عبدالله السمطي من الرياض: دعا عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور عبدالجليل السيف الخبير المروري المعروف، والناشط الحقوقي في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان إلى ضرورة فتح المجال لقيادة المرأة للسيارة في الوقت الحاضر اذ ان هناك معطيات كثيرة تتطلب ذلك، منها المعطيات الاجتماعية، والآثار السلبية لتواجد السائقين الخاصين في البيوت، كما أوضح أن هناك معطيات اقتصادية غير خافية على أحد؛ بالإضافة إلى المعطيات الحقوقية للمرأة، حيث تبذل المملكة العربية السعودية جهوداً كبيرة وما زالت في اتخاذ جميع التدابير المناسبة، لوضع الانطلاقات من ثوابت الشريعة الإسلامية التي تمنح المرأة حقوقها وواجباتها. ومن المعطيات أيضاً، المعطيات الفكرية والثقافية فوضع المرأة في المجتمع السعودي، يشهد حراكاً مجتمعياً متجدداً فكرياً، اقتصادياً واجتماعياً، ما يعد مؤشراً للوعي بأهمية دورها وتأثيره على تنمية المجتمع، والرغبة في مواصلة دعم وتعزيز دورها للمشاركة في بناء الوطن. فالمرأة نصف المجتمع والمسؤولة عن تنشئة نصفه الآخر، وبالتالي فإن تمكينها وتأهيلها علمياً، صحياً، مهنياً، واقتصادياً، ومن ذلك تأهيلها لقيادة السيارات ينعكس على إنتاجية المجتمع بأسره ويكمل منظومة الاستقرار والتطور.

وفي حديثه لإيلاف حول هذه القضية المجتمعية المهمة يكشف السيف عن آرائه الشخصية والمهنية كخبير مروري وعن حظوظ ومعطيات المرأة السعودية لقيادة السيارات، دون تجاهل الخطر المحدق المترتب على خلوة السائق الأجنبي ، كما يتحدث عن قناعته الشخصية المنحازة دائمًا وأبدًا إلى الحرية الشخصية المسؤولة؛ مؤكدًا أن قيادة الدولة، حريصة على سماع كل الآراء والتوجهات الفكرية والثقافية والمهنية.. وتشجع أجواء الحوار و الرأي.. والرأي الآخر المخالف ووجهات النظر المتعارضة في هذا الشأن..؛ ويتساءل عن مسؤولية تعطيل نصف القوى العاملة في المجتمع وعدم الاستفادة من إمكاناته وطاقاته؛ مؤكدًا أن التغيّر والتطوير سنـّة الحياة وما يجب الحرص عليه هو التغيّر الإيجابي الذي يؤدّي إلى وصول الوطن للغاية المنشودة في تنمية مستدامة واقتصاد متين يؤمّن للمواطن الرفاه والإستقرار وللوطن التقدّم والإزدهار.

وأوضح السيف أن المجتمع ..أي مجتمع لايمكن أن تتوافق نسبة جامعة على مؤشّر ما في قضية عادات لاتتساوى في الأسرة الواحدة ، فكيف ذلك في دولة قارة؟ وحلاً لهذه الإشكالية دعا السيف إلى إقامة حوار وطني ومهني مستفيض حول هذه القضية المجتمعية يتوافق فيه كل التوجهات والنخب حول هذه المسألة المهمة، ويخرج بتوصيات ملزمة للجميع!وردًا على إشكالات تعطل سيارات النساء وحوادثها؛ الخدمات المساندة على الطريق على مدار الساعة، من خلال إسناد رفع الحوادث المرورية وأعطال السيارات لشركات خاصة، تطبِّقها الدول المتقدمة، وأحرزت نجاحات غير مسبوقة.. وغير ذلك من الإجابات الشخصية المهمة التي تنم عن قراءة واعية بالحاضر، ومستنيرة بالمستقبل. هنا نص الحوار:

