الفاشية هي ببساطة نظام الدولة القوية الذي يبغي الحكم على الآخرين بواسطة العنف والقسوة لغرض تنفيذ سياساتها سواء الداخلية منها أو الخارجية، وهذا بالضبط ما قامت وتقوم به أمريكا ضد الدول والكيانات التي تعارض سياساتها، ومنها ما قامت به من إسقاط وإحتلال دولة مستقلة ذات سيادة هي العراق.

إن الخطر الأعظم على البشرية كان الجيل الأول الذي ينتمي إلى الحركة الفاشية/النازية الجديدة المعروفة بإسم Synarchism (أي: سوية بدون قائد) والتي على ضوء فلسفتها تشكل الجيل الثاني للحركة في الولايات المتحدة والتي تسمى بالحركة الشتراوسية Straussism (نسبة إلى الصهيوني القادم من ألمانيا ليو شتراوس مؤسس الحركة في أمريكا). تؤمن هذه الحركة بحق القوي لحكم الضعيف والتي كان ولا زال هدفها هو خلق وترويج عالم فاشستي من خلال إستعمال أعضائها لعبارات مثل "التهديد الإرهابي" و "الإرهاب الدولي" ومشابهاتهما من العبارات لكي يسببوا الخوف والهلع ويخدعوا الناس كي يطالبوا حكوماتهم بحمايتهم من هذا الخطر المخيف. ولكن الناس لا يعلمون أنهم بعملهم ذلك فإنهم سيحصلون على الدكتاتورية بدل الحماية ويفقدوا مواطنتهم وحريتهم ويصبحوا عبيداً أرقاء وبهذا يقعوا فريسة لأفكار هذه الحركة المدمرة. بل والأكثر من ذلك فإن أعضاء هذه الحركة يكذبون على العالم بشكل وقح ومفضوح من أجل تنفيذ غاياتهم. وقد تطورت بعد ذلك آيديولوجية الحركة الشتراوسية لتشكل ما يمكننا تسميته بالحركة البوشية (نسبة لعائلة بوش التي بدأها الجد ثم الأب وإستلمها الحفيد من بعدهم) كي تنفذ مهمات الحركة الشتراوسية الفاشية في بسط النفوذ الأمريكي على العالم أجمع.

وللتعريف بهذه الحركة، لا بد لنا أولاً من إلقاء نظرة على بدأ تكوينها وتطورها إلى ما وصلت إليه اليوم لتشكل أكبر خطر يهدد البشرية جمعاء. فقد بدأت هذه الحركة الفاشية/النازية قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بقليل حين إختفى الكثير من دعاتها "تحت الأرض"، وظهروا بعد ذلك بسنوات قليلة، خصوصاً أولئك الذين كانوا ينتمون إلى جهاز المخابرات النازية الذين ساهموا بعدئذ في إعادة إنتشار شبكاتهم في الولايات المتحدة وأوربا وأمريكا اللاتينية تحت ستار محاربة الشيوعية. وصل الأمر بهذه الحركة أنها قد نفذت إلى مراكز القرار السياسي والعسكري مثل وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين وحلف الناتو وأجهزة المخابرات والعديد من الساسة والإعلاميين، بل وحتى إلى البيت الأبيض الأمريكي. ومما قامت به هذه الحركة الفاشية هو تخطيطها لمحاولات الإنقلاب في كل من الأورغواي وبوليفيا، حيث إشتهرت بما سمي بإنقلاب "كولونيلات الكوكايين" في بوليفيا وكذلك في أماكن أخرى من العالم. وعلى سبيل المثال أيضاً، فإن أشهر ما قامت به هذه الحركة في أمريكا اللاتينية هو دعمها، بواسطة جون نيغروبونتي (سفير أمريكا الحالي والحاكم الفعلي للعراق)، لفرق الموت في نيكاراغوا أثناء قضية إيران كونترا ودعم نيغروبونتي أيضاً للدكتاتورية العسكرية للجنرال مارتينيز في الهندوراس. هذا ويقول بعض العارفين بخفايا أمور هذه الحركة أن آخر ما قامت به هي تفجيرات مدريد الأخيرة، والتي إتهمت بها القاعدة، وذلك من أجل خلق ستراتيجية جديدة للقلق والخوف لدى العالم.

