حاوره محمد ضمرة: تشن قصة زياد خداش معارك حادة ضد الباهت والقديم في الكتابة القصصية العربية، انتصارا للمفتوح والمتطاير، والحر على المكتوم، والغامض الجميل على الواضح الفج، تحديا لمصائر الشخوص والامكنة، والازمنة دون المساس بلذة الكتابة الاولى، رغم ضراوة الافكار الجديدة، وغير المعتادة. بزغ زياد من عقد التسعينيات، شاقا طريقا وعرا اختارها بنفسه، رافضا هدوء الماء راغبا ورانيا للامنتهي، والبعيد، كل نص يكتبه خداش يتكسر فيه شظايا ليضيء لغة كانت تغفو على سرير واقع مهتريء. هنا حوار معه

* انت قاص فلسطيني من جيل التسعينيات، هل تعتقد ان هذا الجيل قدم اضافات معينة للقصة الفلسطينية؟


- قدم جيل التسعينيات اضافات هامة للقصة الفلسطينية لكن لا احد اهتم، لا احد فكر، لا احد انتبه، لم يظلم جيل فلسطيني ادبي كما ظلم جيل التسعينيات، لقد جئنا في مرحلة انتقالية مشحونة بالتغيرات والانقلابات السياسية والاجتماعية، كنا اول من انتبه الى الحياة الخاصة بتفاصيلها الايروسية والعاطفية، كنا اول من فجر تقنيات كتابة الجسد والسخرية والرومانسية الواقعية، والعجائبية، في الوقت الذي كانت القصة الفلسطينية اليابسة والمترهلة تمضي ببؤس محزن الى نهايات مأساوية، كنا نحن الصعاليك المجانين نجهز لجنازة محترمة وحضارية ومتفهمة لتقنيات ومضامين القص الفلسطيني القديم، ونهيئ لميلاد عالم فني جديد وبكر وجنون يتلاءم مع احلامنا الانسانية البريئة، وادواتنا الجديدة وروحنا الشابة والمتمردة.
كنا مجموعة شبان وشابات خرجنا بألم و صعوبة من رحم مرحلة وطنية، تضج بالشعارات والقيم المدرسية الدينية والعائلية ، قررنا فجأة اننا لا نصلح لنكرر التعبير عن حبنا واشواقنا الوطنية، بنفس، الطريقة، هربنا الى بر الكلمات وصحراء وخلاء الفن، تعاركنا مع وعول الفكرة، وسبحنا في بحيرات الخيال المتوحش ، بلا نهايات، تمتد على طول حلمنا، جمال القواسمة ومالك الريماوي وصالح مشارقة وايمان بصير وصفاء عمير وكفاح الفني ومها ابو اهلال ومريم ابو هلال، وايناس عبد الله ومحمد الكسواني وتيسير محيسن، ورجاء بكرية وانا ، واخرون، تجمعنا في قاعة نقابة المهندسين، بتشجيع من المهندس الجميل محمد الزبيدي، وهناك في ظلام المدينة الخجول، كنا نكتب ونقرا، نحلم ونسخر من بعضنا، نتراشق بحبات القضامة، ونحب، ونضرب مواعيد سرية، ونبكي بصمت ، جما ل القواسمة يكتب باسلوب ساخر وعجائبي، يلتقط ابطاله المهمشين من قاع المدينة، بائعو فلافل، وموظفون صغار محرومون ، فقراء احياء، صالح مشارقة يكتب عن الريف بادوات ولغة ونظرة مختلفة، يسبر غور اسطورة قريته، ويخرج بنصوص هائلة العمق، صفاء عمير كانت تكتب عن تفاصيل دقيقة ومتقشفة ودالة من حياة المرأة وهمومها الداخلية بعيدا عن شعارات الوطن، ووصايا ه، ايمان البصير كانت تكتب عن بقاع سرية في روحها بلغة رومانسية، شفيفة جدا، وهكذا، امضينا بضع سنوات نحتل واجهة الابداع الفلسطيني القصصي، الجديد في الوقت الذي كان الوطن فيه و معه بقايا القصة يحاولان انقاذه نفسيهما من مخالب مرحلة قاسية، تشبه المشي في حقل الغام، وفجأة اختفينا، تبعرثنا، هزمتنا المرحلة اللاحقة، بقوانينها الجديدة وتوحشها، ومصالحها، تحولت الثقافة الى وجه اخر للسياسة، وصار الاديب رجلا انيقا، غنيا، ذا منصب سياسي، حدثت طفرة اقتصادية كبيرة واستقرار مفاجيء ، غادر المثقفون مواقعهم، نحو الكراسي والجاه والسيارات الفاخرة، وجدنا انفسنا في العراء وحيدين، عراء الوطن وهامشه، فنحن لا نستطيع ان نكذب وننافق وننهمر على المصالح والوظائف، ونلتقط الفرص ، نحن مجبولون على الرصيفية فكرا ونصا وحياة، فاحبطنا و لم نعد نلتقي، جرفتنا الهموم الشخصية، ودفن كل منا نفسه ونصه في بئر روحه.