* في جلسة مجلس الشورى بتاريخ 22 مايو2005م؛ ناقش أعضاء المجلس مواد نظام المرور ، ومن بين ما تمت مناقشته اقتراح أحد الأعضاء مطالبًا بمنح المرأة السعودية حق قيادة السيارة، وأن يتضمن ذلك مواد نظام المرور...بوصفكم أحد أعضاء المجلس وعضو اللجنة الأمنية المعنية بمراجعة وهيكلة نظام المرور...ما الجديد في هذا الشأن، في ظل بعض التسريبات التي تتناقلها أحيانًا الصحافة المحلية والأجنبية بشأن قيادة المرأة للسيارات؟

بدايةً أقول: ليس من العدل والإنصاف اختزال قضايا المرأة السعودية وحقوقها المشروعة في قضية قيادة المرأة للسيارة، فلديها من القضايا الحياتية لنيل استحقاقها؛ ما هو أهم؛ ولكن لأن هذه القضية ، تجربة حضارية مطروقة ومُزَاوَلة، وممارَسة في جميع أنحاء العالم المتحضر، وفي غالبية البلاد العربية والإسلاميــة دون أي قيود أو شروط أو محاذير، ولها زخمها الذي يترك آثاره الاجتماعية..
أؤيد الرأي القائل: إنها قضية مجتمعية، لاغبار عليها، وأنا مع هذا الرأي قلبًا وقالبًا؛ وأحترمه وأجُلّه إذ لايوجد حسب علمي موانع شرعية، تحول دون قيادة المرأة للسيارة، وفي الوقت نفسه هناك فتاوى لا تجيز خلوة السائق الأجنبي بالمرأة في السيارة.
ولكن لأن هذه القضية لها أبعاد كثيرة غير الأبعاد الاجتماعية وتتجاوزها إلى الأبعاد الأخلاقية والحقوقية والاقتصادية.. إلخ.. فقط نحن بحاجة إلى أهمية التبصر بأهمية تقديم معالجات لهذه الرؤية بتهيئة مجتمعية أولاً وأركز جيدًا على (الاجتماعية).
وعودًا لسؤالك.. الجديد في هذا الأمر، أن هناك واقعا مُعَاشا، ووتيرة تتسارع، وأصبح هناك مطالبات كل يوم من قبل قطاعات نسائية كثيرة، وعرائض تُرفع لولاة الأمر في هذا الخصوص؛ لايمكن إغفال حاجتهم الفعلية لا التَرَفْية؛ لقيادة السيارة؛ بل أصبحت جهات حقوقية خارجية تضغط حيال هذا الموضوع.. فضلاً عن أن إحصائيات حديثة لوزارة العمل صدرت مؤخرًا ، كشفت عن ارتفاع نسبة الطلب على استقدام السائقين الخاصين الأجانب بنسبة (40%)؛ نتيجة للزيادة المطردة في عدد العاملات، ومن المتوقع حسب صحيفة الوطن في عددها بتاريخ 2008/4/5 أن يصل عدد العاملات في عام 1435 هـ إلى(803) آلاف عاملة، أي ضعف العدد الحالي تقريبًا (480)؛ ما يعني أنّ عدد السائقين سيتضاعف.. بكلمات أخرى ومع الزيادة الحالية في العمالة الأجنبية، فإن عدد العمال الأجانب سيتجاوز عما هو عليه حاليًا.
وأنا اختلف مع رأي المحاذير والمخاطر التي تأتي من وراء قيادتها، ويتجاهل الخطر المحدق نفسه الموجود في حالة ركوبها مع السائق الأجنبي، والذي قد يستغل خلوته بها، خاصة للموظفات اللاتي يعملن لوقت متأخر في الليل، كما أن هناك خيارًا؛ فالحرية الشخصية هي الفيصل .

