محمد الخامري من صنعاء: بالتعاون والتنسيق بين السفارة اليابانية بصنعاء والمكتب التنفيذي لفعاليات صنعاء عاصمة للثقافة العربية للعام 2004م دشنت مساء أمس الأربعاء بقاعة المركز الثقافي بصنعاء فعاليات الأسبوع الثقافي الياباني، حيث افتتح نائب وزير الثقافة والسياحة اليمني ومعه السفير الياباني بصنعاء ورجل الأعمال المعروف محمد مبارك عذبان رئيس جمعية الصداقة اليمنية اليابانية أول أيام الأسبوع بعروض سينمائية لثلاثة أفلام من اروع ماانتجته دور السينما اليابانية.

في حفل الافتتاح أوضح احمد سالم القاضي بأن السينما اليابانية تعكس مدى التطور الثقافي الذي وصلت إليه اليابان حيث جاءت هذه الفعالية تجسيداً لعلاقات التعاون الثقافي بين الشعبين الصديقين، مشيراً الى أن المنظومة الثقافية اليابانية التي ستقدم خلال هذا العام بين وقت وآخر فرصة ليطلع المثقفون وشرائح الشعب اليمني على النهضة السينمائية والثقافية التي هي جزء لا يتجزأ من التطور الكبير المتعدد الأوجه في اليابان.
كما عبر الحاج عذبان رئيس جمعية الصداقة اليمنية اليابانية عن اعتزازه وتقديره للحكومة اليابانية التي أسهمت في إحياء فعاليات صنعاء عاصمة للثقافة العربية، مشيرا إلى ان هذه الفعالية تأكيد كبير لتوطيد العلاقات الثقافية والاقتصادية بين البلدين.
من جانبه اكد السفير الياباني أن الهدف من عرض هذه الأفلام هو تطوير التعاون المشترك بين البلدين ونقل ثقافة اليابان للشعب اليمني.
مؤكداً دعمه لليمن في شتى المجالات منوهاً بتقديم مساهمة لمسرح الطفل ببعض الأجهزة الصوتية والسمعية ومبلغ أربعمائة ألف دولار في تجهيز مسرح الطفل.
يذكر ان السينما اليابانية استطاعت وعلى مدى فترة كبيرة وطوال تاريخها ان تعكس بدقة اخلاقيات وهموم المجتمع الياباني بكل تقاليده وعلاقاته وتطوراته وكانت ترديداً لمشاعر وفكر وارتباط الشعب الياباني الصديق في علاقاته بالآخرين.
وكما هو معروف فقد بدأت صناعة السينما في اليابان عام 1900، وامتلأت الاستوديوهات بالعديد من المخرجين الطموحين الذين لم ينالوا سوى التعليم الأساسي، وكانت لديهم رغبة عارمة في التعلم، من هؤلاء كان المخرج الرائد كينجي ميزوجوتشي الذي قدم أول اعماله في عام 1923، والمخرج تيفوسوكي كيتوساجا الذي قام باخراج اول فيلم ياباني ذي ثقل وأهمية عام 1926، وهو فيلم (الصفحة المجنونة)، اما المخرج الثالث، هيروشي ايناجاكي، فقد حصل على الجائزة الكبرى في مهرجان فينيسيا الدولي عام 1958 عن فيلمه (حياة ماتسو المتمرد).


الأفكار التقدمية
يقول صاحب كتاب السينما اليابانية في النقد السينمائي العربي ان الثلاثينيات شهدت اقبالا متزايدا من خريجي الجامعات اليابانية على العمل في السينما، وكان منهم المخرج كوروساوا والمخرج تاداتشي ايماي، وكان مجال العمل في السينما، في هذه الفترة، من اكثر المجالات الاجتماعية اليابانية تنوعاً، فكان هناك الذين ثقفوا أنفسهم ذاتياً واليمينيون واليساريون وخريجو الجامعات، فأصبحت الاستوديوهات مراكز نشر للأفكار التقدمية التي تعبر عن المشاعر العامة للشعب الياباني، وقامت الحكومة بقمع موجة هذه الأفلام، ولكن مع نشوء الحرب مع الصين، قام المخرجون بصورة مفاجئة بخلق تيار جديد من الأفلام التي تمجد الروح العسكرية، ومن بينهم أولئك الذين قدموا أفلاماً تقدمية.


لأفلام الأجنبية
تأثرت صناعة السينما اليابانية بالأفلام الأجنبية، فأخذت الشكل التعبيري الالماني، في عرض الموضوعات، كذلك اقرت بعض الافلام الدنماركية والالمانية في تطوير وادخال الواقعية في الافلام اليابانية. مع عرض تفصيلات الحياة اليومية فيها، وكان لنظرية اينشتاين في المونتاج تأثير كبير على المخرجين وخاصة مخرجي الافلام التقدمية الذين تأثروا بالافلام السوفييتية، وتم تجريب الاسلوب التسجيلي للواقعية الايطالية الجديدة مع تبني موضوعاتها التي تهتم بمشاكل المجتمع، وفي الاربعينيات تم تقليد بعض الافلام الاميركية الكلاسيكية، وخاصة من قبل بعض الشبان الذين مقتوا المناخ القمعي في مجتمعهم وتاقوا إلى روح الحرية الواضحة في الافلام الأميركية، وقد امتد تأثير هذه الأفلام إلى تشكيل مواصفات البطل الياباني وتغيير المواصفات التي يجب أن يكون عليها الممثل الذي يؤدي هذه الشخصية.