* في مجموعتيك: نوما هادئا يا رام الله، و وموعد بذيء مع العاصفة، كشف قاس لذات متوترة ومغامرة ومجنونة وتفاصيل حياة خاصة غنية وهامة عشتها في اربد حيث اكملت دراستك الجامعية، حدثنا عن تأثير اربد في نصك،
- اربد، اربد هل سألتني عن اربد؟ هل ذكرت اسم الابد؟ يا صديقي محمد، اربد هي الابد؛ هي توقف الزمن، هي امكنة تشبه حكايات خرافية ، هي المدينة التي علمتني كيف احب واكتب واغامر واحلم، طعم الحب الاول ذقته في اربد، النص الاول كان هناك، في الطابق السادس من عمارة ضخمة تقع بالقرب من دوار سال، اتذكر المشهد: ثلج كثير وليل ابيض، اصدقاء يشخرون في غرف مجاورة، وانا مستلق في فراشي اكتب عن الانتحار والخوف، والوطن البعيد، وامراة وحيدة lt; ارملة غالبا gt; تناديني من شرفة بيت انيق، ابكي على صدرها، وتبكي على بطني.
في اربد ا لتي درست في جامعتها: اليرموك، فهمت لذة معنى ان اكون ضائعا في مدينة ضائعة ، مدينة تقول لك انا ضائع مثلك فامش معي نبحث عن ميناء او كوخ باضاءة خفيفة، مدينة مغامرة تحب الخطر، اجمل ما في هذه المدينة انها لا تسلم حقيقتها لاحد، غامضة بوداعة، رقيقة كحلم ، مصنوعة من نور ومعرفة ، هي تحب كل من يطأها، لا تتنكر لوافد، لكنها لا تسمح لاحد بجرح مشاعرها، كبرياؤها شرس، لكنها تسامح بسرعة، وتغضب بسرعة، طفلة هي اربد، طفلة انعم من غيمة
ما زالت اربد تلاحقني نصا وحياة، كلما سمعت كلمة اربد، اسمع كلمة ابد، فهناك تفتح جسدي على مصراعيه وتوهجت حواسي، واستبد بي عطش هائل للمعرفة والسفر،، هناك دربتني اربد بحنان و ببطء عبقري على تحسس الوهية و روعة و قيمة الكتابة، اقتحمت اربد نصوصي الاولى بعناد امراة تعرف قيمتها جيدا، فقبضت عليها بكلتا يدي، ودسستها في بنية نصوص مجنونة احبها واعتز بها، ولم تغادرني حتى الان، في مجموعتي الاولى نوما هادئا يا رام الله، حضرت اربد بشوارعها المبلولة ونسائها الغامضات، جامعتها ومكتبتها، وعمارتها، واحيائها الخلفية المتربة ، وجداتها الطيبات، في نصوصي اللاحقة، وحين يأتي شتاء رام الله ، عنيفا وجميلا وقاسيا، يهجم على روحي وقلبي شتاء اربد الوحشي، فيختلط الشتاءان فيما يشبه تواطؤا حلوا ومؤلما وغريبا بين مدينتين شبقتين، لغسلي، او اضاءة عتمتي، او تجديد عطشي، مالذي بين اربد ورام الله من صفقات او مؤامرات رائعة لابقائي رهين الكتابة والعطش والحب المستمر للمدن الغامضة؟؟، مدن تسكنك من اول شهقة، تسكنك الى حد انها تختلط برائحة ثيابك، ورائحة جسد امراتك، ورائحة ابيك.
في مجموعتي الثانية: موعد بذي مع العاصفة، حضرت اربد بكامل شمسها، وجوه غير مكتملة الملامح، واحلام ليل ويقظة، وخسارات ممتعة، وحب لا يهدأ للنساء المستحيلات،
السفر الاسبوعي الى عمان، كان يمدني بهواجس غريبة: قد اموت في الطريق بتصادم او بنوبة قلب مجنون، لا ينام، هذه البنت الحلوة التي بجانبي، نائمة على كتفي، يا الله ، عطرها لا يسكت ابدا، ثرثار، وعنيد، هل قلت اربد يا محمد؟ ام قلت الابد، اظنك قلت الابد.


