كامل الشيرازي من الجزائر:حفل quot;ملتقى النقد الفني في السينما والتلفزيونquot;، المختتم الخميس بالجزائر، بمساجلات أكاديمية عديدة حول أفق النقد السينمائي والتلفزي هناك، وقارب نقاد ومختصون إشكاليات quot;النقد علم أم فن؟quot;، quot;مستويات النقد الفني بين السينما والتلفزيونquot;، إضافة إلى quot;النقد الفني بين التكوين، الممارسة والهوايةquot;.ورأى الناقد الجزائري د/محمد بن صالح، إنّ واقع النقد السينمائي والتلفزي في بلاده لا يبشر بالخير، في ظل انعدام فضاءات خاصة بالنقد، فضلا عن افتقاد الجامعات لأقسام نقدية متخصصة، علما إنّ المعهد الجزائري العالي للفنون الدرامية أقدم على شطب تخصص النقد من مقرراته.

من الندوة
وألّح الأستاذ محمد بوكراس على أنّ الناقد ليس ذلك الذي يصدر أحكاما وكفى، مشددا على وجوب امتلاك النقاد لخبرات وإلمامهم بمعارف الفن السابع قبيل خوضهم في أي مقاربات، وأضاف:quot;فهم ميكانيزمات النقد وتفسيرها للجمهور ليست بين أيدي الجميعquot;.
واستهجن الدكتور مصطفى فتحي، تعاطي النقاد وكذا الإعلاميين مع المنتجات الفنية، وفق نمط قطعي جاهز ينشطر بين المدح التام أو الذم الكبير، ورأى quot;يوسف مجكقانquot; إنّ النقد السينمائي والتلفزي ينبغي أن يكونا مرادفان برأيه للذكاء والاحترافية، وركّز على quot;تفسيرية النقدquot; وقيام النقاد بإيضاح آرائهم وتعليلها بالشواهد، بدل السقوط في فخ الأحكام العارضة فحسب.
وألّح الناقد السوري البارز د/quot;رفيق الصبانquot; على حتمية quot;ترشيد مسارات النقد السينمائيquot; والوصول بالأخير إلى خانتي الجودة والنوعية، مضيفا في مداخلته:quot;الناقد المقتدر والفعّال هو ذاك الذي يمسك بيد الجمهور ويدخله صروح العمل الجميل، كما تصورّ إنّ الناقد الحقيقي هو الذي يستطيع اقتحام الأسوار التي يقيمها المبدع حول نفسه ونتاجه، بحيث يأكل مما أسماها quot;الفاكهة السريةquot;.
ولاحظ الصبان إنّ السينما فن عجيب وعالم ساحر، ومقاربته ينبغي أن تحتكم إلى أصول بناءها وموسيقاها وتراقصاتها وأحاسيس العاملين فيها، موضحا:quot;النقاد غالبا ما يجدون أنفسهم أمام كتل مختلفة الألوان والأشكال، فتثير فيهم مثيرات لرؤى ذاتية وموضوعاتية مغايرة تقود بالناقد المتفرد إلى ابتكار خلق إبداعي آخر.
وأيّد الدكتور محمد جمعي من جامعة الجزائر، رأي الصبان، وزاد بقوله إنّ النقد الحقيقي هو إبداع ينطلق من إبداع آخر، ومن الأهمية بحسبه أن يتصف المحور النقدي بالروح العلمية الموجوبة، وينساق بألق فني وراء تلمّس دروب الجمال، فهو كمن يسعى للعثور على مفتاح لغز جميل عن طريق العشق.
من جانبها، دعت الناقدة السينمائية المصرية quot;خيرية محمد إبراهيم البلشاويquot;، إلى ضرورة تسلح جمهور النقاد بأدوات علمية صميمة، تستبعد انعكاسات الأنا والعاطفة والذاتوية وما يتصل بها من انطباعات وارتجال، وقدّرت الناقدة المصرية إنّ كل عنصر من عناصر الفيلم له نظريات علمية مرتبطة به، ومن ثمّ quot;لا يمكن التعامل باستغفال مع فيلم هو صناعة وتجارة وفنquot;، طالما أنّ هذا الأخير هو quot;فيض من الانفعالات والقضايا المتداخلةquot;، ورددت خيرية البلشاوي، إنّ الفيلم السينمائي لم يعد مجرد منتوج ثقافي فقط، بل أصبح منتوجا صناعيا وتجاريا، ومن هنا يتسم دور الناقد بقدر مضاعف من الأهمية، تبعا لكونه وسيط جماهيري قوي جدا، ينقل المشاعر ويصنع الذائقة العامة بقوانين علمية محضة.
وانتهت الندوة إلى تبني مقترحات، رأى عرّابوها أنّه في حال العمل بها سيمكن الوصول بمرتبة النقد إلى مصاف الجودة الرفيعة، التي باتت تعتبر مطلبا استعجاليا، سيما وأنّ الجمهور الجزائري صعب الاستمالة وقاس في أحكامه، خاصة فيما يتعلق بالمنتوج الفني المحلي، بحكم بحثه المستميت عن الأفضل دائما.