يبدو ان بعض (المتسيّسين) العراقيين ليسوابحاجة فقط الى دروس سياسية قاسية اضافية كي يعرفوا (حجومهم ) السياسية الحقيقية، بل هم بحاجة ايضا الى دروس (رياضية) ليعرفوا دلالات الأرقام في علم الأحصاء كي لايورطوا انفسهم باعلان الفرح بفوز مزعوم هو في حقيقته هزيمة شنيعة. فلو كان للسيد عبد الأمير الركابي معرفة بسيطة بالدلالة الأحصائية للأرقام لما (اقام الدنيا ولم يقعدها) فرحا بمزاعم الأنتصار بعد( تمكنه) من تجميع مليون توقيع على مضبطة سياسية تطالب الأمم المتحدة بالغاء كل المسيرة السياسية في العراق وارجاع الوضع العراقي الى المربع الأول ( وهذا جهل اخر ولكنه سياسي وليس رياضي)، لوكانت لديه معلومات احصائية لعرف ان قيمة المليون توقيع في الصين تختلف عن قيمتها في دولة صغيرة كدولة قطر، ولعرف بان المليون توقيع العراقي يعني الخسارة في لغة الأحصاء والسياسة لانه لايشكل سوى واحد الى 22 اي بنسبة تقل عن 5% من الشعب العراقي وهي نسبة بائسة جدا لادعياء تمثيل الرأي العام العراقي، وحتى اذا اعتبرنا ان هذا المليون هو رقم( انتخابي) صحيح وليس في الموقعين من هو اقل من الثامنة عشر،فأن نسبة انصار رفض العملية السياسية ورفض الأنتخابات هو واحد الى 12 ( لأن عدد العراقيين المؤهلين للمشاركة في الأنتخابات يزيد على12 مليون) اي ان نسبة المعارضين هي 8%. فهل تستحق ال8% رفع مذكرة الى الأمم المتحدة لمطالبتها بالغاء الأنتخابات؟ وهل ستقوم الأمم المتحدة(على افتراض انها تملك القدرة) بايقاف الأنتخابات في العراق لان نسبة 8% من الشعب العراقي تريد ذلك؟! هل هو حب الأستعراض ام هو الجهل الرياضي الذي قاد السيد الركابي الى هذه الفضيحة التي( وياللسخرية) يفاخر بها ويسميها انتصارا على طريقة صدام في تسمية هزائمه انتصارا.ومرة اخرى هل هو حب الأستعراض ام الجهل السياسي جعله لايميز بين المضابط ذات المطالب النقابية( التي تقدمها شريحة اجتماعية معينة للمطالبة بأمور تخصها) والتي يعني فيها رقم المليون وحتى العشرة الاف شيئا كثيرا، وبين المطالب السياسية ذات الطابع الوطني الستراتيجي (كالانتخابات) والتي لايعني فيها رقم المليون، في الحالة العراقية،غير انعزالية الطلب والمطالبين، مع العلم ان الأنعزالية والسباحة عكس التيار صارا سمة ملازمة للسيد الركابي الذي شدّ رحاله يوما الى قصر صدام الرئاسي مع مجموعة من (سقط متاع) الحركة الوطنية العراقية لينالوا شهرة( كشهرة اليوم) على حساب المصلحة الوطنية. لولا الجهل السياسي و (حب الأمارة ولو على حجارة) لعرفوا ان صدام لايريد الحل الوطني ولايبحث عنه، ولو اراد لما اضناه البحث ولفتح الباب لقوى سياسية حقيقية لاقوى هامشية (ثقلها) السياسي عماده جهازي تليفون وكمبيوتر وحركات استعراضية بهلوانية، ولو ان القوى السياسية العراقية وجدت في صدام امكانية الرضوح لأنصاف الحلول الوطنية(ولانقول لحلول وطنية كاملة) لسبقت الركابي وصحبة الى بغداد، ولكن الجميع يعلم،بما فيهم اصحاب ( زيارة العار)ان صدام سد كل الأبواب بوجه كل الحلول الوطنية السلمية ولم يعد امام العراقيين الا القبول بدفع ثمن (الاجتياح الخارجي)، وحين فتح صدام ابواب احد قصوره للركابي وصحبه، فقد فعل ذلك ليس بسبب الثقل السياسي للركابي ومجموعته بل لان صدام تيقن من ان الركابي مثله يفتش عن الشهرة بأي ثمن ولاتعنيه بعدها جدية النتائج، فصدام كان بحاجة الى وصلة (غناء) (ركبانية) خفيفة لتهز (وسط) الأعلام الحكومي برهة من الوقت، والركابي وصحبه ( الميامين) كانوا بحاجة الى (زفة) رئاسية تسلط اضواء الشهرة على وجوههم، وبعدها ينتهي الحفل بالسلام الجمهوري،او.. (بس)، وهكذا كان. واليوم يعاود الركابي نفس النهج الأستعراضي فيعلن اولا عن حصوله على مليون توقيع ثم يذهب بمليونه الى الأمم المتحدة( كالبعير يحمل اثقالا) فتسلط عليه الأضواء وتهلل له (الجزيرة) ثم..لاشيء، سينتهي الحادث والمحدّث الى حيث انتهى ( حنّون) في الأسلام، مجرد مثال عابر (عن مرحلة عابره) فيه عبرة تشيرالى ضرورة تعلم متسلقي (هملايا) السياسة شيء من الرياضيات كي يعرفوا ان مليون توقيع قد يعني مليون خيبة.

[email protected]