لقد أثار تصريح وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية محمد دحلان إستغرابي وإستغراب الكثيرين وهو يعلن بأنه سيبحث مع الجانب الاسرائيلي مشكلة 40 ألف فلسطيني دخلوا إلى الاراضي الفلسطينية بتصاريح زيارة وتجاوزوا المدة المسموح لهم البقاء فيها... هل وجود الفلسطيني داخل أرضه ووطنه يحتاج الى موافقة الغير ومن من.. من العدو هل وصل بنا التفاوض للخضوع وطلب البحث في إمكانية السماح ببقاء الفلسطيني على أرضه وفي منزله... هل وصل بنا الحال أن نكون لاجئين على أرضنا... نعم فلنتفاوض ولكن ليس بالنزول الى أدنى مستويات التفاوض... نتفاوض على إحلال السلام... نتفاوض على وجود دولتين فلسطينية واسرائيلية ولكن لا نتفاوض على حق من حقوق كل مواطن فلسطيني وهو البقاء والعيش في وطنه... إذا كان دحلان يعتبر أن بقاء 40 ألف فلسطيني ممن دخلوا فلسطين للزيارة مشكلة لأنهم لم يغادروا وطنهم وأنه سيفاوض الاسرائيليين بشأنهم فماذا سيفعل بشأن ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في الخارج بإنتظار العودة الى وطنهم ومنازلهم... لم يسبق لي أن سمعت أن الاسرائيليين طلبوا الاستئذان من دحلان ولا من السلطة الفلسطينية بدخول ألاف المهاجرين اليهود الذين جلبوهم من مختلف بقاع الارض...
إن قضية بقاء الفلسطينيين في أرضهم حتى وإن كانوا قد دخلوا وطنهم بتصريح زيارة يجب أن تأخذ منحى غير ذلك الذي أعلن عنه محمد دحلان يجب أن تأخذ منحى حازم وجدي لا نقاش فيه وهو بقاء هؤلاء الفلسطينيين على أرضهم وعدم بحث أو مناقشة هذا الموضوع مع أيا كان... لا أعلم ماذا سيفعل دحلان إن طلبت اسرائيل منه إخراج هؤلاء الفلسطينيين الى خارج الاراضي الفلسطينية على إعتبار أنهم دخلوا الاراضي الفلسطينية بتصاريح زيارة فهل سيطردهم على معبر رفح مع مصر أم على جسر الملك حسين على الجانب الاردني أم أنه سيضعهم في السجون الى أن يجد دولة تستقبلهم أم أنه سيسلمهم الى الاسرائيليين لترحيلهم أم أن الامر سيتطلب تدخل الامم المتحده لايجاد وطن يلجأون اليه أو وطن بديل... هل فكر محمد دحلان ولو لدقيقه ماذا سيكون موقفه وموقف السلطة الفلسطينية اذا ما طلبت اسرائيل منه إخراج 40 ألف فلسطيني دخلوا الاراضي الفلسطينية بتصاريح زياره... وحتى إن كانت هناك دولة يستطيع بعض من هؤلاء الفلسطينيين العودة اليها لماذا هذا التراخي والتساهل بحق من حقوق الشعب الفلسطيني... لقد كان الأجدى أن يلتزم دحلان الصمت إن لم يكن يستطيع الاعلان بأن قضية هؤلاء الفلسطينيين وبقائهم داخل وطنهم لا نقاش فيها لا مع الاسرائيليين ولا مع غيرهم... لم أسمع بأن هناك دولة عربية يقيم على أرضها فلسطيني يحمل وثيقة طلبت منه هذه الدولة المغادرة إلا لظروف قاهرة وقاهرة جدا لأن هذه الدول وحكوماتها تعلم أنه لا وطن لهذا الفلسطيني اللاجئ يعود اليه وأنه لا بديل يلجأ اليه هذا الفلسطيني المقيم على أرضها طوال حياته سوى حفرة مستطيلة تحت الارض يدفن فيها عند وفاته ويحصل على إقامة دائمة بداخلها إلى أن تحين الساعه... حتى الدول العربية التي يتقاعد فيها الفلسطيني عن العمل لكبر سنه لا تطلب السلطات المحلية أو إدارات الهجرة منه مغادرة أراضيها بل يتم منحه الاقامه تحت أي بند من البنود لأن حكومات هذه الدول تعلم أنه لا بديل أخر لهذا الفلسطيني يلجأ اليه... وإن كانت هناك محاولات لإخراج هذا الفلسطيني من هذه لدول العربية فإن الدنيا تقوم ولا تقعد من جانب المنظمات الدولية والانسانية ضد هذه الدولة... ولكن الدول كافة تسمح ببقاء الفلسطيني على أراضيها ليس لأنها تخشى المنظمات الدولية بل لأنها تنظر نظرة خاصة لهذا الفلسطيني الذي يحمل وثيقة سفر لا تعترف فيها كثير من الدول العربية والاجنبية...

