لست متخصصا فى أى كتابة عن أى دين من أى نوع، ولكنى أعبد العقل والمنطق. ولذلك لا أتدخل فى أى خلاف عقائدى إلا من ناحية منطق الإختلاف ومدى إتساق الرأى مع ذاته. مثال على ذلك أننى لا أعرف ثمرة باسم "الفوجان" ولكن إن قرأت أن ثمرة وأخرى هما ثلاثة لأعترضت من باب الإستحالة المنطقية الرياضية وليس من باب العلم بالثمرة ذاتها ومكوناتها وطعمها.
مناسبة هذا التوضيح ما قيل ويقال عن إمامة إمرأة للصلاة الجامعة. لو قال المعترضون أن هذا مخالف للدين وصمتوا لكان رأيهم محترما وفى حدود إختصاصهم والدائرة المسموح بها فى الإختلاف على التفسير والتأويل للشريعة الغراء، أما أن يتزيدوا ويشرحوا أسباب منطقية لذلك التحريم فلنا حق مراقبة شروحاتهم ومنطقهم. يقولون أن سبب التحريم هو أن المرأة تحيض وتنفس، ومعنى ذلك أنه يجوز أن تؤم الصلاة من لا تحيض أو تنفس لكبر فى السن أو لأى عارض صحى آخر وهو ما يبدو متوافر فى السيدة التى أمت الصلاة. لم يتوقف المعارضون عند الإعتراض على الحيض والنفاس وإنما كشفوا عن خبيئة وضيعة وهى إمامة السيدة وصلاتها وسجودها بالذات مما قد يفتتن به المصلون! أى أنها عند سجودها قد تجتذب الأنظار لمؤخرتها فتبعث فى الناظرين الشهوة التى قد تفسد الصلاة! ولا أعرف أى مصلين هؤلاء الذين يقصدهم المعترضون والذين قد تفسد صلاتهم نظرة الى إمرأة تسجد لله! وهل يستحق هؤلاء أن يكتسبوا حسنة الصلاة وقلوبهم مملؤة بالشهوة التى قد تحركها نظرة لإمرأة عجوز تسجد لخالقها لمجرد أنهم خلفها؟
الواضح أن الذين تصدوا بمثل ذلك الهراء لتبيان "الحكمة" التى من أجلها منعت المرأة من الإمامة يخلطون بين قلوب خاشعة تصلى لله، وقلوب مملؤة شهوة ونفاق تثيرهم نظرة ويفسد صلاتهم خيال. هم يخلطون أيضا بين السجود الذى هو عبادة وبين الفلقسة التى هى حركة جنسية قد تثير الشهوة لمن فى قلبه مرض ولو كان فاعلها رجلا أو فتى، وقد جاء فى الأثر الغير شريف لأحد الفقهاء القدامى مقولة "أن فتنة الفتى الأمرد بعشرة نساء"!
يذكرنى هذا المنطق المريض بالمنطق الذى من أجله يحرم الطلبة المسيحيون فى مصر من الإلتحاق بكليات الطب المصرية قسم أمراض النساء "حتى لا ينظرون عورات المسلمات"! ولم أفهم كيف يفكر من بيده القرار فى أن الطبيب الذى يتولى علاج إمرأة مريضة أو حامل ينظر الى "عورة" حين يزاول عمله؟ لا شك أن من يفكر ذلك التفكير الوضيع هو نفسه مريض بالشبق الجنسى حتى أنه هو شخصيا لا يرى فى السيدة التى يتولى علاجها إلا عورة ولا يستطيع أن يتخلص من فكرة أن عضو المرأة محل عمله هو محل العملية الجنسية التى لا يستطيع أن يطرحها من خياله ولو لساعة. وهو ذاته الذى لا يرى فى سجود المرأة إلا فلقسة تثير فيه شخصيا رغبة دنيئة وخيال مريض حتى وهو يدعى الصلاة.
عادل حزين
نيويورك
التعليقات