* ما تاثير الانتفاضة الثانية على قصصك لغة واسلوبا ومضامين

- هذه الانتفاضة عصفت بكياني كله حيرة واسئلة وحسرة، انا بالطبع ما زلت رافضا لعسكرتها، وكنت دائما اقول ان مقتلها في عسكرتها، كل يوم يمر من هذه الانتفاضة نخسر فيه خسارة كبيرة، سواء على المستوى السياسي - الاستراتيجي او الميداني او الاقتصادي، كان يجب ان تستمر هذه الانتفاضة فقط ستة اشهر او سنة، سنة من الاضرابات و التظاهرات والاعتصامات والمظاهرات الشعبية غير العسكرية، سنة واحدة فقط على الاكثر، ثم نصمد في مواقفنا ولا نتنازل عن حقوقنا، ونعمل في الساحة الدولية، دون ان نعبر عن ذلك باالنار والموت المجاني، انا لا اعرف ماذا نريد من انتفاضتنا العسكرية هذه؟؟ ولماذا عقدنا اتفاقية اوسلو اذن؟، هذا يعني احد امرين: اما ان اوسلو كانت كانت ورطة كبرى ، ا و ان هذه الانتفاضة خطأ كبير، لا يعقل ابدا ان تكون اوسلو على حق، والانتفاضة العسكرية هذه على حق ايضا، في الانتفاضة الاولى كان الوضع مختلفا، كانت الانتفاضة شعبية لم يكن هناك استعراضات عسكرية ولا شعارات كبيرة مستحيلة، كان الهدف واضحا ومعروفا لنا وللعالم وللاحتلال: الحرية والاستقلال ، كانت جثث شهدائنا، ترصف طريقنا نحو الحرية بعلمية نضالية رائعة، ودمنا الشريف كان يمتد جسرا حقيقيا نحو الاستقلال، لم يكن هناك لصوص وتجار دم وقضايا و حروب بالمعنى الجحيمي للكلمة كما هو اليوم.كنت مضطرا لاوضح موقفي يا محمد لانتقل الى تاثير هذه الانتفاضة على نصي. الهرب الى الخرافة، الوهم، هو عنوان هذا التاثير، اويت الى الحكاية اللامعقولة والساخرة ، اعبر من خلالها عن عبثي وحيرتي وهزيمتي ، شخصياتي ، اصيبت بداء اللامبالاة المرضي، ذلك الذي يجعلك تضحك بصوت عال في جنازة مثلا، او ذلك الذي يجعلك تتوهم ان امك تود نسف راسك وان العالم يلاحقك بالضحك، وانك تتخيل السيارات ثعابين، وان تحس دما يسيل من حقل شوك معلق في راسك، لغتي اصبحت اكثر تقشفا من الناحية البلاغية، لم اعد اعير اهتماما لشعر او ايقاع، صرت اشتغل على الفكرة الغريبة، والمفارقات العجيبة، والسخرية من الذات والعالم، حتى الجنس صار في قصصي لا انسانيا وهمجيا، واقرب الى السباب والفضيحة ، كأني انتقم من العالم ومن الوطن باذاء الاشياء وشتمها، وتعريتها، الحياة اصبحت سلسلة من الخسارات والالغاز، والمواطن لا حول له ولا قوة، الخلل و الفساد في كل مكان، في البيت والمدرسة والجامع والمؤسسة والدكان، والشارع، ولا احد يفهم مالذي يحدث؟ ولماذا يحدث الذي يحدث؟ وكيف؟ والى متى؟ المستقبل مجهول، والوطن يذهب في طريق وعر ومتعرج وضبابي، واخشى من هاوية قريبة، تطيح بوجودنا نفسه كشعب. وماذا تريد من نصي ان يقول، غير الجنون والعبث والجنس العنيف والضحك المرضي والاختباء الجبان.