هناك عدد من التصريحات لقيادتنا ومسؤولينا تؤكد دومًا أن هذا الموضوع.. قيادة المرأة للسيارات، هو موضوع متروك للتوافق المجتمعي بالأساس..، وأن هناك دراسات تبحث هذا الجانب..، ماذا تودون إضافته في هذا الخصوص؟

أكرر دومًا أن قيادة المرأة للسيارة لاتتعدى أن تكون مسألة اجتماعية؛ وفي هذا الخصوص أود تلخيص بعض من آراء القيادة من هذه القضية، في ما ذكره الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله، خلال الحوار الشامل، الذي أجراه معه النائب الأول للمدير العام لوكالة (إيتار تاس) الروسية، والذي أكّد فيه :laquo; أن قيادة المرأة للسيارة هو قرار اجتماعي، وأن دور الدولة هو ضمان (توفير المناخ الملائم) لأي قرار يراه المجتمع مناسبًا بما ينسجم مع مبادئ الشريعة الإسلامية وتعاليمها التي ترتكز عليها الدولة ..raquo;.

فهذا التصريح يقطع الطريق على آراء البعض خارجيًا الذين يهاجمون المملكة من هذا الباب؛ وآراء البعض ؛ وأنا لم أقل إلا بتهيئة المجتمع أولاً أمام صاحب القرار لتنفيذ هذه الرؤية الحضارية المُلحة، وفق ضوابط الشريعة الإسلامية..

كما كانت هناك إشارات مشجّعة في هذا الشأن من الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الذي ألمح إلى إمكانية السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة شرط موافقة ولي أمرها؛ بالإضافة إلى تصريحات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل مؤخرا ، بأن المرأة السعودية ينبغي منحها الحق في قيادة السيارات؛ وبعد قيام الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة لندن الأخيرة ، قال الأمير سعود الفيصل للقناة الرابعة في التلفزيون البريطاني :laquo; أنا عن نفسي أعتقد أنهن quot;النساءquot; ينبغي أن يقدن السيارات، لكننا لسنا من يتخذ قرارا في هذا الشأن ويجب أن يكون قرار الأسرraquo; .وأضاف قائلا :laquo; بالنسبة لنا ليست مسألة سياسية إنها مسألة اجتماعية ونعتقد أن هذا أمر تقرره الأسر وامر يقرره الناس ولا تفرضه الحكومةraquo; .

تضمنت محاضراتكم وبحوثكم وكتبكم آراءً جريئة، وجاءت معظمها مؤيدةً لتوجه البلاد السياسي والتنفيذي، ولكم وجهة نظر في عدم تغليب طرف على آخر.. فهل بالإمكان الإشارة إلى وجهة نظركم في هذا الخصوص؟

نعم؛ أنا مع الرأي القائل إن هذه المسألة اجتماعية في المقام الأول؛ ولكن إلقاء القول على عواهنه يحتاج إلى تحرير كامل؛ فأعداد الخريجات سواء من الثانوية العامة أم الجامعات، يبلغ حوالى (200.000) خريجة سنوية، فضلاً عن أن سوق العمل متعطشة للقوى العاملة النسائية الماهرة والمدربة والمتعلمة، حيث نسبة عمل المرأة في المملكة تبلغ 5,5% هو الأدنى إلى نسبة مشاركة المرأة في قوى العمل في العالم وذلك حسب إحصاءات منظمات دولية . فضلاً عن النمو السكاني المتزايد.

وفي ظل عامل قيادة السيارة الذي ربما يصبح عاملاً أساسيًا في تعطيل نصف القوى العاملة في المجتمع وعدم الإستفادة من إمكانياتها وطاقتها، رغم أننا من أكثر الدول استقطابًا للأيدي العاملة من الخارج ما يؤثـّرفي اقتصادنا الوطني وينعكس سلبًا على ناتجنا المحليّ؛ إذ تحتل المملكة المرتبة الثانية عالميًاً بعد أميركا من حيث قيمة تحويلات العمالة المقيمة بها إلى الخارج والتي تتجاوز 60 مليار ريال حسب أحدث بيانات البنك الدولي؛ من بينها 12 مليار سنويًا تحويلات للسائقين الخاصين.

