مع استمرار الآلة العسكرية وتغير موازين القوى..
حرب عربية إسرائيلية عبر الإنترنت..

وليد عنتر:منذ أن أعطى وزير الخارجية البريطانية ˜بلفورŒ وعده التاريخي للصهاينة بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين العربية عام 1917، والحرب قائمة بين العرب والصهاينة على كافة الأصعد ومختلف الدوائر، وان لم تكن بصورة رسمية. فهي ما بين حرب نظامية، وحروب استنزاف، ومقاومة وطنية، وانتفاضة شعبية، حروب علمية استخدم فيها العدو أسلوب السرقة والتصفية الجسدية لأبرز العلماء العرب، وحروب اقتصادية تأرجحت بين ضرب للاقتصادات العربية ومقاطعة للمنتجات اليهودية، وحرب إعلامية طاحنة ولكنها من جانب واحد حيث تفوقت الدولة العبرية ومازالت تتفوق بامتلاكها لخطاب إعلامي قوي ومؤثر عن طريق سيطرتها على وسائل الإعلام الغربية من صحف وإذاعة وتليفزيون وفضائيات وحتى الأفلام الهوليودية! ويظهر ذلك جلياً في التعتيم الإعلامي الغربي الدائم للصورة الحقيقية لحرب الإبادة التي تشنها الدولة العبرية بكل ما أوتيت من قوة وسلاح محرم دولياً محلل أميركياً !!ضد الشعب الفلسطيني.
ويبقى أغرب هذه الحروب الحرب الرياضية التي ينتهجها اليهود ضد كل ما هو عربي في مجال الرياضة من قرارات وأفراد ومؤسسات انتهاء بوقوفها ضد ترشيح أربع دول عربية لتنظيم فعاليات كأس العالم 2010 بكل ثقلها السياسي على الصعيد الدولي. وهو ما أتى بثماره حيث خسرت جميع الدول العربية فرصة التنظيم التي نادرا ما تتكرر وخطفتها جنوب إفريقيا، في مقابل رفض عربي شامل وقاطع للمشاركة في أي نشاط رياضي يكون الصهاينة طرفاً فيه.
ومع انطلاق عصر العولمة وثورة الاتصالات الحديثة، وعبر الأراضي الافتراضية الشاسعة ˜ Œ تدور حرب إلكترونية شرسة بين العرب واليهود.
والحرب الإلكترونية هي مصطلح جديد دخل قاموس حياتنا العامة وعالم العسكرية من بوابة الإنترنت، ويقصد به انتقال الصراعات والمنازعات إلى ساحة الفضاء التخيلي ˜مواقع الإنترنتŒ بغرض تدميرها أو تعطيلها أو تشويه محتوياتها، وتعطيل البريد الإلكتروني لجهات حساسة على المستوى الرسمي وشخصيات وقيادات سياسية بارزة مما قد يشل أو يعيق الاتصال ويسبب بلبلة إلكترونية.

المواقع على خط النار..