أما العمل الآخر المشهور الذي قامت به الحركة الفاشية/النازية الإجرامية في أوربا فهو ما حدث في عام 1960 عندما قرر الجنرال ديغول سحب القوات الفرنسية من الجزائر والتخلي عن كون الجزائر مقاطعة فرنسية، حيث تصدى له أكثر من ثلاثة آلاف ضابط كان معظمهم مدربين بشكل شخصي من قبل قائد الغستابو الألماني السابق "أوتو سكورزيني" ومساعده البلجيكي "ليون ديغريل" الذي كان يقيم في ذلك الوقت في طنجه بالمغرب. علماً بأن سكورزيني كان معروفاً بكونه من أكثر القادة العسكريين إجراماً وحباً بالقتل، كما أنه قد عمل مع المخابرات الألمانية الحديثة التكوين التي تم وضع أسس تشكيلها "راينهارد غيلن" رئيس المخابرات الألمانية أيام الحرب وبمساعدة المخابرات المركزية الأمريكية. وكانت هذه الحركة قد خططت لإدخال فرنسا في حروب لا تنتهي مع مستعمراتها الأفريقية والشرق أوسطية، تماماً كما خططوا لأمريكا أن تقوم به الآن. وقد قالها سكورزيني في عام 1953 عند سماعه لإدانة مجرمي الحرب في محاكمات نورنبيرغ، "إن حروب المستقبل ستكون مليئة بالرعب بحيث يشن بعض رؤساء دول كبرى الحرب كالمجانين لكي لا يكونوا خاسرين وبالتالي لكي لا يظهروا بمظهر المجرمين"، ويبدو أن نبوءته تلك قد بدأت بالتحقق بعد وصول الرئيس الأمريكي بوش إلى سدة الرئاسة الأمريكية والبدء بشن ما يسموه "الحرب الإستباقية" كما حدث في العراق. ومن المثل على ما قامت به الحركة الفاشية في فرنسا يبدو واضحاً أنه بعد أن تغلب الرئيس ديغول على نزعات الحركة الفاشية/النازية التي أرادت توريطه بحروب لا تنتهي، تغلبت هذه الحركة على جورج بوش، إن لم يكن هو بالأساس أحد أعضائها، من خلال توريط أمريكا في حروب سوف لن تنتهي في المستقبل القريب على أية حال.

في 7 تموز/يوليو 2003 صرح ليندون لاروش الإقتصادي والمؤرخ المعروف الذي إعتقلته السلطات الأمريكية لإتهامه بتهديد الطبقة الحاكمة في أمريكا، والذي كان أحد المرشحين لإنتخابات الرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي، صرح بأسماء بعض أعضاء الحركة الشتراوسية في النظام المصرفي الأمريكي، على وجه الخصوص، ممن كانوا ولا يزالون يتآمرون من أجل تقويض النظام المصرفي الأمريكي بشكل يؤدي إلى ما أسماه "11/9 المالية" وبحيث شبههم بأولئك الذين جلبوا هتلر للحكم في عام 1933. إذ أنه في ذلك العام (1933) عمل حاكم بنك إنكلترا وبمساعدة من شركائه الذين كان من ضمنهم بريسكوت بوش، جد الرئيس الأمريكي الحالي، على وضع أدولف هتلر في السلطة المطلقة التي ظهر فيها خلال الفترة بين عامي 1933 و 1934. كما ذكر لاروش بأن هؤلاء هم من نفس المجموعة المصرفية التي ساعدت على تأسيس حكومة فيشي الفرنسية العميلة لألمانيا النازية وأن المحافظين الجدد (اليمين المتطرف الأمريكي) في الولايات المتحدة الأمريكية هم جزء من هذه الحركة، ومن ضمن من سماهم لاروش هو روبرت مونديل، أستاذ الإقتصاد المشهور والحائز على جائزة نوبل في الإقتصاد وروبرت بارتلي الذي يعمل في صحيفة الوول ستريت جورنال.

