ، بشؤون العراقيين في الخارج. وحتى لاتكون الصورة منقوصة فأن وضع بنود قانون ادارة الدولة المؤقت موضع التنفيذ وخاصة تجاه العراقيين في الخارج يحتاج الى جهود مضنية وكفاأت كبيرة ونكران ذات واحساس وطني لا يقل عنهما

ولهذا ارى في تفعيل دور السفارات العراقية وتسليمها لكوادر وطنية مخلصة ومتمكنة ، ورسـم البرامج الواقعية والطموحة ومد الجسور مع الجاليات العراقية والاستفادة من الخبرات والطاقات الموجودة لدى مؤسـساتها السياسية والثقافية والدينية والاجتماعية او( في استـغلال التطور التكنلوجي المتوفر) لتسـهيل مهام السفارات وتجاوز النقص الموجود في الكادر الوظيفي، خطوة في الاتجاه الصحيح.

ومن هنا تأتي دعوتي الى الجهات المختصة ، في الوزارة العراقية وفي السفارات القائمة الى اتخـاذ الخطوة الاولى على هذا الطريق في اعداد المسح السكاني لهم وتهيئتهم للمشاركة في العملية الانتخابية القادمة في العراق كواحدة من اولى الاستحقاقات الوطنية ، واعادة لحمة المواطن المغترب بوطنه وشعبه ومستقبله الزاهر ، ان كان هذا المواطن عازما على العودة او البقاء في دول المهـجر.

معا ايها العراقيين في كل مكان لاحقاق حقوقـنا ولممارسة واجبنا الوطني واستحقاقاته في بناء العراق الجديد ، لكن ليس قبل ان تقوم الدولة ومؤسساتها المعنية بواجبها تجاه العراقيين في المنافي من اجل ان لانكون او نبقى بعيدين عن المعادلة الوطنية ورسم مستقبل العراق الذي يهمنا مثلما يهم كل من ينعم بسماء الرافدين ومائه الطاهر.


الولايات المتحدة / مشـيكان
[email protected]