وإذا نظرنا إلى الأبعاد الاجتماعية والآثار السلبية لها؛ نجدها تتجاوز الماديات، في ظل الخلوة المحرّمة مع السائق الأجنبي؛ و ما يتطلب ذلك من الحد من الأعداد الكبيرة من السائقين الأجانب الذين تقدر بعض المصادر تجاوز عددهم المليون سائق إن لم يكن أكثر. وهؤلاء السائقون يستقدمون من بلدان مختلفة، وينتمون إلى ثقافات وأديان ومذاهب مختلفة غريبة على ثقافتنا وعاداتنا، ونوكل لهم توصيل نسائنا وبناتنا أثناء ذهابهن إلى أعمالهن ومدارسهن وجامعاتهن، والمستشفيات والأسواق، وحضور حفلات الأعراس التي تستمر إلى ساعات متأخرة من الليل.
وفي ظل المواقف المشجِّعة على إمكانية الإقدام على تهيئة المجتمع نحو قبول قيادة المرأة للسيارة، مثل صدور عدد من القرارات منذ مطلع العام2008م، بجانب بعض القرارات التي اتخدت سابقًا إذا ما أضيف إليه تهيئة المجتمع لقيادة المرأة السيارة:حيث أصدرت وزارة التجارة في 20 من يناير 2008 قرارًا يقضي بالسماح للسيدات بالسكن في الفنادق دون محرم، بشرط أن تحمل السيدة بطاقة الأحوال الشخصية.
والبدء في تأسيس هيئة تعنى بشؤون المرأةquot;، وquot;الشروع في إعداد تشريع لحماية المرأة العاملةquot;.

وافتتح رسميا في 18-3-2008 في السعودية أول فندق مخصص للنزلاء من النساء فقط في منطقة الشرق الأوسط.
و صادق مجلس الشورى الأحد 24-2-2008 على توصية مؤتمر منظمة العمل الدولية التي تنص على تجسيد مبدأ quot;المساواة المطلقةquot; بين الرجل والمرأة.

و صدر تعميم، أيّدته وزارة العمل مؤخرًا يحدد فيه ضوابط عمل السعوديات، تم فيه إلغاء نص quot;عدم جواز الاختلاطquot; واستبدل به.
بينما وجهة نظري التي تفعّـل مثل هذا القرار المجتمعي الذي من الصعب أو المستحيل التوافق عليه، ما لم تتوافر إرادة النخب الوطنية والمهنية، وفي رأيي المتواضع، تغلبًا وتحريكًا للمياه الراكدة في هذا الخصوص، يمكن حلّ هذه المعضلة بالتدرج عن طريق عدد من المسارات:
المسار الأول: إقامة حوار وطني جاد، ترعاه الدولة، يشارك فيه جميع التوجهات الدينية والفكرية والثقافية والمهنية من الجنسين على السواء دون إقصاء طرف لمصلحة آخر لبحث هذه المسألة، تستقصى جميع جوانبها المجتمعية والاقتصادية .. إلخ والخروج برؤية واضحة وتوصيات ملزمة للمجتمع كافةً.

المسار الثاني: أن يُعهَد لمركز أجنبي مستقل، إقامة دراسة مسحية استقصائية للتعرّف إلى اتجاهات المجتمع من فكرة قيادة المرأة للسيارة.. الإيجابيات والمخاطر، والحلول..

المسار الثالث: تشكيل لجنة وطنية من جهات رسمية بالاشتراك مع مؤسسات المجتمع الأهلي السعودي لبحث نتائج وبحوث وتوصيات الحوار الوطني حول هذه القضية والرفع بها للقيادة لاتخاذ اللازم حيالها..