هذا وشكلت مجموعة في الولايات المتحدة الأمريكية مكونة من 41 عضواً من المحافظين الجدد من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري وصقور السياسة الخارجية الأمريكية لجنة أسموها "لجنة الخطر الراهن" حيث أعلنوا أن العدو الحالي لهم هو "الإرهاب العالمي". وقد أعلن هؤلاء أن مهمتهم الوحيدة هي تشجيع سياسات الغاية منها هو الإنتصار في الحرب على الإرهاب - الإرهاب الذي (يقوم به المسلمون المتشددون المعارضون للحرية والديمقراطية !!!) حسب إدعاءهم. وقال جيمس وولسلي أحد أعضاء هذه اللجنة الذي عمل مديراً للمخابرات الأمريكية سابقاً في عهد الرئيس الأمريكي كلنتن وصديق أحمد الجلبي الحميم، وأحد الأعضاء المهمين في الحركة الشتراوسية، "إن هذه اللجنة ستبقى فعالة إلى أن يتم القضاء على الخطر الراهن الذي يمثل تهديداً لنا." وكان وولسلي قد قال في وقت سابق لتصريحه أعلاه بأن (الحرب على الإسلام المتشدد يمثل بالنسبة لنا "الحرب العالمية الرابعة")، كما وقال، ("إن الكثير من الناس لا يعلمون بما فيه الكفاية تصميم عدونا الشرير!!! الذي يدعو إلى شن الجهاد ضد جميع الأمريكان وإعادة إنشاء إمبراطورية إسلامية شمولية في الشرق الأوسط"). وقد أيده بذلك الصهيوني جوزيف ليبرمان، عضو الكونغرس الأمريكي وعضو هذه اللجنة حين قال ("أن غاية هذه اللجنة هو إنشاء جيش من أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري جاهزين لشن حرب فكرية ضد أعدائنا من المسلمين المتشددين وأن تكون حربنا من أجل توسيع الديمقراطية ومن أجل شن حرب على الإمبراطورية الشيطانية الحديثة، الخلافة الإسلامية المتشددة التي تناهض حرية مواطنيها وتهدد أمن مواطني الدول الأخرى"). علماً بأن العدد الأكبر من أعضاء هذه اللجنة هم من المحافظيين الجدد (اليمين المتطرف) الذين أقنعوا الرئيس الأمريكي بوش بشن حربه على العراق وكذلك الإستمرار بإقناعه لتوسيع شن حربه على ما يسمى بالإرهاب لكي تشمل كلاً من إيران وسوريا، إضافة إلى السعودية. من هنا يتبين أن آيديولوجية هؤلاء تنسجم تماماً مع ما يعتقده شتراوس بأن الطبيعة العدوانية عند البشر يمكن إعاقتها فقط من قبل دولة قومية قوية، حيث هو القائل أن "الإنسان شرير جداً جوهرياً ولهذا يجب أن يُحْكَمْ وإن مثل هذا الحكم يمكن فقط أن يؤسس عندما يتحد الرجال ضد أناس آخرين".

وليس من المستغرب معرفة أن جميع أعضاء هذه اللجنة الأمريكية هم من اليهود الصهاينة أيضاً ومن المؤيدين الأقوياء لإسرائيل والمدافعين عنها في جميع المحافل وإنهم أيضاً من أكثر المؤيدين للمجرم الفاشي آريل شارون وحزبه. كما أن غاية هذه المجموعة هو العمل بإستمرار على إستعمال لغة مصممة لمخاطبة الجماهير ومناداتهم لإعلان الحرب من أجل "الحرية والديمقراطية".

أما عن الدين فيقول شتراوس، " أن على الحكام أن لا يربطوا أنفسهم به لأن الإعلان عن الحقيقة بإستخدام الدين ما هو إلا "إحتيال ديني"، كما تقول النظرية الشتراوسية، أو "البوشية" كما سميناها، أنه يجب دمج الدين والدولة إذا أراد الحكام السيطرة على الجماهير التي لا يكن لها الشتراوسيون، على أية حال، سوى الإحتقار والإذلال ذلك لأن الدين ليس للحكام، كما يعتقدون. إضافة إلى أن أعضاء هذه الحركة يؤمنون بأن الدين يستخدم كأداة للخضوع والسيطرة، وهذا ما لايريدوه لأنه يحجم تحركهم في العالم وبشكل خاص العالم الإسلامي. وقد كان الأكثر شراً في تغيير السياسة الأمريكية من قبل صقور اليمين المتطرف هو التصعيد الخطير بشن حرب دائمية على دول عديدة بدأوها بإفغانستان ثم العراق، وبمقياس لم تكن تتصوره غالبية دول العالم، وما إنشاء مشروع "القرن الأمريكي الحديث" إلا نتيجة لهذا الإتجاه الشرير لهذه الحركة. علماً بأن المسيحيين المتطرفين واليهود هم من يشكلوا الحركة الشتراوسية الفاشية في أمريكا الآن وهم من يخطط السياسة الخارجية الأمريكية ويضع اللمسات النهائية عليها. وجدير بالذكر أن أكثر أعضاء هذه اللجنة هم أيضاً أعضاء في "مشروع القرن الأمريكي الحديث" الذي يديره غاري شميدت بمساعدة وليام كريستول رئيس تحرير Weekly Standard وأن أهم أعضاء هذا المشروع هم ديك تشيني ورامسفيلد والعديد من صقور الإدارة الأمريكية العاملين بمراكز عليا فيها والذين كان لهم القرار الفصل فيما إتخذته الإدارة الأمريكية بخصوص الحرب على العراق والتي وافق عليها بوش.