حتى الكويت وقبل 14 عاما وبعد تحرير أراضيها من براثن الغزو العراقي وفي ظل الموقف السلبي للسلطة الفلسطينية أنذاك لم تتخذ الحكومة الكويتية أي موقف يطالب بطرد الفلسطينيين من على أراضيها ولم تتفاوض مع أي جهة لاخراج الفلسطينيين المقيمين فيها ولم ترميهم في السجون ولم تلقيهم على الحدود بل منحتهم الاقامات وأبقتهم كغيرهم على أرضها يستطيعون السفر والعودة الى الكويت دون أن تواجههم أية عقبة لا لشئ إلا لدواعي إنسانية بأن هذا الشعب لا ذنب له إلا أنه بلا وطن ولا توجد دولة تستقبله وتحتضنه إلا الكويت... بل على العكس فإن الكثيرين ممن غادروا الكويت قبل تحريرها أو بعدها يعضون أصابعهم ندما لخروجهم ويتطلعون للعودة الى هذه الارض التى إحتضنتهم عشرات السنينين... وبعد هذا كله نجد محمد دحلان يتفاوض على حق من حقوق الفلسطينيين حق خجلت العديد من الاقطار العربية البحث فيه بل على العكس فإن الدول العربية والاجنبية تطالب بتطبيق قرارات الامم المتحدة المتعلقة بحق عودة الفلسطينيين الى أراضيهم... وعلى دحلان أن يعلم بأن حل مشكلة اللاجئين يعني ضمان العوده وأن عودتهم يجب أن تأخذ سلم الاولويا لدى السلطة خصوصا وأن ملايين من اللاجئين في العالم عادو الى أوطانهم بإستثناء الفلسطينيين... إضافة الى أن هناك العديد من القرارات الدولية التي تؤكد على حق عودة الفلسطينيين الى أراضيهم ومنه لتذكير دحلان القرار 194 والقرار 181 وكذلك القرار 237 المتعلق بعودة النازحين وغيرها من القرارات التي أكد عليها المجلس الوطني الفلسطيني في دوراته السابقة والتي تؤكد بأنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا بحل قضية اللاجئين.
إن تصريح دحلان لا يبشر بالخير بالنسبة لملايين اللاجئين الذين ينتظرون تحقيق حلم العودة الى وطنهم وديارهم ولكن يبدو أنه وبعد تصريح دحلان أصبحت عودتهم حلما لا أمل منه فمن يتفاوض على إمكانية السماح ببقاء 40 ألف فلسطيني على أرضهم لن يستطيع التفاوض على عودة ملايين اللاجئين... لا للتنازلات من طرف واحد لا للتهاون بحقوق الفلسطينيين يجب أن يكون شعار السلطة الفلسطينية... فالتنازل والتراخي والتساهل من البداية سيجعلنا الطرف الخاسر في التفاوض ولن نتمكن من تحقيق ولو جزء بسيط من مطالبنا المشروعه... والبداية يجب أن تكون بوقف التفاوض بشأن الفلسطينيين الذين دخلوا أراضيهم بتصاريح زيارة والاعلان بشكل رسمي وعلني بأن هؤلاء هم فلسطينيين من حقهم البقاء في وطنهم والعيش على أرضهم فلو كان ال 40 ألف الذين يتحدث عنهم دحلان قد وجدوا الحياه الهانئة في الخارج لما عادوا الى أرضهم في ظل عدم الاستقرار وفي ظل الاعتداءات الاسرائيلية المتكرة... لكانوا فضلوا العودة في وقت لاحق الى أن تستقر الاوضاع وتتوقف الاعتداءات الاسرائيلية وتنشأ الدولة الفلسطينية لا أن يعيشوا لاجئين في وطنهم.

أنور الحمايده
كاتب وصحافي فلسطيني/ كندا
[email protected]