فترة الازدهار
في فترة الخمسينيات، وبعد انسحاب قوات الاحتلال الأميركي، ظهرت الحركة الإنسانية، وقدم مخرجو هذه الفترة: (كوروساوا، كينوشيتا، ايتشيكاوا، كوباياتشي)، موضوعات تؤكد على حرية الفرد وإعلاء قيمته الإنسانية.
وفي هذه الفترة ازدهر الإنتاج السينمائي، وأنتجت أفضل الأفلام على الإطلاق: (قصة طوكيو، أوجستو، مأساة يابانية، السيد بو، غرفة ذات جدران عالية والساموراي السبعة)، وظهر في السنوات الاخيرة لعقد الخمسينيات الإيقاع السريع " في الأفلام اليابانية واستمر بوضوح في الستينيات، ونتج الإيقاع السريع عن طبيعة الموضوعات ذاتها وعن حركة الكاميرا النشيطة، ففي فيلم «قبلات» عام 1957 لاحقت الكاميرا العاشقين الصغيرين وهما على دراجتيهما، اثناء تجوالهما في شوارع طوكيو، وكان هذا شيئاً جديداً في أسلوب السينما اليابانية.
مثلت فترة الستينيات مرحلة تطور مهمة في تاريخ السينما اليابانية، فقد ظهر فيها الاسلوب التسجيلي مع المخرج (سوموهاني) في «اطفال الفصل الدراسي» الذي اذهل الجميع بفيلمه التسجيلي هذا بخاصة وانه تعامل فيه مع اطفال صغار، وتأثر بهذا الاسلوب كثير من المخرجين وطبقوه في افلامهم، بحثاً منهم عن الحقيقة، مثلما كان يبحث عنها المخرج (شوهي إيمامورا) من مخرجي الموجة الجديدة.


فلام ما بعد الحرب
جاءت افلام ما بعد الحرب في اليابان بمثابة وسيلة احتجاج على المجتمع، وظهر جيل جديد ساخط على الاوضاع الاجتماعية والممارسات السياسية السائدة وعلى المادية الجديدة والتقاليد البالية، وطرح هذا الجيل افكاراً تحريرية جديدة من خلال نظرة تقدمية واتخذ من السينما وسيلة استطاع من خلالها التعبير عن هذا الرفض وإعلان هذه الأفكار.
بدأت الموجة الجديدة على ايدي مجموعة من المثقفين التقدميين، كان منهم: (ناجيزا أوشيما ـ شوهي ايمامورا ـ يوشجي يوشيدا ـ ماسهيرو شينودا)، وقد بدت هذه الموجة عام 1959 بظهور اول فيلم لـ «ناجيزا أوشيما» وهو «مدينة الحب والأمل» الذي يعتبر أول انواع الرفض، وعبر اوشيما بهذا الفيلم عن ميله الثوري المتسم بالعنف ورفضه لكل الأفلام التقليدية التي تؤكد على الترابط الأسري التقليدي، ومن التيمات المتكررة في أعمال مخرجي الموجة الجديدة: الجنس والعنف والجريمة والانحراف والعدوانية وعبادة الإمبراطور، في إطار رسالة لادانة المجتمع والاحزاب التقدمية.


الطفرة الاقتصادية
لقد اثر انتعاش اليابان اقتصاديا في فترة السبعينيات على اختفاء نوعيات محددة من الأفلام كانت لها شعبية وتأثير كبير في الماضي، مثل أفلام «الأم» و«المجرم المغامر» وأفلام «الهروب من الفقر» وازدادت شعبية سلسلة الأفلام الكوميدية الناجحة (السيد كورا)، وهو الشخصية الرئيسية في هذه السلسلة المعروفة باسم (من الصعب ان تكون رجلا). ظهر في السنوات العشر الأخيرة حوالي عشرين مخرجا جديدا، اطلق عليهم النقاد لقب الموجة الحديثة، وقد خرج هؤلاء الشبان بأفكار وموضوعات جديدة وطرق مختلفة للتعبير عنها وبأساليب فنية خاصة، إذ تعرض معظمهم لمسألة الأصالة والمعاصرة، وتناولها بعضهم بصورة جادة الى درجة التشاؤم، وهذا ما نراه عند (اوجوري) و(يانا جيماتشي) ومنهم من تناولها بصورة هزلية ساخرة مثل (اينامي جوزو) وامتدت هذه الصورة الى الشكل العبثي كما عند (بوشيمتسو موريتا) في فيلم (لعبة الأسرة)، ومن الاشياء المميزة لهذه المجموعة فكرة تضمين وتوظيف التجربة الشخصية لكل منهم في اعمالهم بصورة ملموسة، ويظهر هذا واضحاً من خلال اعمال: (ياناجيماتشي ونيجيشي). ولم تكن هذه تجربة شخصية بقدر ما كانت تجربة جيل كامل عانى المعاناة ذاتها.
مع موجة الحداثة الجديدة سوف يتغير شكل الفيلم الياباني المألوف، ويتمثل ذلك في الاستعانة بممثلين اجانب وفي تصوير بعض الافلام اليابانية خارج اليابان، وفي اختيار العديد من المخرجين الاجانب لليابان كمكان لتصوير افلامهم، وفي الاتجاه الحالي لمعظم المخرجين في تناول تيمات عالمية، ومن هنا يمكن ان يكون للفيلم الياباني جمهوره خارج اليابان، وبفضل هؤلاء قد تصل السينما اليابانية الى جمهور عالمي خارج حدودها.
يشار إلى أن أيام الأفلام اليابانية ستستمر حتى (30) من شهر يوليو الحالي.