بعد ان أطلق شالوم سيلفان وزير خارجية كيان الاحتلال الصهيوني تصريحاته النارية مؤكداً أن إبعاد عرفات بات أمراً ضروريا وحيويا لنجاح عملية السلام. توجه الأخير إلى خارج كيانه وتحديدا إلى نيويورك لحضور اجتماعات دولية في الأمم المتحدة، حيث تحاك القرارات الدولية بإرادة أمريكية واضحة. وحيث يصبح وزراء الدول الفقيرة والضعيفة بلا إرادة، فسيف أمريكا يسلط على الرقاب، إما الركوع وإما مصير العراق والجوع.

بعد التهديد والوعيد من أركان وزارة شارون ورد كلام على لسان دبلوماسي أمريكي في عمان ان شارون تلقى الضوء الأخضر الأمريكي لطرد عرفات خارج رام الله وتدمير مقر المقاطعة ومحو أثره نهائياً. وما تصريحات شارون الأخيرة ضد عرفات وإعادة تكرار التهديد بقتله أو طرده سوى تأكيد طبيعي وعملي لما يقال عن ضوء أخضر أمريكي.

المشكلة ان الذي يهدد ليس شارون وحده بل حتى رئيس دبلوماسيته شالوم سالفان الذي يتهافت بعض وزراء الخارجية العرب على اللقاء به يعتبر من الصقور الصهيونية التي تحرص على التهديد دائما بإبعاد عرفات او قتله خدمة لعملية السلام. أي سلام هذا الذي يقتل شريك السلام او يبعده عن أرضه وشعبه؟ يخطئ كثيرا سيلفان ان اعتقد انه سيجد ضمن السلطة الفلسطينية وحزبها الرئيسي فتح من هو أفضل أو أقوى من عرفات لقيادة عملية السلام مع الإسرائيليين. ويخطئ أكثر إن ظن أن حصار عرفات أو إبعاده سيضعفه، فعرفات ينتعش في الأزمات ويسطع نجمه في حالات الحصار، وهو بالتأكيد فنان في استغلال الأحداث واللحظات المصيرية الحاسمة. لذا فسياسة شارون وبوش وسالفان وموفاز سوف تأتي بالنصر لعرفات وبالهزيمة لمن يعاديه.

التقى شالوم سالفان في نيويورك مع وزير عربي من شمال أفريقيا وسوف يلتقي مع آخر من بلد عربي خليجي. وعندما تساءل الوزير العربي عن مصير رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات،كان جواب الأخير بأنه يوجد قوى إصلاح في السلطة الوطنية ولكن وجود عرفات يشكل عائق وعقبة في طريقهم لأنه يمنعهم من التفاوض مع إسرائيل، لذلك فان إبعاده سيكون في مصلحة الجميع. عذر أقبح من ذنب كما يقول المثل العربي.

المشكلة أن الوزراء العرب يبررون اجتماعاتهم مع الإسرائيليين باعتبارها سندا للفلسطينيين وتدعيما لنهج السلام العالمي وتشجيعا للإسرائيليين على المضي في طريق السلام وعونا للشعب المظلوم وقيادته المسجونة. ويكتفي بعضهم بالسؤال عن عرفات واستمرار حبسه في رام الله او عن المسجد الأقصى وقوافل المساعدات المحجوزة على المعابر والحدود. ويخطئ العرب أن قبلوا بإبعاد عرفات إلى خارج وطنه فلسطين، لأنهم بذلك يضعوا أنفسهم في وضع لا يحسدوا عليه، ويشاركوا في جريمة لا تغتفر إن هم وافقوا على تصفيته كما يود ويريد شارون.

أين هو منطق السلام الإسرائيلي مادام وزير خارجية الصهاينة يقول ان إبعاد عرفات مصلحة للسلام وللجميع؟ المصلحة الحقيقية في أي لقاء عربي إسرائيلي رسمي او غير رسمي تصب في خانة إسرائيل. وعلى العرب ان يرحموا الشعب الفلسطيني من غيرتهم عليه وعلى السلام، وليتذكروا الحكمة التي تقول من الحب ما قتل،وليخففوا حبهم قليلا...