قبل أن ينجلي غبار أي حدث في العراق تكون الشبهات ونظريات المؤامرة تحاك وتدار هنا أو هناك من قبل هذا الطرف او ذاك ومن قبل هذه الجهة او تلك، ومايميز الوضع في العراق عن غيره هو تداخل الخارجي بالداخلي المحلي واقصد هنا، أن المحلي و المتمثل بإبن البلد الذي فقد البعض أو على وجه الدقة كل أمتيازاته التي كان يتمتع بها ايام حكم النظام البعثي، هذا المحلي قد دعم وساند وساهم وبشكل فعال في تثبت اقدام الخارجي الذي جاء من وراء الحدود، ولن نقول ان ذلك الدعم والاسناد المتمثل بتوفير الطعام والملاذ الآمن وخرائط الطرق والممرات والأماكن الستراتيجية في داخل العراق وخاصة تلك التي تتعلق بقطاع النفط الذي تعرض اكثر من غيره لمجازر- أن صحت التسمية- كلفت العراق الكثير وألحقت الضرر بإقتصاد البلد..؛ أقول أن ذلك الدعم والاسناد المجاني كان أحد الأسباب الرئيسية في عدم تمكن الحكومة العراقية المؤقتة من كسر شوكة الأرهاب الذي اجتاح العراق بعد سقوط الصنم في التاسع من نيسان من العام 2003 ؛ ولا يفخى أيضا" أن تعقيد الوضع في العراق يرجع بالاساس الى ذلك التداخل الذي حصل ما بين المحلي ( فاقد الأمتيازات )ومن جاء من وراء الحدود الذي لديه مخططاته واستراتيجيته ونظرته للواقع العراقي والتي تتقاطع مع نظرة العراقي الشريف المحب لوطنه، كل ذلك أدى بالنتيجة الى ظهور العديد من التنظيمات والحركات و الأحزاب والجيوش السرية التي تعمل تحت الأرض وهذا لب القضية الذي يجب ان ننتبه اليه جميعا" ونحاول فهمه وتحليله.

وأنا اتحدث عن الداخلي والخارجي وامثلهما بالعراقي أبن البلد والأجنبي الذي دخل البلد على حين غفلة من اهله أو بإتفاق وترتيب مسبق مع المحلي، وتشابك وأختلاط الأوراق على الحكومة العراقية وسعيها الجاد والدؤوب للقضاء على ظاهرة الأرهاب وماأفرخته من ظواهر سيئة أخرى لم يسبق ان شهدها العراق من قبل كعمليات تفخيخ السيارات والأغتيالات والقتل العشوائي وظاهرة الأختطاف سواء أختطاف العراقيين او الأجانب، كلها ظواهر كان بإمكان الحكومة العراقية أن تأدها قبل أن تولد وتنمو وتترعرع في ظل أوضاع اخذت تزداد تأزما" وصعوبة يوم بعد آخر؛ كان- ولايزال- بأمكان الحكومة العراقية أن تبحث عن السبب الرئيس الذي أنتج تلك الظواهر- لو صحت التسمية-وساهم في نموها وتغلغلها في الوسط العراقي وتفاعلها مع المحيط الخارجي وايجاد موطىء قدم لها في اكثر من دولة لا تتمنى الخير للعراق ولشعبه،واعتقد ان السبب او المسبب الرئيسي الذي يقف وراء كل ذلك الدمار والخراب الذي يحل بالعراق اليوم هو ليس ببعيد عن أنظار رجال الحكم في الحكومة الجديدة، بل أحسبه بين ظهرانيهم وهم عنه غافلون.

لا ننسى أن نذكر بإن اغلب الدوافع التي تقف وراء عمليات الخطف في العراق هي دوافع مادية بحتة لاعلاقة لها بالدفاع عن الوطن وطرد " المحتل " وغازي الديار، فقد أنجلى غبار آخر مفاوضات ماراثونية أجراها الشيخ هاشم الديلمي وادارها بكفاءة، وتمخضت عن نصف مليون دولار حصلت عليه مايسمى بجماعة الرايات السود التابعة للجيش الأسلامي السري الذي يعمل وينشط في المنطقة السنية من العراق، ذلك المبلغ كانوا قد حصلوا عليه من الشركة الكويتية لقاء اطلاق سراح عمالها الذين يقومون بإيصال المواد المختلفة الى الشعب العراقي المظلوم؛ كما أن كل عمليات خطف المواطنين العراقيين( الأغنياء منهم على وجه الخصوص) كانت دوافعها مادية، وإلا كيف تفسرون أن يختطف شرطي أو مواطن عراقي بإسم تحرير العراق ومن ثم يطالب الخاطفون بفدية ويالها من فدية لاتقل عن مبلغ يسيل له لعاب أقدس القدسيين ( نصف مليون دولار)، مبروك على المفاوضين وإلى مزيد من عمليات الخطف وخلط الأوراق!.

[email protected]