التخبط العربي
من يراقب المشهد العربي برمته يستطيع ان يلاحظ بلا ادنى عناء التخبط العربي الرسمي على صعيد الحكومات والدول، والتخبط العربي الشعبي على صعيد الافراد، والتدهور العربي الاعلامي العام والخاص عبر قنوات التلفزة الفضائية العربية بكونها الموصل الرئيس لسياسات الدول العربيةالى شعوبها، التي من المفترض ان الاعلام فيها الموجه لبوصلة الشباب، والطاقات الوطنيةالعربية
ماذا نعني بالتخبط، انه وبكل بساطة عدم معرفة الاولويات للدولة وعدم ادراك الاخطار المحدقة بها او توهم اعداء ليسوا حقيقيين تنشغل بهم الشعوب كأهداف استرتيجية. في الوقت الذي يغض الطرف عن العدو الحقيقي بل وينصح بالتعامل معة على انه جار او صديق. هذا التخبط الرسمي ينتقل الى المواطن العربي، فيخلق عنده نوع من الانفصام، ما بين الواقع المعاش، وما بين ما يضخ عليه من معلومات يفترض به ان يصدقها، كأن تتحدث اغلب الحكومات العربية عن ان بلدانها تعيش بمستوى اقتصادي ممتاز والمواطن يعيش تحت خط الفقر المدقع، وتعمل البرامج والندوات التلفزية على افتراض انه يعيش في بحبوحة من العيش، ولكنه هو الذي لا يحس بنعمة ما يملك، فتنقل الحكومات الكرة من ملعبها الى ملعب المواطن الذي يبدا بالبحث في ذاته عن سبب عدم قدرته على العيش الصحيح كما تدعي الحكومات على لسان مسؤليها، فيدور في حلقة مفرغة بين الفقر، والكذب الرسمي، وكذلك المرض الانفصامي، مع ان الدول لو صدقت شعوبها لوفرت عليهم الدخول في متاهات الامراض النفسية.
بعض الدول العربية تقنع مواطنيها انهم في نعيم الديمقراطية وان القمع السياسي الذي يمارس ما هو الا شكل من اشكال التصحيح السياسي وانه ليس موجه لهم بل الى فئة ضالة، مع انه في واقع الامر كل المواطنين في نظرها فئات ضالة. تدعي بعض الانظمة العربية ان ليس لديها اعداء، وان على مواطنها ان يخشوا جيرانهم اكثر من خشيتهم اسرائيل، فاسرائيل دولة مسكينة تدافع عن نفسها وسط هذا المحيط العربي التفجيري الانتحاري، وانها دولة تود العيش مما جعل كل الاستشهديين والانتحاريين العرب الذين ماتوا والذين على درب الموت في صراع مع الذات، او صراع مع القدر الذي هم فية تحت التراب او فوقة.
يحتار المواطن العربي اليوم في امر امريكا في العراق هل هي دولة احتلال امبريالي ام هي دولة الحرية الموعودة، ام انها دولة الديمقراطية المجلوبة للشرق المتوحش، ليصبح شرق اوسط جديد وكبير، مع ان دول عربية كثيرة ما زالت تبحث عن معنى للشرق العربي الجديد الا ان بعض وزرائها الملهمين يتحدثون عن نعمة الفكرة وكانهم خالقوها ومهندسوها
اعتقد ان على الاهليين العرب وليس الرسميين المغرميين بقنوات الغناء العربي ومتابعة الشريط الكتابي الذي يمر من اسفل الشاشات الغنائية
والذين يصرفون مبالغ طائلة الى شركات الهواتف المحمولة ان يكثروا من رسائلهم، ولكن باتجاهات اخري غير الغنائية والاهداءات فهم مطالبون ان بتحويلها الى ساحات للفكر الشعبي لتطوير ذواتهم، خيرا من هذا الرغو الماجن. وان يجدوا وسائل شعبية اكثر صدقا وعفوية للتعبير عن فشلهم في استيعاب حكوماتهم وفشل حكوماتهم في تلبية طموحاتهم واحلامهم التي غدت كالسرب في يوم قائض لا ريح فيه
منور غياض ال ربعات
محلل سياسي وباحث في الاعلام الدولي
المملكة المتحدة
- آخر تحديث :
التعليقات