* في مجموعاتك هوس غريب بالبحر مع انك بعيد عنه جغرافيا، ما سر هذا الهوس؟
- ما سر شغف الانسان بالهواء والجنس؟ لا ادري؟ هو فطر على هذا الحب، انا كذلك خلقت ومعي هذا الحب والتعلق بالبحر والسفن والرمل والشواطيء، لا اذكر كيف بدات الحكاية، لكني اذكر ان مجرد تخيلي للبحر يصيبي بدوار غريب، دوار مؤلم وممتع في ان، احس ان الحياة تتكثف وتتوضح وتلقي لنا برسائلها الجريئة والحادة حين نكون امام البحر، البحر يعطينا تفسيرا حقيقيا لمغزى الحياة، يشبه ذلك الشعور الذي تعطيه الموسيقى او الحب لاول مرة او السكر الخفيف على حزن ثقيل، انا اعيش في ارضي وممنوع علي ان ازور بحار بلادي، هل تصدق؟
هناك بحران في بلادي ومعي ملكيتهما lt; بختم الله والانبياء gt; في جيب ذاكرة جدي وصخري وشجري ورملي و تشهد على ذلك مرتفعات بلادي وغيومها ويؤكده الندى هما: الميت والابيض، ولا يحق لي ابدا وتحت اي ذريعة ان ازورهما، فانا مشبوه، فقد اقوم بخطف البحر مثلا او اغتصابه او تلويثه او او او، هل يغتصب الانسان نفسه او روحه؟؟ هل يخطف الانسان نفسه؟ او يلوث جسده؟؟ لكني لا اسكت، ولا انام، ولا اهدأ، فازور بحار بلادي سرا دون تصريحهم الحقير، اجلس على ركبته بسكر حزين وابكي ، وحين يأتون، باحثين عني، اركب موجة وفية من موجاته، تقودني نحو الصخور، لاختبيء،هناك، حين يرجعون اعود الى الشاطيء، اثرثر مع امراتي، او صديقي او رملي، وياتي الليل معتما، وراعشا، ليل بحار بلادي صاف وبريء وانثوي لا يشبهه ليل، في تلك اللحظات، اراني تماما، زياد الحقيقي، زياد السخيف غالبا والعظيم احيانا، ممتلئا بطولة وهمية، ومحشوا بنصوص سيحارب بها اعداء البحر والانسان، ليل بحار بلادي، يشبه لحظة الكتابة، شبق ناعم، براءة هائلة، وتوحش جاهز لانتزاع الحقيقة من مخالب الزيف والقشور،
في نصوصي يجيء البحر كما يجيء في الحياة، بلا تزوير او زخرفة او حذلقة او خيال، ان الحياة الليلية بالقرب من بحار بلادي، هي نصوص جاهزة، لا تحتاج الى ترتيب او تنقيح، تعالوا الى ليل بحاري واجلسوا فقط، وشاهدوا النصوص واللوحات والاغاني والسيدات، كيف يسلن من اكمام الموج.

* هل المكان هو العامل الاهم في قصصك ام شخصياتك هي التي تاتي بالامكنة؟؟ نحن نلاحظ اختلاطا محيرا بين المكان والشخصية ولا ندري من يلد من؟؟

