صوتي لكم..
لن أمنح صوتي لشريكي في الطائفة أو في العرق أو في مسقط الرأس، بل لكم شركائي في الرافدين الخالدين، وهل من شراكةٍ أبقى وأعمق من شراكتنا في مياه دجلة والفرات، شراكتنا في إرث الحضارات التي قامت على ضفافهما، وإرث المآسي التي شهدتها تلك الضفاف؟

صوتي لكم.. لسومر وبابل وآشور
صوتي لكم.. لكلكامش وعشتار وتموز
صوتي لكم.. لمترجمي بيت الحكمة.. لأطباء بغداد العباسية وفلاسفتها
صوتي لكم.. لعدي بن زيد العبادي، لحنين بن إسحاق، لجبريل بن بختيشوع، ليونس بن متي..
صوتي لكم.. للأب أنستاس الكرملي، لعبد المسيح ثروت، لرفائيل بطي، لمجيد خدوري، لكوركيس عواد
صوتي لكم.. لجان دمو، لسركون بولص، لعوني كرومي، لآزادوهي صموئيل
صوتي لكم.. لمنير بشير، لجميل بشير، لزكية جورج، لعفيفة اسكندر، لسيتا هوكبيان
صوتي لكم.. لشدراك يوسف وعمو بابا

صوتي لكم.. لكي تبقى بغداد مدينة التنوع والألوان والجمال
لكي تبقى بغداد عاصمة للسلام والنور والمحبة
لكي تبقى بغداد مدينة المساجد والكنائس
لكي تبقى بغداد مدينة السهر والحانات والقصائد والموسيقى
صوتي لكم.. لأنكم تقفون عزّلا واقوياء بوجه الإرهاب والظلام
تحاربون الظلام بنور المحبة، والإرهاب بالتجذر في أرض الرافدين
يستهدفونكم لأنهم يعرفون أن وجودكم يعني بقاء جذوة الحرية والحداثة والتقدم في العراق، وهم أعداء لهذه كلها.. يستهدفونكم لأنهم يريدون عراقاً بلون واحد، لون الصحراء القاحلة، وأنتم زرقة النهرين وأشعة الشمس الذهبية في سهول نينوى...
بقاؤكم بقاؤنا.. نحن شركاءكم في الرافدين، وفي الحلم بالحرية والتنوع والانفتاح والحداثة.. إبقوا معنا نهزمهم، نهزم ظلامهم وإرهابهم ورمال صحرائهم..

سأصوّت لكم.. وليس هذا منة مني عليكم.. بل أنا الممتن لبقائكم معنا، أنا الممتن لصمودكم بوجه موجات التخلف والتطرف والتعصب والإرهاب.. نحن الذين بحاجة لكم لكي يكون صوت الحرية والحضارة هو الأقوى في العراق..

صوتي لكم.. لأني مثلكم أريد أن تذهب نساؤكم ورجالكم إلى كنائسهم دون حوف
صوتي لكم.. لأني مثلكم أريد أن لا تـُمنع فتاة من ارتداء ما تشاء من لباس، وسماع ما تشاء من غناء..
صوتي لكم.. لأني مثلكم أريد أن تؤسس المعاهد لدراسة اللغة السريانية اقدم اللغات الحية في العراق..
صوتي لكم..لأني اشارككم رغبتكم بأن تديروا أموركم بأنفسكم، وأن تشاركوا في إدارة العراق بما يتناسب وقدراتكم الكبيرة..

كنتُ أتمنى لو أنكم نجحتم في تشكيل قائمة انتخابية موحدة، بل وتمنيت لو أنكم تحالفتم مع شركائكم في حلم الحرية والتقدم من العراقيين الآخرين.. ولكن لا بأس.. فهذه هي التجربة الأولى والفوضى العارمة في العراق تجعل الجميع في حيرة من أمره.. ستكون عليّ مشقة الاختيار بين قوائمكم المتعددة، ولكن لا بأس ايضاً.. ففي كل قوائمكم ألمح زرقة الرافدين، وأشعة شمس الحرية وفضاءات الأمل بعراق يعمه السلام والتآخي وتملؤه الموسيقى وقصائد العشاق....

وأخيراً هذا ندائي إلى كل العراقيين في الجنوب والشمال من الحالمين بعراقٍ عصري، ديمقراطي، تعددي، تـُحترم فيه حرية المرأة فعلاً لا قولاً، وتـُحترم فيه خيارات الفرد في ملبسه ومأكله ومشربه وفي سلوكه الشخصي، تـُحترم فيه حقاً حرية التعبير والفنون والآداب، عراق علماني ينهي سلطة رجال الدين على كلّ ما هو ليس من شأنهم، لا تتدخل فيه الدولة بضمائر الناس ومعتقداتها الدينية، ولا يستغل فيه السياسيون قدسية الأديان.. اقول لكم:
هذا هو الصراع الحقيقي في عراق المستقبل، وسيكون صراعاً طويلاً وشاقاً، أما ما يظهر على السطح الآن من توترات قومية وطائفية ونذرٍ بحرب أهلية فما هي سوى نتاجٍ لغياب الوعي العلماني الحقيقيّ. من كان منكم نصيراً للعلمانية، وللديمقراطية الحقيقية، ولحقوق الإنسان (بصيغتها العالمية التي أقرتها معظم شعوب العالم، لا بتأويلاتها الإسلامية المراوغة) فأنصحه بألا يثق بشعارات مطاطة ترفعها الأحزاب الأخرى، الإسلامية والعشائرية وما يتفرع منها يميناً ويساراً، أنصحكم أن تصوتوا لمن لا مصلحة لهم، ولا مستقبل وأمن إلا بإقرار نظام علماني ديمقراطي حقيقي، وهؤلاء هم مسيحيو العراق وصابئته ويزيديوه. ساندوا الأقليات لكي تقفوا بوجه استبداد الأكثريات.

يا عشاق الحرية والتعددية والعلمانية: صوّتوا لزرقة الرافدين.