د. بهجت عباس : المقال المنشور في إيلاف تحت عنوان ( إكتشاف جينات تمنع السرطان ) للسيد إيهاب شاوش في 6 شباط (فبراير) تحت قسم ( صحة ) يستحق أكثر من وقفة لتبيان الحقيقة العلمية في هذا الموضوع الهام، الذي أود أن أتناوله بإيجاز. جاء في المقال ما يلي :
( تونس: أعلن علماء من كوريا الجنوبية عن تمكنهم من اكتشاف جينات يمكنها منع السرطان، و تتمثل هذه الجينات في منظم للبروتين يعرف باسم "بي18". )
إنَّ هذا خطأ علمي بلغة غير واضحة. فأولاً، ما معنى جينات تتمثل في منظم للبروتين؟ فإذا عرفنا أنَّ الجين الواحد ينتج أو يتوسط بصنع بروتين واحد، لا تتمثل هذه الجينات في بروتين واحد " بي 18 P " الذي ينتجه الجين CDKN2C الواقع على الذراع القصيرة للكروموسوم رقم 1. ثم إن البروتين بي 18 معروف منذ سنة 1998 وليس اكتشافاً جديداً - راجع المقالة المنشورة في جورنال برين باثولوجي
Ute Pohl et al, Brain Pathology 9: 639-643 (1999)
ويقول السيد إيهاب شاوش:
( وأوضح رئيس فرقة العلماء انه تم فحص تأثير نقص هذه الجينات من خلال إزالة منظم البروتين"بي 18" من جين الفئران .... ) تعبير لا يعطى معنى علمياً صحيحاً، فما معنى ( نقص الجينات) ؟ وإزالة منظم البروتين بي 18 من جين الفئران ؟ الجين هو الجين الذي يتوسط، كا قلت سابقاً، بصنع البروتين، والأخير لا يلتصق بالجين ليتم إزالته، بل الحقيقة تقول إن البروتين يُصنع في سايتوبلازم الخلية بواسطة الرنا الرسول mRNA والرايبوزوم، وليس في نواتها التي تحتوي على الجينات. ويتابع السيد شاوش :
(التجارب التي اجريت في هذا الصدد أثبتت ان نفاذ (كذا) منظم البروتين يمنع مواد مضادة للأورام السرطانية مثل "بي 53 " او "ايه تي ام" من أداء مهامها و أن هذا المنظم يسيطر على البرامج المضادة للسرطان في جسم الإنسان.) وهنا أخطاء عدة، فمنظم البروتين لا ينفد، ولكن يتشوه أو تقل كميته أو لا يُنتَج تبعاً للجين المسؤول عنه، كما إنَّ بي 53 هو ليس مادة بل جين مهم جداً أ ُكتشف عام 1993 وأطلقت عليه مجلة ( ساينس ) عام 1994 ( جزيئة العام ) وسُمِّـيَ بحارس الجينوم وهو الرقيب على الجينات والمسيطر على انقسام الخلية. وقد كتبت مقالة عنه بعنوان ( دولة الخلية وحارس الجينوم ) نُشرت في إيلاف ومواقع أخَر قبل بضعة أشهر.
وأودّ أن أذكر أن البروتينات P 21, P19, P18, P17, P16 هي مجموعة بروتينات منظـِّمة لدورة الخلية تـُدعى مانعات الكاينيس المعتمدة على السايكلين
Cyclin-dependent Kinase Inhibitors
التي ترتبط بمجاميع خميرة الكاينيس فتوقف دورة الخلية عند المرحلة G1 ، وهي مرحلة تهيئة الكروموسومات للإنقسام، فتمنع تكاثر الخلية. وتكون هذه الحال ضرورة عندما تكون الخلية مُشوَّهة قد يؤدّي تكاثرها إلى سرطان. ولإعطاء فكرة أعمَّ من هذا، أودّ أن أذكر أن دورة الخلية ( إنقسامها ) تمر في ثلاث مراحل:
G1 – التهيّـُو لانقسام الكروموسومات.
S - تضاعف الدنا DNA أو استنساخها.
G2 – التهيّـؤ لانقسام الخلية.
وفي كل مرحلة نحتاج إلى خميرة كاينيس معتمدة على السايكلين، فبدونها لا تتمّ المرحلة. وتكون خميرة الكاينيس على أنواع ثلاثة 1 و 2 و 4 ، وكل نوع مختص بمرحلة معينة. والبروتينات P المذكورة أعلاه والمانعة لهذه الخميرة تكون ذات اختصاص أيضاً في عملها. أما البروتين بي 27 P فيمنع أيَّ خميرة لأيِّ مرحلة، ولذا يُسمّـى ( مانعاً شاملاً Universal Inhibitor ).
أشكر السيد إيهاب شاوش لإعطائي الفرصة للخوض في هذا الموضوع الهام الذي يخص الحياة.
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Archive/1085603934250661500.htm
التعليقات