إننا نسمع ونقرأ هذه الأيام، الكثير من التصريحات والأحاديث والكتابات، حول هذه المعادلة، التي أراد لها البعض أن تكون لغزا صعبا، وهي ما مدى مسؤولية صدام أو حزب البعث، لكل ما جرى ويجري للعراق والعراقيين من ويلات ومصائب وإرهاب وحروب؟، حيث يقول البعض..، ومنهم اليوم في المناصب والمسؤوليات العليا في الحكومة العراقية المؤقتة، بأن كل ما جرى في العراق يتحمله صدام وحده، وأن البعث والبعثيين بعيدون كل البعد عن هذه الجرائم والحروب !!، وأن المرحلة الصدامية، هي التي يجب أن تدان وتحاسب وليس حزب البعث !!.

نريد أن نسأل هؤلاء، هل أن صدام لوحده، أو مع البعض من أعوانه، قادرين على ممارسة كل هذه الجرائم والحروب؟؟ ومنها، الآلاف من المقابر الجماعية، وضرب الأحزاب والقوى السياسية العراقية وملاحقتها وإعتقال وإعدام أعضاءها، وحملة الأنفال التي راح ضحيتها أكثر من 180 ألف من الأكراد العراقيين، وقصف مدينة حلبجة بالأسلحة المحرمة دوليا، وضرب المنتفضون والثوار في إنتفاضة آذار المجيدة عام 1991، وملاحقتهم من محافظة الى إخرى، وقتل العديد منهم وهدم بيوتهم وحرق ممتلكاتهم، وحملات التهجير القسرية للأكراد الفيليية من العراق، ومحاربة سكان الأهوار والعمل على تجفيفها، إضافة الى الكثير من الجرائم التي لا يمكن ذكرها الآن، لانها تحتاج الىألآلاف من الملفات والوثائق، وكذلك هنالك العديد من الأجهزة والمؤسسات الأمنية الخاصة والمخابراتية والأستخبارية وفرق الاعدامات وفدائيي صدام.. وغيرها، هل
إن كل هذه تدار من قبل صدام وحده وزمرته المقربة جدا فقط؟.

أن المجرم صدام إبن هذه المؤسسة البعثية الفاشية، التي تأسست ونمت على أساس منطلقها الفكري السياسي القائم على الإنقلابية والتآمر والغدر والإغتيال والتصفيات الجسدية، حتى لأقرب المقربين لها والشواهد كثيرة على ذلك.

أن هذا الحزب الفاشي، هو الذي حكم العراق بالنار والحديد، والذي كان صدام قائده وأمينه العام، هذا الحزب، هو نفسه الذي إرتكب جرائم إنقلاب 8 شباط عام 1963، قبل أن يكون صدام قائدا له وأمينه العام، لان هذا الحزب، لا يؤمن بالحوار والتعددية وإنتقال السلطة بشكل سلمي.. بل يؤمن بالعنف الرجعي والتآمر والارهاب، ليس مع القوى الأخرى والمختلفين معه فقط، بل حتى مع أعوانه المقربين جدا، وأن إعدامات عام 1979 للقيادات البعثية خير دليل على ذلك

وأن هؤلاء الذين يريدون اليوم أن يعطوا صورة إخرى لحزب البعث في العراق ولتاريخه الأسود، فإنهم واهمين، لأن هذا الحزب الدموي، هو الذي دمر العراق وقتل أبناءه، وأوصلنا الى الوضع المأساوي الذي نحن فيه، والذي لايزال أيتامه الجبناء يمارسون الجريمة والتخريب بتحالفهم مع العصابات الارهابية الاخرى، لمنع العملية السياسية العراقية بالتقدم نحو الأمام، والحلم بعودة الدكتاتورية مرة إخرى لحكم العراق

يتوهم من يعتقد أن البعثيين أبرياء، وسوف يخسر اليوم أو غدا، من يريد أن يبيض صورتهم السوداء، لأنهم لا زالوا ينشدون نشيدهم، نشيد الموت الدموي البعثي، والذي منه إنبثقت و بنيت فكرة البعث وبه يؤمنون هؤلاء، والذي يقول

حزب تشيده الجماجم والدم
...
تتهدم الدنيا ولا يتهدم

أية حركة سياسية هذه أو حزبا سياسيا هذا؟ الذي يشيد ويبنى على جماجم البشر وهياكلهم وإراقة دماءهم، ويهدم الدنيا ويقتل الأنسان ويدمر الحياة بكل ما فيها لكي يبقى!!، هذا هو التعبير الحقيقي عن جوهروسياسة وفكر البعث، الذي زرع أرض العراق بجماجم البشر بالمقابر الجماعية، وأراقة الدماء طوال سنوات حكمه الظالم، ولكنه لم يستطع تهديم الدنيا، دنيا العراق الجميلة، كما كان يتمنى ويريد، حيث بقي العراق شامخا متفائلا بأبنائه الطيبين

أما حزبهم سقط وتفكك وهرب قادته وفي طريقه الى الزوال التام، لأنهم لا يستحقوا أن يكونوا من ضمن المساهمين في عملية العراق الجديد، عراق الديمقراطية والسلام

صحيح أن هناك من البعثيين الذين سجلوا وإنخرطوا في هذا الحزب من أجل لقمة العيش أو الوظيفة والعمل أو خوفا على حياتهم وحياة عوائلهم، حيث إنتموا قسرا ولا يؤمنون بأفكار وسياسة هذا الحزب، والذين يعملون اليوم من أجل إستقرار العراق وإعماره، ولم تسجل ضدهم أية جريمة أو عمل أساءة للعراق والعراقيين، فمن حقهم العمل ومواصلة الحياة الطبيعية، لأنهم كانوا من ضحايا، فرض أفكار هذا الحزب الفاشي عليهم وبالقوة

وأن هذه المعادلة اللغز التي يروج لها البعض اليوم، وهي أن صدام ليس من البعث، وأن البعث ليس مع صدام !!، لا تحتاج الىالكثير من التفكير والجهد لمن يريد أن يعرف الحقيقة، بالرغم من وضوحها للجميع.

إلا لهؤلاء الذين لا يريدون أن يعرفوها، وهي أن صدام جزأ لا يتجزأ من هذه المؤسسة العفلقية وهو خير من مثلها ويمثلها، بالتآمر والقتل والارهاب، والذي كان على رأسها الى يوم هروبه المخزي.

وختاما يمكن القول أن كل الحقائق تشير وتؤكد، بأن صدام من البعث.. والبعث من صدام..
ولكن البعض لا يريد أن يسمع هذا.