بحكم توليكم الإشراف على مدارس قيادة السيارات الأهلية فترة التأسيس حتى افتتاح أول مدرسة بهذا الشأن في جدة عام 1395هـ..ما الجديد الذي يمكن إضافته لمدارس قيادة السيارات النسائية في حال حدوث التوافق المجتمعي لهذه القضية التي حيَّرت الجميع؟

ولماذا ننتظر حدوث التوافق المجتمعي حول هذه المسألة المهمة؟ لابد بالفعل اليوم من تهيئة شاملة في هذا الخصوص، بعد التهيئة المجتمعية، تهيئة تدريبية وتعليمية سليمة، ولدي في هذا الخصوص برامج تدريبية خاصة تقوم على معالجات برامجية وتدريبية للنساء؛ برنامج تعليم لتدريب وتأهيل معلمات لتعليم الطالبات على برامج قيادة السيارات؛ ثم برامج لتأهيل وتدريب الطالبات على قيادة السيارات. ثم نعمل من الآن على تأهيل وتهيئة وتدريب عناصر أمنية مرورية نسائية، كما هو حاصل الآن في الجوازات والسجون، والمطارات ودور الملاحظة؛ لأن الحاجة فعلاً ملحة إلى تهيئة برامج لتدريب سيدات على الأمن المروري للتعامل مع قائدات السيارات.

هل تختلف البرامج الموجودة حاليًا عما سيُستحدث للنساء ؟

هذه البرامج لن تختلف كثيرًا؛ اللهمّ إلا في بعض المعالجات الخاصة، ولدينا كما قلت برامج خاصة جاهزة للتطبيق في هذا الخصوص، متى توافرت الإرادة الوطنية والمجتمعية في هذا الشأن.

ما ضوابط قيادة المرأة للسيارات من وجهة نظركم ؟

قبل الحديث عن الضوابط، لابد من تهيئة شاملة لهذه القضية المهمة؛ ومنها تهيئة خاصة بتطوير الكفاءات النسائية الوطنية المؤهَلة وإكسابهن المهارات الأمنية من خلال إنشاء معهد لتخريج ضباط صف نسائي وكلية أمنية نسائية تخرج ضابطات ؛ وضابطات صف وجنديات من النساء، تخدم وتغذي القطاعات الأمنية النسائية المختلفة، ومنها قطاع المرور؛ فالمواجهات والتحديات المستجدة كل لحظة بحاجة إلى كفاءات نسائية أمنية مؤهلة ومدربة ومنظمة تنظيمًا يحفظ الحقوق ويحفز على العطاء ويحقق ما نصبو إليه جميعًا خصوصًا أن ثمة تحديات تواجه المجتمع تستجيب لمتطلبات المرحلة المقبلة ..

وفي شأن الضوابط، يمكن وضع ضوابط وقيود على مَنْ تمنح لهن رخص القيادة من النساء شرعيًا ونظاميًا وهذه القيود والضوابط، تحتاج كما ذكرت إلى إجماع مجتمعي عام، وهذا لن يحدث إلا بما ذكرت آنفًا، بعقد مؤتمر حوار وطني خاص بتلك القضية، يستفيض فيه المحللون، ويضع كلٌّ حلوله في هذا الشأن.. غير أني يمكن أن أتحدث عن ضوابط تحمي بيئة قيادة المرأة للسيارة، مثل:
-وضع قانون صارم لردع كل من يحاول التحرش بالنساء أثناء القيادة بأي شكل من أشكال التحرش.
-وضع برامج تثقيفية تحث على احترام آداب المرور ونشرها على جميع المستويات على مدار ايام العام.
-رفع نسبة تثقيف رجال المرور بمسؤولياتهم تجاه حماية كل مواطنة من أي أذى، وردع كل مؤذ ردعًا حازمًا.
- تكثيف رجال ودوريات رجال المرور خلال الفترة الأولى من السماح للمرأة بالقيادة. وكذلك رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنع أي متجاوز على حرية المرأة وسلامتها أو مضايقتها بأي شكل من أشكال المضايقة وتقديم يد العون والمساعدة لها حين طلبها لذلك.
-توفير الخدمات المساندة على الطريق للنساء من خلال إسناد رفع الحوادث المرورية وأعطال السيارات لشركات خاصة.

