لماذا يصبح التيار الصدري وربما طوائف وزعامات قادمة جزءا من مشكلة تعالج بانصاف الحلول او بالحسم المؤجل بدون ان ينجلي الامرعن مشروع وطني واضح للانقاذ بل انجلى عن غموض في موقف كلا الطرفين، الحكومة وجماعة الصدر، ثم مالبث ان تطور الموقف بطلب مقتدى الصدر من جميع انصاره في المحافظات العراقية وقف اطلاق النار انتظارا لطرح برنامج سياسي يعلن خلال 48 ساعة معلنا دخول العملية السياسية في العراق، وهو الرافض لها من قبل ولولا رفضه هذا، ماكان لارواح عشرات العراقيين ان تزهق. فمن الذي يتحمل مسؤولية ذلك؟ الصدر ام الحكومة؟ ولماذا لم يتم الاتفاق قبل ان تسيل دماء العراقيين. ولعل ابسط قوانين الديمقراطية ان ينال المقصر عقابه، فلا يمنحه الشعب ثقته اذا كان الوعي هوالمسيطر وليس الشعارات الديماغوغية؟ فهل يعرف الشعب العراقي اليوم اللعبة ام ستنطلي عليه الشعارات الجديدة ليكتشف الزيف بعد فوات الاوان.
والملاحظ ان مسالة النجف صاحبها غلو في التصريحات الى درجة ان البعض تحدث عن امكانية كونفدرالية من ثلاثة محافظات. وربما يسهم قيام ميليشيات مذهبية، او عرقية في تغذية هذا الاتجاه ليتحول العراق الى لبنان جديد، لكل طائفة اوحزب فيه مناطق نفوذ، وهذا واقع الحال الان، كيان كردي قائم في الشمال، ومنطقة منزوعة السلاح في النجف والكوفة، لكنها سياسيا بيد القيادة الدينية الشيعية، ويمكن القول انها مستقلة اقصاديا على الاقل في ما يتعلق بواردتها من العتبات المقدسة، تماما كمنطقة كردستان المستقلة الان سياسيا واقتصاديا.
ومثلما استثنيت ميليشيات كردية من قرار حل قوى الاحزاب المسلحة، يمكن القول ان اتفاق النجف يمنح ميليشيا الصدر فرصة تشكيل نفسها ليصح القول ان فرصة اندلاع حرب جديدة ممكنة وكل ما حدث في النجف ان المعركة قد اجلت الى حين.

وبينما يصنف الصدر نفسه على انه صاحب حق في دور اكبر، يعتقد كثيرون ان الأكراد هم الرابح الأكبر من سقوط صدام ويمتلكون حـــق النقض ( الفيتو) على أي قرار يمكن أن يمس حقهم في الفيدرالية عند صياغة الدستور الدائم، كما ان نصيبهم هو حصة الأسد من المناصب الحساسة في الحكومة المؤقتة.

والذي يلمس التحركات السياسية على الساحة العراقية فسيجد الكثير مما يدعو للتساءل، فتشكيل مجلس سياسي شيعي لتوحيد المواقف حيال المستجدات يعني ان هناك مايصح تسميته بحكومة (ظل) وهي تشبه الى حد كبير الحكومة الكردية.
ومنذ سقوط نظام صدام فان سياسة تفريخ الازمات، و إعادة إنتاجها بشكل دائم،مستمرة لتصبح انصاف الحلول العلاج الوحيد للأزمات والمشاكل اليومية، مما يدفع المجتمع الى الاستعانة بالطائفة والعشيرة كوسيلة للبحث عن الامان، وهذه الحالة اليائسة وجدتها الاحزاب فرصة لكسب الاتباع والحصول على مكاسب في الميدان.
ان البحث عن الحالة العراقية الواحدة وتثبيت ركائزها هي الوسيلة الصحيحة لتجنب الكوارث الطائفية كما ان إيجاد رؤية تختلف في التكتيك وتتوحد في الهدف هو الاساس الذي تبنى عليه الحلول،عندئذ يمكن للشيوعي او القومي او الصدري بالوسطية والايدلوجية الغير متزمتة ان يرى موقعه على الخريطة السياسية بصورة تناسب قوته على أرض الواقع.

[email protected]