بدأ الموسم الدراسي في المملكة يوم السبت الموافق 27\7\1425 هـ بعد أن قرأنا العديد من التصريحات والكتابات التي تنادي بتطوير المناهج وكل الوسائل التعليمية.

ذهبت أول أيام الدراسة مع أبنائي الثلاثة :

الأول : يدرس في الصف الثالث المتوسط.

الثاني : يدرس في الصف الثالث الابتدائي

الثالث : في التمهيدي.

وجميعهم يدرسون في مدرسة أهلية "خاصة " بمبالغ مادية مكلفة، وان كانت لاترق إلى المستوى المأمول من مدارس خاصة، كونها مدارس ذات مباني مستأجرة وضيقة وغير مهيأة للتدريس الأهلي. وأستغرب أن تسمح وزارة التربية لذلك النوع من المباني المستأجرة كي تصبح مدارس بالرغم من الدعم الحكومي والدخل الممتاز الذي يدفعه الأهالي! وقد يسألني البعض عن السبب الذي دفعني لتسجيل أبنائي في مثل هذه المدارس التي تكلفني مالا ولا تعطيني مقابلا جيدا يتساوى على الأقل مع ما ندفعه من مال حبا في تعليم جيد وتربية راقية. فأقول لهم إنه ينطبق علي القول : ( ويش حدك على المر قال اللي أمر منه )!

يوجد في كل من المدرسة الابتدائية والمتوسطة ملعب صغير جدا لممارسة كرة القدم لا تتجاوز مساحة كل منهما مائتين متر مربع. وأرضيتهما من " الإسمنت " المغطى بغطاء صناعي يشبه العشب الأخضر. أي أن أطفالنا معرضين للإصابات في أي وقت.

أما الروضة والتمهيدي فمبناهما يتكون من فلة صغيرة دورين محاطة " بالهنقر " من كل جانب وحوش صغير لا تتعدى مساحته خمسين متر مربع، مما يحرمهم لحظات التمتع بشروق الشمس واستنشاق الهواء العليل. والسبب في وجود "الهنقر " المرتفع فوق الجدران يعود الى وجود معلمات نساء يدرسـّـــــن في مرحلتي الروضة والتمهيدي. ووجود معلمات في الروضة والتمهيدي شيء جميل كونهم الأقدر والأنسب للتعامل مع الأطفال، لكن وجودهم أيضا أحرم صغارنا من فرصة التطلع الى السماء بسبب ذلك " الهنقر " المرتفع عاليا. وربما تفكر المدارس فيما بعد أن تغير المعلمات بمعلمين رجال، كي يعلموا أطفال الروضة مما سوف يجعلهم يزيلون تلك " الهناقر " التي تحجب رؤية الشمس والسماء!

قلت لمعلمي المرحلة الابتدائية : بشرونا... ماذا عملتم من تطوير يتزامن مع دعوات المسئولين والآباء التي تنادي بتطوير التعليم في المملكة؟!

أجابوني : لقد أدخلنا قناة المجد الفضائية كي تكون ملاذا للتلاميذ الصغار حين يشعرون بالملل.

قلت لهم : وماهي قناة المجد، فأنا لاأعرفها؟!

قالوا : أنها قناة مليئة بالإثارة والمعرفة والترفيه الجميل.

طبعا أنا لا أملك في منزلي صحنا فضائيا كوني أسكن في مجمع سكني يبث إلى المنازل عبر شبكة داخلية، ولم تكن قناة المجد من ضمن القنوات التي نشاهدها في منزلنا.

قلت لهم : أتمنى أن تكون قناة المجد قناة علمية،ترفيهية، تخاطب عقول الأطفال بما يثري معلوماتهم ويجعلهم فرحين وسعداء بوجودهم داخل المدرسة. لأن هؤلاء الأطفال الأبرياء أمانة في أعناقكم وليسوا في حاجة إلى من يحشوا عقولهم بالكآبة بقدر ماهم في حاجة إلى من ينمي مواهبهم، ويوسع مداركهم، ويجعلهم باسمين في وجه الحياة وليسوا عابسين أو كارهين أو حاقدين. وعددت عليهم بعض القنوات التي أتمنى أن يشاهدها الأطفال في أوقات فراغهم، مثل ديسكفري، وغيرها من القنوات الممتعة. لكنني وجدت أن المدرسين لايعرفون غير قناة المجد.

أتمنى أن تكون قناة المجد بنفس المستوى الذي تحدث به المعلمون، لأنه من خلال حديثهم يبدو أنها قناة عصرية وسوف يستفيد منها أبناؤنا بما يتناسب وحضارة العصر الذي نعيشه، وقد كان هذا الخبر السار بوجود قناة المجد الفضائية من أجمل الأخبار الذي نزلت علي " كالصاعقة " حيث شعرت بأن التعليم في أيد أمينة ولا خوف على أبناءنا من تخلف حضاري أو غيره مادام أن التعليم لدينا أصبح يستنجد بقناة فضائية متطورة كقناة المجد الفضائية.

وعندما أخبرت صديقا لي في نهاية اليوم بذلك الخبر المفرح قال لي : حتى أنا لا أعرف قناة المجد، لكننا لو فرضنا أنها قناة عصرية مثلما تتحدث عنها فلن تؤثر ذلك التأثير الذي تتمناه مالم تكن المناهج في مستوى قناة المجد.

قلت له : إنها "أي المناهج " مثلما أخبرني المعلمون في مستوى قناة المجد، أو أن قناة المجد في مستوى المناهج. أي أن كلاهما يشبه الآخر مما سوف يخلق تجانسا وانسجاما يتشكل عبرهما وعي الطالب بما يجعله عجينة طيعة لا تستعصي على العجن ولا على المضغ، عندما ترسل كلقمة لينة، مما سوف يسهل عملية البلع التي تودي بها الى معدة جائعة تجيد الهرس الجيد!

قال : لكننا لم نعرف الفكر الذي تنطلق منه قناة المجد حتى نحكم عليها.

قلت له : صحيح..أنني بالغت في فرحتي بوجود قناة المجد في مدرسة ابني، وأعرف أن التلاميذ عندما تصاب عقولهم بضمأ العلم والمعرفة، ولا يجدون إلا حشوا مملا لا يخاطب تلك العقول المتعطشة، فإنهم سوف يصابون بالإنحراف الذي يخلق منهم شاذين، أو إرهابيين.

وها نحن نشاهد الكثير من تلك الحالات تنتشر في واقعنا بسبب ما امتلئت به العقول في السابق من حشو لا يخاطب العقل ولا يشبع نهم الروح التواقة إلى جوهر المعرفة الحقيقية.

وعندما شعرت أن صاحبي بدأ يغرق في الهم والتشاؤم حاولت أن أعيده إلى لحظات فيها شيء من التفاؤل حتى وان بالغت في تفاؤلي ثم قلت له :

افرحي يا بلادي... هاهو التعليم يتقدم خطوات إلى الأمام وليعانق المجد قناة المجد الفضائية.

ولم لا نتقدم إلى الأمام؟!

بل أننا سوف نتقدم على أجنحة المجد وعلى الهواء مباشرة عبر قناة المجد الفضائية،حتى لاينطبق علينا قول نزار :

ذروة الشر أن تموت المروآت.... ويعود إلى الوراء الوراء!!

سالم اليامي salam [email protected]