وكيف يمكن التغلب على بعض الإشكالات التي قد تقع المرأة فريسةً لها على الطريق، مثل: بنشر السيارات؛ الحوادث؛ المعاكسات ...إلخ؟

هذا أصبح من السهولة بمكان الآن، وذلك من توفير الخدمات المساندة على الطريق، من خلال إسناد رفع الحوادث المرورية وأعطال السيارات لشركات خاصة، وهذه التجربة تطبِّقها الدول المتقدمة، وأحرزت نجاحات غير مسبوقة، وهذا، حقيقة هو دور الشركات الخاصة المقترح تقديم خدماتها، يشمل مباشرة كافة الحوادث المرورية المؤمَّنة، من خلال غرفة عمليات ورصد، مرتبطة بغرفة عمليات المرور لمباشرة البلاغات في حال تلقيها من الجمهور بفترة زمنية لاتتجاوز الخمس دقائق، إضافة إلى وجود فرق ميدانية، تعمل على مدار الساعة لمباشرة أي بلاغ يردها.. ؛ شريطةً أن تكون جميع السيارات، محل المشكلة مغطاة تأمينيًا؛ وأن تكون مفحوصة بصفة دوريًا؛ حيث تعطي هذه الشركات المتخصصة لقائدي وقائدات السيارات معالجات فاعلة عند وقوع الحوادث على مدار الساعة؛ لاسيما أن هذا النظام تم تطبيقه كبداية تجريبية في مدينة الخبر في المنطقة الشرقية، ويتم بموجبه تفعيل النظام المقترح من الشراكة القائمة بين مؤسسة النقد العربي السعودي، والإدارة العامة للمرور وشركات التأمين وأنتهز هذه الفرصة؛و أدعو أن يتسع هذا النظام التأميني لتغطية المركبة خارج النطاق المحلي؛ وفقًا لمنظومة الاتفاقية الخليجية الموحدة للتأمين على السيارة؛ والاتفاقية بين الدول العربية التي تعرف بــ(ORANGE).
وهذا النظام المطبّق حاليًا في الخبر، يمكن تعميمه في أنحاء المملكة العربية السعودية، وبذلك يمكن معالجة كل الإشكالات الناجمة عن الأعطال والحوادث المرورية على الطريق.. على مدار الساعة..

كتاباتكم وأبحاثكم العلمية تؤكِّد دومًا أن هناك زيادةً في نسب الحوادث والإصابات والوفيات؛ وكذلك المخالفات المرورية كنتيجة طبيعية لزيادة السيارات على الطريق...ألا ترون أنه بفتح باب قيادة السيارات للمرأة دعوة لامحالة لزيادة في هذه الحوادث المرورية الحالية وتضاعف أعدادها ؟

لست مع هذا الرأي؛ وسأرد علميًا عليه؛ فبعد دراسات مستفيضة قياسًا، عما يُزعَم بأن المرأة قد تكون أحد العوامل،التي تزيد نسبة الحوادث إذا ما سُمح لها بقيادة السيارات؛ فالإجابة العلمية عن هذه القضية أكدتها دراسات أثبتت أن متوسط المعدل لنسبة الحوادث مجتمعة بمن فيهم رجال المرور، بلغت ما نسبته (12.6%) حادث لكل مليون ميل ساعة قيادة للسيارات. وبلغ معدل النسبة المئوية لحوادث رجال المرور ما نسبته (18.4%) ما يشير إلى نسبة حوادث رجال المرور أكثر نسبةً من معدلات قيادة السيارات للعاديين..! يوضح ذلك أن ثمة ارتباطًا وثيقًا بين المدة الزمنية لقائدي السيارات والحوادث؛ فكلما زادت المدة الزمنية،زادت الحوادث،فبين كل (3) آلاف ساعة يقودها السائق،يتعرَّض إلى (3) حوادث،يتجاوز حادثتين من كل ثلاثة حوادث،بينما يقع الحادث الثالث؛ ما يدحض الرأي الذي يزعم أن المرأة أكثر تعرضًا للحوادث من الرجال؛ فهي في كل الأحوال تقود سيارتها ربع المدة التي يقود فيها سيارته !