وفي وقت عرف به الشتراوسيون أنهم المحافظون الجدد، بالرغم من إدعائهم علناً أنهم من المحافظين فقط، إلا أن ما يبدو للعيان أنه لا يوجد شئ يدل على أنهم محافظون من خلال أهدافهم، وهذا واضح جداً من خلال أفكارهم بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، حيث أنهم يحاولون إعادة ترتيب الشرق الأوسط بأكمله ليصب بالتالي في مصلحة إسرائيل. ومن قادتهم الحاليين عدد كبير من واضعي سياسة الإدارة الأمريكية المؤثرين جداً أمثال بول وولفويتس وريتشارد بيرل ودوغلاس فيث ولويس ليبي وأليوت أبرامز وجون بولتن وديفد وورمسر وأبرام شولسكي يساعدهم في مجال الإعلام أشخاص من أمثال بل كريستول ومايكل ليدين وستيفن براين وجون بودهوريتس ودانييل بابس، وأما في العالم الأكاديمي فيساعدهم أناس مثل ريتشارد بايبس ودانييل كاغان.

والمثل الواضح للمكر والخداع الذي مارسه شولسكي و لوتي هو تمريرهم لمعلومات إستخباراتية مزيفة جمعت من خارج وكالات الإستخبارات الأمريكية مثل تلك التي زودهم بها أحمد الجلبي، خريج جامعة شيكاغو، كما هم شولسكي وولفويتس اللذان حصلا على شهادة الدكتوراه بإشراف ليو شتراوس في جامعة شيكاغو. ومن هنا يتبين بشكل واضح أن مميزات آيديولوجية الحركة الشتراوسية هو المكر والخداع في الحرب والدبلوماسية على السواء وفيما إذا كان ذلك داخل الولايات المتحدة أو خارجها، وهذه كانت أهم الدروس التي نادى بها شتراوس طلابه وأتباعه الذين بدأوا، بعد وفاته في عام 1973، يروجون لأفكاره في الجامعات ومؤسسات الدولة الأخرى. إن الكذب الذي مارسته إدارة بوش وعلى كافة الأصعدة وخصوصاً من قبل الشتراوسيين يتفق تماماً مع آيديولوجية شتراوس الذي يعتقد أن المجتمعات يجب أن تقسم إلى قسمين، قسم من النخبة التي يجب أن تقود، والجماهير التي يجب أن تتبعهم، ولهذا وحسب هذه النظرية فإن المكر والحروب الدائمة يجب أن تكون المعيار في الحياة السياسية. وما كذبهم حول ما يسمى أسلحة الدمار الشامل العراقية وغيرها من التهم التي ثبت عدم صحتها إلا مثالاً صارخاً على سلوك الكذب الذي إختطوه لتنفيذ غاياتهم، بل والأقبح من ذلك أنه وحتى بعد ما يقارب من عام ونصف على إحتلالهم للعراق وثبوت عدم وجود هذه الأسلحة، لا يزال أعضاء هذه الحركة، وعلى رأسهم ديك تشيني يرددون نفس النغمة بأنهم سيجدون تلك الأسلحة المزعومة في العراق.

كما أنه من المعروف الآن أن من أبرز المدافعين عن النظرية الشتراوسية حول التدخل العسكري والحرب الإستباقية هم بول وولفويتس وأبرام شولسكي، وهذا الأخير يترأس مكتب عمليات الخطط الخاصة في وزارة الدفاع والذي يعمل تحت إمرة وكيل وزارة الدفاع وليام لوتي الذي هو الآخر عضو مهم في الحركة، وريتشارد بيرل، الذي كان لوقت قريب رئيساً لمجلس سياسة الدفاع، وستيفن كامبون وكيل وزارة الدفاع لشؤون الإستخبارات.

