بغداد - هبة هاني: بعد سقوط نظام صدام حسين, يحاول العراق الالتحاق بركب المعلوماتية وتطورها. دخل جهاز الكومبيوتر العراق للمرة الأولى في نهاية الثمانينات من القرن الماضي. واقتصر استخدامه على الدوائر والمؤسسات الحكومية. وتطلب الأمر شهوراً لاتقان العمل فيه. وفي البداية, اقتصر الاهتمام على برامج كتابة النصوص, مثل برنامج "وورد" الذي تصنعه "مايكروسوفت". ثم شاع استخدامه تدريجاً في مجالات اخرى كالتصميم الطباعي وانظمة المحاسبة. وخلال فترة التسعينات من القرن الماضي, توسع استخدامه بعد استيراد كميات كبيرة منه. وبعدها, عمدت بيوت عراقية كثيرة الى استخدامه والافادة من برامجه, على رغم ظروف الحصار الذي كان مفروضاً على العراق آنذاك.


الكومبيوتر كسلعة رائجة
تشهد تجارة اجهزة الكومبيوتر رواجاً واسعاً ادى الى زيادة مبيعاتها بالتوازي مع الاقبال الشديد عليها, وخصوصاً بعد أكثر من عام على تحرر السوق والانفتاح التجاري خلال العام الماضي. وادت هذه الامور الى إنخفاض أسعار, مما زاد في جذب المواطن وتهافته على اقتناء الحاسوب. وزاد في الحماسة, الرغبة في الحصول على خطوط الانترنت وايصالها الى البيت, بعدما كانت خبراً يسمع به, ولم يكن ليستخدمها سوى دوائر الدولة فقط. ويقول صاحب مركز للانترنت في شارع الربيعي في بغداد ان "الرغبة في الحصول على الانترنت زادت من مبيعات اجهزة الحاسوب". ويضيف: "ربما لم تنتشر خدمة الانترنت بقوة في البيوت, لكن المواطن بات يستخدم بطاقات خدمة الانترنت بلهفة شديدة".

لا تمثل الرغبة في الحصول على الانترنت السبب الوحيد في زيادة مبيعات أجهزة الحاسوب. وساهم في الأمر انخفاض اسعار تلك الأجهزة. ويتحدث نمير سعد, صاحب مكتب "المخـتار للحاسبات" في منطقة الكرادة في بغداد عن دخول "انواع جديدة الى السوق, مما صعّد المنافسة وخفض الأسعار, وخصوصاً بالنسبة الى الماركات التي كان استيرادها محدوداً سابقاً". واكد ان ما كان يستورد قبل الحرب الاخيرة تمثل في "الماركات الاميركية التي كانت تباع بأسعار مرتفعة لأنها تحمل مواصفات عالية في السعة والسرعة ومساحة الذاكرة ونوعية ملحقات الحاسبة, كأجهزة شركات "سامسونغ" و"آي بي ام" و"ايسر" وغيرها". ويستطرد قائلاً: "اما ما يستورد اليوم بعد انفتاح الحدود وانعدام القيود الجمركية والضريبية, فيشمل الانواع الصينية والتايلندية والمصنعة بامتياز كوري والتي تتصف برخص اثمانها وبكونها تحمل المواصفات الاميركية نفسها". ويؤكد ايضاً ان "اجهزة الكومبيوتر من نوع "ماكنتوش", التي تتناسب خصوصاً مع التصميم الطباعي, انخفضت اسعارها ايضاً من 8000 الى 5000 دولار للجهاز".

ويتحدث رافد سمير الذي يعمل في تجارة اجهـزة الحاسوب, مشيراً الى ان "الأسعار تتفاوت بحسب مواصفات الحاسوب وتجهيزاته. ويباع النوع الذي يحتوي على معالج الكتروني من نوع "بانتيوم 1" بسعر يراوح بين 100 و160 دولاراً. ويرواح سعر الجهاز الذي يحتوي على معالج "بانتيوم 2" بـين 170 و200 دولار, وبين 220 و270 دولاراً للذي يحتوي على "بانتيوم 3". ويضيف ان "الجهاز الذي يشتمل على معالج "بانتيوم 4", الذي وصل حديثاً السوق العراقية, يباع بسعر يرواح بين 260 و300 دولار, مما يعتبر سعراً تنافسياً".

وعن منافذ دخول الكومبيوترات الى العراق, يقول إن الأجهزة "تصل من طريق الإمارات, آتية من الصين, وتكون ارخص نسبياً من تلك التي تدخل الى العراق من سورية والأردن, حيث تسود أجهزة مستوردة من دول أوروبا".


كومبيوتر السرقة في الطريق
ويشير احمد سليم, صاحب مكتب شركة "مايكروسوفت" في العراق, ومقره شارع الصناعة في بغداد, الى ان التحسّن النسبي في دخل المواطن العراقي مكن العائلة من توفير نسبة من الراتب الشهري لشراء كومبيوتر. ويؤكد ان تفاقم الأوضاع الأمنية الراهنة لم يؤثر في نشاط سوق الحاسبات, إذ ان "الطلب عليها متواصل بعد مضي عام على تحرير السوق. وينتعش السوق مع وصول اجهزة حديثة في شكل مستمر, لأن الكثيرون يفضلون استبدال اجهزتهم بأخرى اكثر تطوراً".

ولمح الى توافر كميات كبيرة من أجهزة الكومبيوتر التي سرقت من مؤسسات الدولة ودوائرها اثر عمليات السلب والنهب التي تعرّضت لها العاصمة بغداد بعد توقف العمليات العسكرية العام الماضي. والحال انها ساهمت بصورة اكيدة, على حد تعبيره, في انخفاض اسعار الحاسبات: "بقيت الاجهزة المسروقة تراوح في سوق الحاسبات لشهور عدة... كانت تباع على الارصفة والشوارع أو من قبل الباعة المتجولين باثمان بخسة, ربما لجهلهم بما يبيعونه"! ويشير الى ان مبيع الاجهزة المستعملة يشهد تحسناً ايضاً: "تفضل بعض العائلات العراقية شراء المستعمل اولاً لتعليم ابنائها ولا تتسبب بخسارة في حال تعطل الجهاز نتيجة الجهل باستخدامه, ثم تعمد الى شراء الانواع الجديدة تدريجاً بعد اتقان العمل به".

ويرى خبراء اقتصاد ان تجارة الحاسبات التي كانت محدودة لسنوات في العراق ما عدا اقليم كردستان, ازدهرت راهناً واستطاعت تحقيق توازن بين الطلب والعرض. ويبقى ان الفارق الوحيد هو ان اكراد العراق باتوا اكثر خبرة في استخدام الكومبيوتر وبرمجته وتسويقه, من سكان المحافظات الأخرى.