فندق انتركونتننتال شاهد على تاريخ افغانستان المرير

لوك بيكر من كابول: عند الحافة الغربية لكابول يقف بين تلين تذكار للتطلعات التي كانت تصبو اليها المدينة بان تصبح وجهة حضارية تجتذب سائحين من جميع انحاء العالم.. على مدار نحو اربعين عاما ظل فندق انتركونتننتال الذي يطل على المدينة الصاخبة وشمالا على جبال هندو كوش التي تغطيها الثلوج شاهدا على الاحلام التي لم تتحقق. وطيلة هذه الفترة كان شير احمد ستانيكزاي شاهدا على التاريخ.

وشاهد ستانيكزاي كل شيء من حفلات راقية تقدم فيها الشمبانيا الى نساء ترتدين لباس بحر من قطعتين تستلقين بجوار حوض السباحة في السبعينات الى الغزو السوفيتي وفوضى الحرب الاهلية وصعود وسقوط طالبان ووصول القوات الامريكية.

وقال مبتسما وهو يجلس في بهو شبه خال لم يتغير كثيرا منذ افتتاح الفندق في عام 1969 quot;كان جميلا في وقت ما... كانت هناك متاجر للحلي تبيع الالماس والذهب وشركة سياحة ومطعم بامير في الطابق العلوي. كان الملهي الليلي مكتظا دائما.quot;

واضاف وهو يتذكر فترة سابقة أفضل quot;كان الفندق يقيم احتفالات ضخمة بمناسبة راس السنة في قاعة الرقص.quot;

بدأ ستانيكزاي العمل في الفندق كنادل في عام 1969 وكان عمره 16 عاما. ثم واصل الترقي ليصبح كبير الندل ثم مدير المطعم والمدير المسؤول عن الاغذية والمشروبات وهو الان مساعد المدير العام.

وقال ان الفندق كان في اوج ايامه في السبعينات عندما كان اوروبيون اثرياء يحضرون الى افغانستان وكانوا يقيمون في الفندق بين رحلاتهم الى تمثالي بوذا في باميان أو الجبال في الشمال او المدن القديمة مثل جلال اباد.

وكان حوض السباحة مزدحما دائما برجال ونساء يسبحون معا فيما تسمع صيحات اللاعبين من ملاعب التنس. وفي المساء كان رواد الفندق ينزلون وهم في ابهى زينتهم الى قاعة نوريستان لتناول المشروبات قبل العشاء. كما ترددت على الفندق اعداد كبيرة من الشخصيات الهندية البارزة ورؤساء سابقين وسفراء اجانب.

كان عصرا ذهبيا لم يدم طويلا.

وحلت التغيرات الهائلة مع الغزو السوفيتي في اواخر 1979 مع تدفق عشرات الالاف من القوات الاجنبية علي البلاد اثر سلسلة من الانقلابات الفاشلة والمؤمرات والتمرد الدموي.

وعقب الغزو استبعدت مجموعة انتركونتننتال كابول من سلسلة فنادقها رغم ان الفندق لا يزال يحتفظ باسمه.

وانتهى به الحال بان استغله الجيش السوفيتي مقرا لقواته وسريعا ما قل عدد السائحين الاجانب ويتذكر ستانيكزاي ان المنتجع ظل مزدحما لكن بالقادة العسكريين السوفيت.

ويمضي قائلا quot;كانوا يحتسون الفودكا ولكن ظل الفندق يحقق مكاسب لانهم كانوا يسددون الفواتير.quot;

وبعد عشر سنوات رحل الروس وبدأ عهد جديد مع الاقتتال بين امراء الحرب الافغان الملتحين عقب الاطاحة بالنظام الشيوعي للرئيس محمد نجيب الله .

ويقول ستانيكزاي quot;تلك الفترة كانت سيئة جداquot; وذكر كيف سيطرت مجموعة من المجاهدين على اجزاء من كابول تقع الى الغرب من الفندق بينما سيطرت مجموعة اخرى يقودها احمد شاه مسعود على الفندق ومعظم المناطق المتبقية من المدينة.

وقال quot;كانت طلقات الرصاص والصواريخ تتطاير.. كنا محاصرين. قتل مدير بالفندق هناquot; مشيرا الى مكتب الاستقبال. وتابع quot;اعتقد ان بين 15 او 16 من العاملين في الفندق قتلوا في ذلك الوقت.quot;

وانهى بزوغ نجم امراء الحرب الحفلات التي تقدم فيها مشروبات روحية وواجه الفندق اوقاتا اكثر صعوبة. ومع سيطرة طالبان على كابول في عام 1996 تفاقمت الاوضاع الصعبة بالفعل.

وتعين على ستانيكزاي ان يطلق لحيته ويرتدي جلبابا تقليديا بدلا من السروال والقميص.

واضاف quot;كانت لحيتي الى هناquot; مشيرا الى صدره quot;وارتديت عمامةquot;.

وكان حكم طالبان حقبة متشددة وشحيحة اذ تردد على الفندق عدد قليل من الصحفيين الاجانب ولكن معظمه كان خاويا. ومن الاحداث التي يتذكرها مجيء عدد من اتباع اسامة بن لادن في احد الايام واغلقوا حوض السباحة لمدة يوم ليستاثروا به لانفسهم.

وحين جاءت القوات الامريكية والافغانية وأطاحت بحركة طالبان من السلطة عام 2001 كان أول ما فعله ستانيكزاي حلق لحيته. وتحسنت الاحوال مع توافد عدد اكبر من الصحفيين والدبلوماسيين والمغامرين واستثمرت شركة اماراتية في الفندق وطورته.

وفي الاونة الاخيرة انتقلت ملكيته للحكومة ووعدت بمزيد من التحسينات. وافتتح فندق اخر خمسة نجوم بوسط كابول ينافس انتركونتننتال الذي بدا نجمه يخبو. ولكن ستانيكزاي لن يتركه.

ويقول ببساطة quot;احب فندقي واحب وظيفتي... ساظل اعمل هنا طالما تريدني الادارة.quot;