وبالنسبة لوليم لوتي، الذي كان يعمل مستشاراً لديك تشيني وتم تعيينه بعدئذ وكيلاً في وزارة الدفاع للخطط الخاصة فإنه كان مجنوناً بفكرة التخلص من صدام حسين، حيث وصف أحد المقربين له أن مكتبه مليئ من الأرض حتى السقف بصور وقصاصات الصحف عن صدام والحلقة المقربة منه وبهذا فإنه كان مهووساً بإسقاط نظام صدام حسين فوراً بحيث أنه لم يفكر على الإطلاق بالعواقب. إضافة لذلك، فإن لوتي كان يعمل عن قرب مع معارضي صدام حسين الذين دخلوا مع الأمريكان بعد إحتلالهم للعراق وذلك بكلا الجانبين المخابراتي والعملياتي، بحيث تم تكليفه بالسفر إلى لندن في شهري تشرين الثاني وكانون الأول للقاء أحمد الجلبي وبقية الشلة من "المعارضة". ففي السابع عشر من شهر كانون الأول إلتقى لوتي والجنرال ديفيد بارنو في لندن بأحد عشر من رؤوس "المعارضة" العراقية حيث إختار المجموعة الأولى من العراقيين لتدريبهم في هنغاريا للمشاركة في العمليات العسكرية الأمريكية في العراق لاحقاً. ومن أخطر ما تبناه لوتي هو فكرة "الدفاع التوقعي عن النفس". وفي نفس الوقت عمل رويل مارك غيريشت، الذي هو ضابط متقاعد من وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية، كضابط إتصال بين شولسكي في وزارة الدفاع وبين "المعارضة" العراقية في لندن وأماكن أخرى في أوربا، حيث كان يقيم معظم وقته في بروكسل.

من خلال المعلومات التي وردت أعلاه عن اليمين الصهيوني المتطرف الذي يدير السياسة الأمريكية يتبين لنا من دون أدنى شك أنهم من يقود الحركة الفاشية "البوشية" الجديدة وأن إرتباطاتهم مؤكدة تأريخياً بمؤسسي الحركة من أؤلئك الذين أنشأوا حكومة فيشي النازية أثناء الإحتلال الألماني، وأنهم من إبتدع الأكاذيب وسوق التلفيق عن أسلحة الدمار الشامل العراقية الوهمية وما إلى غيرها من تخرصات وإدعاءات، وهم بالتالي من خطط ونفذ الحرب على العراق ومن ثم إحتلاله وتدمير دولته المستقلة ذات السيادة وشكلوا فيه حكومة فيشي عميلة أخرى. ومن هنا نستخلص أن الحرب العدوانية على العراق كانت أكبر من قضية إدعاءات إمتلاك أسلحة دمار شامل أو التخلص من نظام شمولي أو غيرها من المبررات التي سوقت لشن هذه الحرب، بل هي كانت لخدمة أهداف الصهيونية الفاشية التي يدير المرتبطون بها السياسة الأمريكية الدولية من أجل تدمير الأمة العربية والاسلامية التي تمتلك من المقومات المادية والفكرية والتأريخية ما يجعلها قادرة على إعادة صناعة تأريخ الحضارة الإنسانية مرة أخرى إذا توفرت لها الفرصة والإرادة السياسية والزعامات التأريخية كسابق عهدها. وبطبيعة الحال، ولكون العراق بلد أقدم الحضارات وعاصمته بغداد عاصمة الخلافة والنور والتأريخ العريق يقف في مقدمة هذه الكيان الكبير والمؤهل للقيام بهذا الدور، فقد وجدوا فيه منبع التهديد المباشر للمخططات الصهيونية الفاشية لهذا عملوا جاهدين على تدميره وإنهاءه. ولكن ما يجري اليوم على أرض الواقع في العراق من رفض للاحتلال ومقاومته ومقارعتة لأعتى قوى عسكرية في العالم رغم بساطة الإمكانات وفقدان الدعم المادي من أية جهة عربية أو دولية لهو خير دليل على قدرة التحدي الهائلة الكامنة في الذات العراقية التي إستهدفها ويستهدفها أصحاب ذلك المخطط الفاشيون والصهاينة، ولكن هيهات أن ينتهي العراق أو يتغير العراقيون.