كما تشير معظم الدراسات في كثير من دول العالم إلى أن قيادة المرأة للسيارة، أكثر التزامًا وأمانًا وسلامةً لأسباب كثيرة، يأتي على رأسها، تكوينها العضوي والنفسي؛ فهي أقل مغامرة من الرجل! فما إن تطرح، حقيقةً قضية ارتفاع ضحايا الحوادث المرورية أو تناقش مسألة تزايد أعداد الحوادث المرورية بما تحمله من إصابات بليغة أو خسائر مادية كبيرة، حتى يُستدعى على الفور السؤال التالي: هل النساء أكثر خطورةً في ارتفاع نسبة الحوادث المرورية؟ وهل يعتبرن شريحة مؤثرة في ارتفاع نسبة الحوادث المرورية؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير يجب الالتفات أولاً إلى مستوى التزام النساء بقواعد المرور، وإرشادات السلامة ثم إلى الفئة العمرية التي تبدأ فيها النساء بالنزول إلى الشارع كقائدات مركبات، أجاب عنها مسح ميداني، أجرته جمعية السلامة المرورية في الكويت أثبت أنه بالنسبة إلى مدى وعي والتزام النساء بالقواعد المرورية وإرشادات السلامة؛ فإن مستواها مرتفع إذا ما قورن بنظيره لدى الرجال وذلك من خلال تجربة واقعية في شارعين رئيسيَن في الكويت، رصدت خلاله ولمدة ساعتين لكل شارع وفي وقت الذروة مدى التزام قائدي السيارات بربط حزام الأمان واتِّباع الخطوط الأرضية؛ وجدت أن(8) نساء من (10) يربطن حزام الأمان فيما كانت النسبة للرجال (3) من(10) ! كما تم رصد حالة الالتزام بإعطاء إشارة ضوئية للانتقال من حارة لأخرى وكانت النتيجة أن (5) نساء من (10) ملتزمات فيما التزم رجل واحد من (10) بذلك. أمَّا عن مدى خطورة النساء عمومًا على الطريق؛ فإننا نجد النساء عمومًا لايقدن سيارتهن وهن دون السن النظامية التي تمكِّنهن من الحصول على إجازة القيادة مثلما هو حال الرجال؛ لذلك نجد أن معظم النساء قد خضعن لاختبارات القيادة وبذلك تكون نسبة خطورتهن على الآخرين في الطرقات ضئيلة ! وإن كنا نستثني حالات شاذة لاتكاد تتجاوز أعدادها أصابع اليد الواحدة؛ فإننا ومن خلال ما سبق نجد أن التزام النساء بالقواعد والإرشادات المرورية أكثر بكثير من نظيره عند الرجال!

ما المعطيات والمقومات التي تؤكِّد الحاجة إلى ضرورة فتح المجال لقيادة المرأة للسيارة في الوقت الحاضر؟

المعطيات، كثيرة جدًا ولاتحتاج إلى دليل، وقد ذكرت جزءًا كبيرًا منها في إجاباتي السابقة؛ ولكن ما يهمني التأكيد .هناك معطيات اجتماعية، والآثار السلبية لتواجد السائقين الخاصين في بيوتاتنا؛ وهناك معطيات اقتصادية غير خافية على أحد؛ بالإضافة إلى المعطيات الحقوقية، حيث تبذل المملكة جهودًا كبيرة وما زالت في اتخاذ جميع التدابير المناسبة، وتولي في هذا الخصوص أهمية خاصة لوضع الانطلاقات من ثوابت الشريعة الاسلامية التي تمنح المرأة حقوقها وواجباتها الاجتماعية والتوازن في ذلك بين الحقوق والواجبات المتبادلة بين المرأة والرجل، كما أن جميع الأنظمة واللوائح المعمول بها في السعودية وفي مقدمتها النظام الأساسي للحكم الذي يعد المظلة السياسية والقانونية للدولة مستمد من القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذين يتضمنان أدلة كثيرة على احتواء المرأة كجزء من المجتمع والنهوض بها.