- في قصصي احتفاء كبير واع او ولا واع، لا ادري بالمكان، المكان ياتي اولا ثم تتقدم الشخصية من رحمه، في حياتي الشخصية لدي تعلق شبه مرضي او مرضي ان شئت بالمكان، حين اعيش لحظات حلوة في مكان مع امراة غالبا، فهذا المكان لا يفارقني ابدا، اظل اتخيله واسترجع تفاصيله من عشب وحجارة او ناس مروا من هناك صدفة، قبل ايام كنت في القدس، متسللا طبعا فممنوع ان ازور القدس، جلست مع امراة لا تصدق في صالة احد الفنادق، جلسنا ساعة واحدة، ضحكنا كثيرا، وهيأنا انفسنا لتوحش قادم، غادرت انا بعدها الى رام الله وغادرت هي الى مكان اخر، ساظل والى الابد اتخيل الصالة الانيقة بنادلها الغبي والشهواني وهو يحوم حولنا، بمراياها الكثيرة التي تحاصرنا، وبكراسيها العتيقة الاصيلة، وبشرفتها المطلة على الزحام الخفيف والحزين.
الشوارع التي مشيت فيها مع حسين البرغوثي العظيم، المطاعم التي اكلنا فيها، الازقة التي توكأ فيها على كتفي، حديقة المشفى التي امضى صباحات ايام شتوية طويلة فيها ماشيا ومتحدثا بصعوبة ومنتظرا ابره، قبل وفاته باسابيع، غرفته رقم 13 في مشفى الشيخ زايد، في كوبر، بالقرب من اشجار االلوز التي سيدفن بعد اشهر تحتها.
تأتي الامكنة، اولا ثم تولد الشخصية، الامكنة ام الشخصيات وابوها وجدتها، جدتها العمياء والصلبة، الامكنة، الامكنة، اه يا محمد الامكنة، من انا من غير الامكنة من من؟؟


* المس حبا كبير في حياتك الشخصية للاطفال لكن قصصك تخلو منهم، لماذا؟

- الاطفال مثل البحر ومثل الامكنة ومثل الله ، لكني لا استطيع ان ادخلهم عالمي الفني خوفا عليهم من اوهام الفن، واكاذيب الخيال وجنونه، اذا دخل طفل نصا لى، فقد اقضي نحبي او يقضي نصي نحبه، لا ادري كيف اعبر لك عن شعوري؟ احس ان هؤلاء الملائكة مفرطي البياض والطيبة، اكبر واعظم من ان يحشروا في نص او لوحة او اغنية، لانهم هم النص وهم اللوحة وهم الاغنية، كيف ادخل الفن في الفن تلك هي المشكلة،،هل عبرت لك عن موقفي و شعوري جيدا؟؟
لا اعتقد، اذن ساحاول ان اوضح بطريقة عملية. انا اسكن في حارة محافظة و معادية لي لسبب لا اعرفه بالضبط، لكن قد يكون سبب ذلك كوني عازبا ضخما ومزمنا اعيش في جوف بيئة تحتفي بجماليات الاستقرار وتحترم العائلية، لا احد يقول لي مرحبا، لا احد يرد على تحياتي. طفلة صغيرة جداlt; سنتان gt; او اقل، لا ادري.. هي فقط من تضحك في وجهي وتهرع نحوي ، وتقول لي بلغة طيورملونة:، مرحا عمو، لا ادري لماذا؟ هل لاني اضحكها جدا، حين ادعي مرات متتابعة سقوط المفاتيح من جيبي اثناء خروجي من البيت، فتضحك الطفلة ضحكات طويلة، تظل تلاحقني الى مسافات طويلة. مرة من المرات حاولت ان ادخل هذه الطفلة بضحكاتها اللذيذة، الى ارض وسماء نص لي: رجل وحيد في حارة معادية، ومحافظة، ضحكات طفلة، تنتظر قدومي على عتبة بيتها، لتقول لي: لماذا تاخرت يا عمو، يلا سقط المفاتيح وضحكني. سهرت طويلا لاكتب عن الطفولة التي تضحك في وجهي، وعن المفاتيح المسقطة و الحارات الباردة. لم استطع، فحزنت، حزنت جدا، لكني اتفقت اخيرا مع نفسي، وتصالحت معها، بهذا الخصوص، الاطفال، رائعون وحقيقيون ومدهشون في الحياة اكثر من وجودهم في النصوص

هل اوصلت لك موقفي؟ هل اقنعتك؟ يا محمد لا اعتقد،، قد لا يوافق الكثيرون على هذا الكلام، لكنها تجربتي او ازمتي ان شئت.

[email protected]