بدأت فصول الحروب الالكترونية من خلال بعض المواقع العبرية التي تنشر سمومها عبر الإنترنت وتشوه الحقيقة وتغير الواقع باعتمادها على الافتراءات والادعاءات الكاذبة وتلفيق التهم وتزوير المستندات والوثائق وحتى الصور التي تستغلها أحسن استغلال لخدمة مآربها الدنيئة.
ومن هذه المواقع موقع a7.org و bet.netvision.net.il و rotter.net التي تتضمن مجموعة كبيرة من الصور التي تظهر الصهاينة بشكل مستضعف ومسالم يدافع عن نفسه أمام الإرهابيين العرب؟!
وجاء رد العرب عبر العديد من مواقع الإنترنت التي ترفع شعار المقاومة والتصدي للافتراءات الصهيونية، ومنها موقع دير ياسين باللغة الإنجليزية www. deiryassin. orgالذي يخلد ذكرى ضحايا مذبحة دير ياسين التي قام بها الصهاينة عام 1948 ضد الشعب الفلسطيني ويتعرض الموقع لأحداث هذه الفاجعة الإنسانية وعدد القتلى والجرحى مدعوماً بأرشيف للصور. وموقع ˜مجازر إسرائيل ضد لبنانŒباللغة العربية والإنجليزية والذي يتناول عرض معلومات وصور حول هذه المجازر من عام 1948 وحتى الآن وضمنها اغتيال القادة والزعماء والناشطين الفلسطينيين مثل الشهيد أحمد ياسين والشهيد عبدالعزيز الرنتيسي، وأيضاً موقع ˜الصراع العربي الإسرائيليŒ باللغة العربية الذي يصور هذا الصراع منذ حكم الدولة العثمانية مرورا بالانتفاضة الثانية 2001 وحتى الأحداث والاغتيالات الحالية من خلال الوثائق والمستندات والصور والأفلام التسجيلية.
فيما تصاعدت وتيرة هذه الحرب الإلكترونية بعدما شنت مجموعة صهيونية هجمات على موقع الإنترنت الخاص بحزب الله اللبناني بعد أسر ثلاثة من جنود العدو، قاموا خلالها بحذف محتويات موقع الحزب ووضع نجمة داود وعلم إسرائيل بدلاً منها، وبالمثل رد العرب ومؤيدوهم بهجمات قوية على العديد من مواقع الحكومة الإسرائيلية أهمها موقع مكتب رئيس الوزراء والكنيست والجيش وغرفة التجارة والبورصة والبنك المركزي.

الانتفاضة تشعل لهيب الحرب الإلكترونية..

وفي أعقاب اشتعال فتيل الانتفاضة الثانية للشعب الفلسطيني عام 2001 تزايدت حدة هذه الهجمات بشكل كبير، وشارك الشباب العربي في كل أنحاء العالم في التصدي للأكاذيب الصهيونية والإعلام الغربي المساند لها بكل قوة محققين الوحدة الإلكترونية في حرب افتراضية قلما نجدها على أرض الواقع.
وهكذا تم المشاركة في غرف الشات ومجموعات الحوار واستخدام البريد الإلكتروني والقوائم البريدية، لنقل الحقيقة إلى الرأي العام العالمي وبكل اللغات، والدخول على المواقع التي تقوم باستطلاعات رأي تستهدف إلصاق تهمة العنف والإرهاب بالعرب بأي شكل كان، وتداول الرسائل الإلكترونية التي تدعو لمقاطعة البضائع الإسرائيلية والأميركية، والوقوف في وجه التطبيع .
إضافة الى تصميم مواقع بعدة لغات توضح بالصوت والصورة الانتهاكات الصهيونية لحقوق الإنسان، وأيضاً محاولة اختراق أو تعطيل المواقع العبرية.
ومما لا شك فيه أن إسرائيل قد دفعت فاتورة حرب باهظة جدا فقد بلغ عدد المواقع التي تضررت جراء هذه الحرب الإلكترونية الشعواء بين الطرفين حوالي 280 موقع، حسب إحصائية لشركة Idefence الأميركية في مجال الأمن المعلوماتي، منها 34 موقعاً عربياً تعرض للهجوم مقابل 246 موقع عبري.
وعلى الصعيد الاقتصادي كانت خسائر العدو الصهيوني أكبر بكثير، حيث انخفض معدل الأسعار لشركاته التكنولوجية حسب مؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا بشكل ملحوظ منذ بداية الانتفاضة، بالإضافة لانعدام ثقة المستثمرين في الشركات التي تعرضت للهجوم.
فهل تكون الحرب الإلكترونية آخر سطور ملف الصراع العربي الصهيوني؟.. أم ستستمر هذه الحرب بذلك الشكل لفترة طويلة؟. أم أن روزنامة الأيام بحقيبة القرن الواحد والعشرين لها رأي آخر سواء بالحرب أو السلام الوهمي...