المتتبع لأوضاع العراق يجد كوردستان من أكثر المناطق أمناً واستقرارأ داخلياً وإقليميأ لأن الشعب الكوردي بطبيعته محب للسلام والأمن رغم تعرضه للاضطهاد القومي على مر العصور بسبب تسلط الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة على حكم العراق (الملكية والجمهورية) بدعم مباشر من دول القطبين بسبب مصالحهما في المنطقة وتداعيات الحرب الباردة إلى أن انهار الاتحاد السوفيتي وانفصلت الدول المنضوية تحت لوائها بدأت أمريكا التحرك لإيجاد آلية جديدة للهيمنة على العالم وبالذات الشرق الأوسط وإعادة هيكلته من جديد وبشتى الوسائل والتدخل في شؤونه تارة باسم الإصلاحات وحقوق الإنسان وأخرى باسم الحرب على الإرهاب حيث ثابت في السياسة الأمريكية بأنه ليس من مصلحة أمريكا استقرار العالم بل يجب أن يكون هناك بؤر للتوتر بغية الوصول إليها تحت أي ذريعة أو تسمية و بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 المؤسفة بدأت بأفغانستان ثم العراق التي كانت تعتبرهما بؤر للإرهاب والشر واستبشر الكورد خيراً بالخلاص من النظام الدكتاتوري البائد الذي عانى الكورد منه الظلم والاستبداد ما لم يعانيه شعب على وجه الأرض ووقفوا مع قوات التحالف بكل إمكاناتهم المادية والمعنوية و قدموا شهداء من اجل الانتصار في الحرب وتحرير العراق من النظام البائد واستقبلوهم بباقات من الزهور وأغصان الزيتون وأصبحت ملاذاً أمنا لجنود التحالف يؤون إليه من مختلف معسكراتهم في العراق لقضاء إجازاتهم وعطلهم فيها للراحة والتمتع بجمال طبيعتها الخلابة وشعبها المضياف يوفر لهم متطلباتهم بسبب يقظة أبنائها وأجهزتها الأمنية المختلفة الكل عيون ساهرة وحريصة على أمن وطنهم وشعبهم ومستقبله رغم محاولة الأعداء من الإرهابيين وفلول النظام البائد والقوى الإقليمية والدولية المعادية لتجربة كوردستان الديمقراطية لزعزعة استقرار الإقليم وأمنه بسبب موقفهم وتحالفهم مع القوى الوطنية لتحرير العراق وإسقاط النظام البائد ودعمهم للتحالف لإعادة الأمن والاستقرار إليه وتطهيره من الإرهابيين الذي اثقل كاهله وكانت كل العمليات تسير بالتنسيق مع كل الجهات ولكن فوجىء سكان الإقليم من الموقف الأمريكي بهجوم قواتها ليلاً على العاصمة أربيل وجرح عدد من المواطنين وهدم عدد من المنازل والأبنية وأرعبت السكان الأمنيين دون سابق إنذار أو مبرر لذلك أذهلتهم وأصابتهم بالخيبة والخذلان لعدم احترام أمريكا لوعودها وتجاوزها على حرمة وكرامة هذا الشعب الصامد ودق إسفين لصداقة الشعبين الأمريكي والكوردي الذي بنى الكورد أمالاً عليها بان الشعب الأمريكي لن يتخلى عنهم ويقف بجانبهم ويضمن حقوقهم القومية المشروعة في العراق وحمايتهم من أي اعتداء داخلي أو خارجي وخاصة جاءت هذه العملية متزامنة مع زيارة السيد ارميتاج مساعد وزير الخارجية الأمريكي إلى كوردستان لإيجاد آلية حول دور الكورد وموقفهم في إنجاح العملية السياسية في العراق وحل مشكلة كركوك وإصرار الكورد على إعادتها إلى الإقليم باعتبارها جزءًا لا يتجزأ منه أرضاً وشعباً وتطبيق نص المادة ( 58 ) من قانون إدارة الدولة المؤقت وإزالة أثار التعريب فيها والمناطق الأخرى من الموصل وديالى حيث تم تعريبها من قبل النظام البائد والضغط على القيادات الكوردية بالتخلي عن هذه المطاليب وعن كوردستانية كركوك ناسين بان الكورد يعتبرون كركوك قدسهم المقدس وقلب كوردستان النابض من دونها لايمكن إيجاد حل لقضيتهم العادلة الذي قدم مئات الالاف من الشهداء من اجلها واعتبروا هذا الهجوم بمثابة ناقوس يعرّض علاقاتهم مع التحالف للخطر وتحذير مباشر لهم و بإمكان أمريكا إلغاء كل شيء كما فعلت في السابق وتخلت عنهم لان صداقتها مع الكورد صداقة غير متكافئة ومبنية على المصلحة الوقتية وهذا مبدأ ثابت لدى أمريكا بأنه لا توجد صداقة دائمة بل مصالح دائمة وعلى الكورد ان يعيدوا حساباتهم مجددا من هذا الموقف الأمريكي وخذلانها لأصدقائها قي الوقت الحرج وللكورد تجارب معها في الماضي وعلى أمريكا أن لا تنسى بأن الكورد أصدقاء أوفياء لمن يمد يد الصداقة لهم وحريصون على ذلك وإذا تخلى الأصدقاء عنهم ستبقى جبال كوردستان الحليف والصديق الوفي لهم وملاذهم الأمن تحميهم من أي عدوان، إذا غدر بهم الزمان.

محمود حاجي
كوردستان العراق/اربيل