وبما أن السعودية عضو فاعل في المجتمع الدولي فقد انضمت إلى العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان وتحفظت على كل ما يتعارض فيها مع مبادئ الشريعة الاسلامية السمحة وهذه التحفظات وضع طبيعي يفرضه النظام الأساسي للحكم والتزام المملكة بأحكام الشريعة الإسلامية.

ومن أبرز تلك الاتفاقيات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الموقعة في 18ديسمبر 1979م والمنضمة إليها المملكة في ديسمبر 2000م. مع تحفظ عام على كل ما يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. ومصادقة المملكة على الاتفاقية دليل على أن مضمونها العام انسجم مع توجه المملكة في رعايته لحقوق المرأة، كما ان هذه المصادقة دلالة على أن المملكة عازمة على تحمل مسؤولياتها للعناية بأوضاع الحقوق الانسانية للمرأة في الدولة.

ومن المعطيات أيضًا ، المعطيات الفكرية والثقافية فوضع المرأة في المجتمع السعودي، يشهد حراكًا مجتمعيًا متجددًا فكريًا، اقتصاديًا واجتماعيًا، ما يعد مؤشّرًا للوعي بأهمية دورها وتأثيره على تنمية المجتمع، والرغبة في مواصلة دعم وتعزيز دورها للمشاركة في بناء الوطن. فالمرأة نصف المجتمع والمسؤولة عن تنشئة نصفه الآخر، وبالتالي فإن تمكينها وتأهيلها علميًا، صحيًا، مهنيًا، واقتصاديًا، ومن ذلك تأهيلها لقيادة السيارات ينعكس على إنتاجية المجتمع بأسره ويكمل منظومة الاستقرار والتطوّر .

فأمر قيادة المرأة للسيارة، نحن مقبلون عليه لامحالة مهما طال الزمن! لذلك علينا التهيؤ لهذه المرحلة ومعالجة ما سيحدث من سلبيات من الآن! خصوصًا وأن جميع المؤشرات تعضد هذا الرأي. وبالنظر إلى المأمول، وتواكبًا مع المتغيرات السريعة التي يشهدها العالم والذي أصبح قرية صغيرة في هذا العصر. لا بدّ أن تساير إعتباراتنا ما يتلاءم مع تطوّر الواقع ومتطلباته، وبالمثل أن تتبلور خططنا التنموية لإيجاد فرص أكثر وإمكانيات أكبر لتفعيل دور المرأة بما يتماشى مع تطلعاتنا ويحقق توجّه قيادتنا الحكيمة في هذا الخصوص.

ويحق لنا أن نتساءل: أي مستقبل نتوقع لأولادنا ونصف المجتمع غير منتج يترقب بسلبية العالم من حولنا المتسارع الخطى في التقدم والتطوير؟ إن علينا متى ما حان وقت القناعات، والتوافق المجتمعي حول هذه القضية المهمة؛ علينا تهيئة الأجواء و توفير البيئات المناسبة لاستقبال هذه التجربة الجديدة؛ لتلافي أكبر قدر ممكن من سلبياتها

كلمة أخيرة في هذا الخصوص ..

إنني على يقين بأن الدولة حريصة على سماع كل الآراء والتوجهات الفكرية والثقافية والمهنية.. الرأي.. والرأي الآخر المخالف ووجهات النظر المتعارضة؛ وتستوعب كل هذه الآراء، حتى إذا ما تولّدت القناعات بضرورة إجراء هذا التنظيم؛ كان الضرر منه أخف وطأة؛ وأقل سلبيات. فالتغيّر والتطوير سنـّة الحياة وما يجب الحرص عليه هو التغيّر الإيجابي الذي يؤدّي إلى وصول المملكة العربية السعودية للغاية المنشودة في تنمية مستدامة واقتصاد متين يؤمّن للمواطن الرفاه والإستقرار وللوطن التقدّم والإزدهار، وفي سبيل تحقيقه؛ أرى أن تقديم ما يعضد هذا التقدم بإتاحة الفرصة أمام النساء في هذا الوطن لنيل استحقاقاتهن الاجتماعية و الاقتصادية والتعليمية ومن بينها تهيئتهن وتعليمهن قيادة السيارات.