حين نتناول اعمال - جماعة الناصرية للتمثيل - تبرز لنا الملامح الرئيسية والخطوط العامة لمنهجية الاشتغال على الفعل التجريبي مما يجعلنا نسير ضمن اكتشاف مميز اذ نرى في مجمل اعمالها محاوله لخلق تأثير واع ومتجدد، بدء من اختيار النص والاشتغال عليه وفق المعالجة الاخراجية لتكوين نص اخر هو "نص العرض"، لقد استترت اعمال – الجماعة – سابقا بقناع جمالي يمنع الآخر من الوقوف على تفسير احادي خشية اكتشاف ضدية خطابها الفكري بشكل معلن وما يترتب على ذلك من تبعات قد تمس وجود افرادها كونها – أي الجماعة – تتعارض مع الآخر وتكشف زيف الدكتاتورية، وبعد ان ولىّ زمن القمع الثقافي كان عليها الكشف عن هويتها الفنية والثقافية عن طريق الاعلان الصريح في مسرحية "ليلة جرح الأمير" للمؤلف الشاب عمار نعمة جابر واخراج ياسر عبدالصاحب البراك عن هويتها العقائدية، وسنتناول هذا العرض كنموذج لهذا الاعلان.
ان لغة النص تتمثل البساطة والوضوح من خلال شخصية (ابو سكينة) والفصاحة من خلال (الرجل قنبر) خادم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) اذ جعلهما المؤلف يسيران في مستوى واحد ادى الى خلق التعاطف بين الممثلين والجمهور فكان اختيار المكان (المسجد) يُعرب عن ان المسرح الاسلامي مسرح يمتلك من الخصوصية الشعبية والاتكاء على الفلسفة الاسلامية الشيء الكثير فحقق عرض مسرحية (ليلة جرح الأمير) الكثير من الاهداف التي دعت لها - الجماعة - من خلال الاشتغال على اطروحات الحداثة المسرحية وترسيخ المسرح الإسلامي في المشهد المسرحي العراقي فكانت العلاقة بين الممثل والمتلقي تمتلك من الحميمية كثيرا من التعاطف الذي فَعَّل مشاركة الجمهور في العرض تحقيقا وكسبا كبيرا للمسرحية، اما الايماءات التي كانت محملة بالملامح التعبيرية التي استخدمها المخرج في شخصيتي (الرجل الأفعى) و (الرجل الظل) فقد ساهمت في إنتاج نسق اتصالي واضح لدى الجمهور.وعرضت هذه المسرحية في مسجد الشيخ حسن في الناصرية يومين للرجال ويوم خاص للنساء وفي الأيام الثلاثة حضر جمهور غفير ضاق به المسجد، ومثّل في هذا العرض المسرحي كل من : حيدر جبر الاسدي (ابو سكينة) عمار نعمة جابر (الرجل قنبر) ومحمد رسن (الرجل الأفعى) وعمار سيف (الرجل الظل) والعلوية أم عمار (ظل الزهراء - ع -) وهذه التجربة حفزت - الجماعة - لعرض عمل مسرحي جديد مستوحى من الطقوس العاشورائية في كربلاء ولكن برؤيا معاصرة بهدف مخاطبة الوجدان الجمعي للجمهور الذي بدأ يتفاعل مع هذا النمط الجديد من المسرح.
التعليقات