إبراهيم توتونجي: تنطلق عروض ثمانين فيلما روائيا وتسجيليا في السادس من كانون الأول المقبل في إطار lt;lt;مهرجان دبي السينمائي الدولي الأولgt;gt;، في خطوة يراد منها إعطاء ملامح ثقافية للمكان الذي يروّج له بوصفه الواحة التجارية الأصفى والأكثر جاذبية في المنطقة، وهو ربما كذلك بالفعل. من حق كثيرين أن يهلّلوا لمواسم ثقافية آتية الى إمارة lt;lt;برج العربgt;gt; التي، على الرغم من طراوة تاريخها، بات لها خبرة في مجال تنظيم وتسويق المعارض والمؤتمرات والعلامات التجارية ومهرجانات التسوّق تفوق خبرة بلاد عربية وقدراتها ورغباتها. فدبي لا تتنافس على هذا الصعيد إلا مع سنغافورة والصين والحلم النيويوركي. لكن حين يأتي دور الثقافة، فللكلام مفردات ومدلولات أخرى.
لا يصعب إضفاء اللمسة الدولية على أي نشاط يُقام في هذه الإمارة، وفيها إمكانات واتصالات ورعايات تجارية حاضرة لاستقطاب أي كان وفي أي وقت من أي مكان الى أي منصة. هكذا، اتخذ المهرجان منذ اطلالته الرسمية الأولى قبل أيام قليلة وجه الإعلان المبالغ به لشركات lt;lt;الجميرةgt;gt; وlt;lt;نخيلgt;gt; وlt;lt;طيران الإماراتgt;gt; التي شدّدت على التزامها دعم الحدث lt;lt;ليصبح من أبرز مهرجانات السينما التي يتم تنظيمها في العالمgt;gt;، فيما خلا البيان الصادر عن المنظّمين من أي معلومة مفيدة تتعلق بهوية الأفلام ومعايير اختيارها والاستفادة من تجارب معيّنة والاتعاظ بفشل تجارب أخرى كثيرة.
من السهل إضفاء الطابع الدولي على منصة اعتلاها 14 خبيرا جاؤوا من بريطانيا والهند وكندا واليونان وألمانيا وإيطاليا، حاملين معهم خبرات سينمائية وتنظيمية هائلة، في حين أن الخبرات المحلية كانت غائبة باستثناء وجود الليبي محمد مخلوف مؤسّس lt;lt;مهرجان الشاشة العربية المستقلةgt;gt; ومديرها والخبير في شؤون السينما المستقلّة. غابت مصر فبدا غيابها مستغربا ومستهجنا. لم يكن من بين الاستشاريين خيري بشارة أو يوسف شاهين أو وحيد حامد أو يسري نصر الله ولا يسرا ولا عمر الشريف. أكثر من مئة عام سينما عربية لم تحضر الى منصة دبي، فيما عبّر أحد الاستشاريين الأجانب عن الجهود الكبيرة التي بذلها أعضاء اللجنة أثناء رحلة البحث والتقصّي عن أحوال سينما العرب. مسعود أمر الله آل علي، الإماراتي الذي يشغل منصب الإدارة الفنية لمؤسسة الثقافة الإماراتية ومؤسّس lt;lt;مسابقة أفلام من الإماراتgt;gt; ومديرها، غاب عن الافتتاح بسبب سفره، علما بأن وجوده ضروري لتوضيح تساؤلات عدّة: أليس لدينا خبراء سينما من مصر وتونس والمغرب ولبنان؟ إذا فهمنا lt;lt;الوجود الهنديgt;gt; على أنه تمثيل طبيعي ومعتاد في النشاطات كافة بسبب التواجد الهندي الكثيف في دبي، قبل أن يكون تقديرا لسينما بوليوود، فإن المعادلة نفسها تقتضي تمثيلا ايرانيا تبرّره طليعية السينما الإيرانية قبل التواجد الايراني القوي في الإمارات، وتحدّر عائلات كثيرة من أصول إيرانية. لكن هذا كلّه ليس المنطق الذي يجب أن تدار به المهرجانات الثقافية. هناك سؤال آخر: هل ستُعرض الأفلام الثمانون كما هي في نُسخها الأصلية من دون إمعان مقص الرقيب فيها؟ لم يُجب المؤتمر الصحافي عن هذا السؤال، على الرغم من وجود 15 شخصية منظّمة تحدّثوا جميعهم في مدّة لم تتجاوز أربعين دقيقة، بينما فُتح المجال أمام الصحافيين لطرح أسئلتهم لعشر دقائق.
اللافت للنظر أيضا أن الدورة الاولى، بحسب ما أعلن المنظّمون، ستخلو من أي تنافس أو مسابقات أو جوائز، مما أدّى إلى طرح سؤال حول الفرق بين lt;lt;مهرجان سينمائي دوليgt;gt; وبين lt;lt;نادي السينماgt;gt;، أجيب عنه ب:lt;lt;نحن نطرح نيو براند (علامة تجارية جديدة) في المجال الثقافي، وعلينا أن نجعل الناس يعتادون التجربة أولاgt;gt;.
في الإعلان الأول عن lt;lt;مهرجان دبي السينمائي الدوليgt;gt;، خرج المجتمعون بغموض يلفّ التجربة بعناوينها العريضة وتفاصيلها، لكنهم لم ينسوا أبدا صورة مضيفة الطيران تلك، التي تسمرّت في مكانها وراء منصة الاستشاريين لأكثر من ساعة والابتسامة لا تفارق محياها. كانت تمثل إعلانا خاصا بشركة الطيران راعية الحدث. إعلان برئتين لمهرجان لم تتضح له رؤية.. حتى الآن على الأقل.