وتلكّ لَنا آيةٌ
في انّكَ تنتالوس احناتيوس
ولو لَم نُعطَ تلكَ الآيةُ
لقلنا لكَ كنْ بأمرِ مشيئتنا
التي لا نملكُ من أمرِها شيئا
ولو كانَ أبوك كعبَ إبريقٍ
لقالَ قائلُنا انهُ الصاعدُ كالوادي
ولو كنتَ دبرَ لقنٍ
لقالَ قائلُنا انكَ الهابطُ كالجبل!


***
سنقولُ فيك الكثيرَ، أيها السيدُ
فلا تنشغلْ بأمرِ الزينةِ,
شعراؤنا سيهتمّون بتزيينك
لستَ بحاجة لتنميقِ خطبك,
جهابذةُ الفكرِ سيفلسفونَها
لستَ بحاجة لتدوينِ سيرتك,
سنعيدُ كتابةَ التاريخِ كلِّه
من أجلِ رموشِ عينيك!


***
إننا نغريكَ ونستدرجُك
نعرضُ عليكَ مفاتنَنا ولمعانَنا
مفاتنُنا التي في الماضي
ولمعانُنا الذي في التراب
وما بينهما إليةُ الكبشِ
ممتدةً من محيطِ الرثاثةِ
إلى خليجِ الغيابِ
إننا نغريكَ ونستدرجُكَ
علّك أن تنزلقَ إلينا
من صعودِ الوادي
إلى هبوطِ الجبل!


***
فلتقدم إلينا أيها المبجلُ,
أقدم إلينا كثيراً كثيرا
بالهرجِ والسوطِ والقرودِ
بالطبلِ والزعيقِ والرنّةِ
بالوهمِ والمناديلِ الملونةِ
نريدُ أن نرقصَ أيها السيدُ
ونغني ونهزَّ أوساطَنا هزّاً عنيفاً لا ينقطعُ أبدا
ونريدُ أن نتشقلَبَ على الجنبينِ والقفا
نريدُ أن نقفزَ في الهواءِ ثلاثةَ أرباعِ البرلمانِ
وستةَ أعشارِ الكرامةِ
ونريدُ قرودكَ أن تلعقَ أحزانَنا
التي تندلقُ كألسنةٍ مفرطةٍ بالفصاحةِ
ونريدُك أن تضربَنا بسوطِك المقدّسِ
حين تأخذُنا رعدةُ البكاءِ والعويلِ
لا نريدُ أن نبكيَ ونعولَ إلى الأبدِ
لا نريدُ أن نظلَّ قصّراً فطّرا
نريدُ أن نعلنَ فطامَنا الأخضرَ
نريدُ أن نسيلَ في الشوارعِ كالفضّةِ
ونبرق،ُ فرطَ السعادةِ، كالذهب!


***
باغتنا، إن شئتَ، مع فزّةِ الطيرِ,
وقتَ الهاجرةِ, أو عندَ سدولِ الظلامِ
كلُّ الأوقاتِ سواءٌ لدينا
وما الوقتُ عندنا إلا سدىً يعبثُ بهِ سفهاؤنا,
يعفرونُه بالفراغِ, يقذفونه بالمرارةِ,
ثمَّ يربطونَه إلى جذعِ خرافةٍ باسقةٍ!


***
نحنُ قبائلُ العربِ الكذا وعشرين
ضعنا في صحراءِ الزمانِ ورمالِهِ
صرنا منبتّينَ يقتلُنا يأسُنا وأسانا
وصارتْ تتربّصُ بنا وحوشُ الفيافي
ونحنُ لا نستطيعُ هشَّ ذبابةٍ أو نشّ َنملةٍ
فيا لقلةِ ناصرِنا
ويا لجورِ الذبابِ والنملِ
ويا لضعفِنا وكلُّ ذبابةٍ تعدلُ فيلاً
وكلُّ نملةٍ تكبرُ جبلاً
ونحنُ شاحبون وبلا معنى
ولا نقدرُ حتى أن نعطسَ خشيةَ أن نُسئلَ
لماذا تسبّون الخندريسَ!


***
أغرابٌ نحنُ وصابرون
لا نفعلُ شيئاً في يومِنا وليلِنا
سوى أن نرعى قطعانَ ضجرِنا
الضجرُ هو ماشيتُنا الوحيدةُ
نحلبُه ونأكلُ لحمَهُ
نرتدي جلدَه ُ
ونلتحفُ بهِ ونركبُه لقضاءِ حاجاتِ دينِنا ودنيانا!


***
إننا نغوصُ في الرمالِ فلتأتِ!
بأرواحِنا الحزينةِ سنفديكَ
وبقلوبِنا المتعبةِ سنحبُك
وبحناجرِنا الصدئةِ سنهتفُ لكَ
وبأيدينا المرتجفةِ سنعقدُ لكَ إكليلَ الغارِ
وسنتوّجُكَ رجلاً لنا مدى الحياةِ
تعالَ أيُّها المخلِّصُ!
تعالَ, خلِّصنا!


***
لستَ بحاجةٍ إلى العُدَّةِ والعديدِ
يكفي أن تُرسلَ أحدَ طهاتِكَ
لا تهتمّ بأمرِ الطبولِ
يكفي أن تضغطَ على منبهِ سيارةٍ
لا تفكرْ بالطائراتِ خارقةِ الحواسّ
يكفي أن تُرسلَ عنزةً
لا تنزعجْ بأخذِ احتياطاتِ الدفاعِ
انّك لن تحتاجَ إلى الهجومِ حتّى!


***
ما الذي يوقفُكَ حائراً هكذا!
تقدّمْ، أيُّها السيدُ، تقدّمْ
دُسْ على فتنتِنا ولمعانِنا
فو اللهِ ما تقلَّدَهُما
من هو أعظمُ منكَ شأناً
منذُ أزمنةٍ بعيدة!