لا نريد أن نرجع إلى الماضي لنعيد إلى الأذهان ما تعرض له العراقيون بكافة قومياتهم وطوائفهم من ويلات ومآسي من قبل الأنظمة الحاكمة ولم يسلم من ذلك أية عائلة عراقية بشكل مباشر أو غير مباشر ناهيك عن تبديد ثرواتهم بدأً بالانقلابات العسكرية للاستيلاء على السلطة ومن ثم تصفية الحسابات والانتقام من الخصوم بسبب الاختلاف في المواقف السياسية والقومية وانتهاء بالحروب الداخلية وضد الجيران وأخيراً الحرب على الإرهاب ولم يكن بوسع العراقيين إزالة هذا الكابوس التسلطي بسهولة لو لم يكن هناك تدخل خارجي تحت أية تسمية أو عنوان دعت الحاجة إليه بحيث اجتمعت مصالح العراقيين مع مصالح قوات التحالف باسم الحرب على الإرهاب وتدمير أسلحة الدمار الشامل لإنهاء النظام الدكتاتوري البائد وتحت هذا الشعار توحدت الجهود الداخلية الممثلة بالمعارضة العراقية والخارجية الممثلة بقوى التحالف بقيادة أمريكا وتم إسقاط النظام البائد في حرب تحرير العراق التي بدأت في ربيع عام2003 للخلاص من الظلم والاضطهاد والتطلع إلى عهد جديد يعيد إليهم حقوقهم المسلوبة ويحفظ كرامتهم ويحقق لهم الرفاهية والأمن والاستقرار التي حرموا منها منذ تأسيس الدولة العراقية ولحد الآن ولم يجدوا أية وسيلة لإنجاح العملية السياسية وتداول السلطة بشكل سلمي وسليم سوى الانتخابات التي تعتبر المفتاح الرئيسي لحل مشاكل العراق المستعصية ويضمن حقوق كافة القوميات والطوائف والمذاهب للعيش في وطن موحد وقوي مزدهر وان المشاركة فيها دعم للتلاحم الوطني وإنقاذ البلاد من الفوضى والاضطراب وضربة موجعة لأوكار الشر والإرهاب وإنهاءً للحكم التسلطي الدموي وحكم الحزب الواحد أو القومية الواحدة هذا من جهة ومن جهة أخرى يعتبر واجباً وطنياً مقدسا يتحتم على الجميع المشاركة فيها والإدلاء بأصواتهم للعراق الموحد عراق التآخي القومي والتعايش السلمي ويجعل منه قاعدة للسلام وقلعة للديمقراطية والحرية وحماية حقوق الإنسان واللحاق بركب التطور الحضاري وعصر العولمة والمجتمع المدني وهذا لا يتحقق إلا بوضع دستور فيدرالي دائم للبلاد يضمن لجميع القوميات والمذاهب والطوائف حقوقها وتشكيل محكمة دستورية عليا لمراقبة ضمان دستورية القوانين وأداء الحكومة الفيدرالية لعملها وفق الدستور والقوانين المرعية وتنظيم علاقتها بحكومات الأقاليم... فالمشاركة في العملية الانتخابية تمثل قمة الإخلاص للوطن والتفاني من اجله وضربة موجعة للإرهابيين وفلول النظام البائد والمراهنين على فشل التجربة العراقية وإسدال الستار لعهد الظلم والاستبداد والمقابر الجماعية والأنفالات السيئة الصيت وعمليات الترحيل القسري والتعريب وانتهاك حرمات الأماكن المقدسة وتجفيف الأهوار وبهذا فان العراقيين مصممون وعازمون على الخوض في هذه التجربة الرائعة والفريدة التي لم يشهدوها من قبل رغم تهديد الإرهابيين وفلول النظام المقبور بالانتقام وإفشال التجربة وإبقاء الوطن في دوامة العنف والإرهاب... إذن العراقيون عازمون على اختيار ممثليهم وتشكيل حكومة وطنية فيدرالية تعددية برلمانية يمثل كافة الطيف العراقي ولكن على الأطراف المشاركة في العملية السياسية أن يحترموا رأي الشعب وإرادته الحرة وتحقيق مطالبه في استتباب الأمن والاستقرار وخدمة مصالحه وحماية وحدته الوطنية من التصدع وعدم إفساح المجال لأي طرف أو جهة العبث بمقدرات الشعب والانفراد بالسلطة تحت أية تسمية واستغلال الفوز بالأغلبية وإهدار حقوق الآخرين وعليهم الحفاظ على الثوابت الوطنية وإيجاد حالة التوافق الوطني التي تعتبر الأساس الوحيد للمصالحة الوطنية وإنقاذ العراق من التقسيم واجتثاث الإرهاب والقضاء عليه ومنع التدخل الأجنبي في شؤون البلاد وإنهاء الاحتلال، طوبى لكم أيها العراقيون على عزمكم وإصراركم على التحدي للإرهاب وفلول النظام البائد لانتزاع النصر وتحقيق الأمل المنشود الذي طال انتظاره وقدمتم من اجله خيرة أبنائكم شهداء للخلاص من الظلم والاستبداد.
محمود حاجي
كوردستان العراق/اربيل