يشكل المسيحيون بين ثلاثة الى خمسة بالمائة من شعب العراق، ويطلق عليهم اسم الطائفة المسالمة، ولم يتعرضوا للاضطهاد في اي عهد من العهود خلال اربعة عشر قرنا، الى ان بلغتهم بركات الاحتلال الاميركي. تفجير خمس كنائس عراقية في وقت واحد يدل على عملية منظمة، تحمل (أو يراد لها ان تحمل) بصمات القاعدة المغرمة بالتفجيرات المتزامنة، وتوقيت التفجير في موعد قداس الاحد عندما تكون الكنائس مكتظة بالمصلين يدل على الرغبة في تقتيل اكبر عدد ممكن، وليس مجرد تسجيل موقف او زعزعة الامن غير المستتب اصلا.
الاحتلال الاميركي هو المسؤول عن هذه الكارثة، ليس فقط لأن جنوده يمكن ان يكونوا هم الذين زرعوا المتفجرات على ابواب الكنائس، بل لأن الاحتلال هو الذي فتح ابواب العراق لعمليات القاعدة وغير القاعدة، فكان حربا لمصلحة الارهاب وليس حربا على الارهاب.
يقال ان المقصود بالاعتداء هو الجيوش الغازية لانها قادمة من بلدان مسيحية، ولكن هذا لا يبرر استهداف المسيحيين العراقيين نيابة عن جنود الاحتلال الاميركان والانجليز والبولنديين والطليان، فالمسيحيون العرب في العراق وغير العراق من أقطار الوطن العربي وقفوا دائما مع مواطنيهم المسلمين ضد الاحتلال الاجنبي منذ تحرير العراق وسورية من الفرس والرومان، وحتى مقارعة الاستعمارين البريطاني والفرنسي في العصر الحديث، مرورا بالحرب الصليبية.
التوجه الى السلطة العراقية لضمان امن المسيحيين في العراق حالته ميؤوس منها، لان تلك السلطة عاجزة عن حماية نفسها فكيف نتوقع منها ان تحمي غيرها، والتوجه الى قوات الاحتلال خطأ أكبر، لأن من يحتمي بالاحتلال لا يستحق الحماية، ويصبح هدفا مشروعا للمقاومة الحقيقية خاصة وانه المستفيد من نشوب صراع طائفي، ويظل متهما حتى يثبت عكس ذلك، ولكنا نتوجه الى فصائل المقاومة العراقية لتوحيد صفوفها، وحماية الوحدة الوطنية في مواجهة العدو الحقيقي المشترك.
ما حدث في العراق ليس صراعا طائفيا، فالمسلمون كانوا اسبق من غيرهم في ادانة الاعتداء، على المصلين ودور العبادة، والمسيحيون العرب الذين صمدوا لمئات السنين، واسهموا في بنا الحضارة العربية الاسلامية، سيصمدون الى ما لا نهاية فهم مواطنون اصلاء لا دخلاء، وهم جزء لا يتجزأ من الامة العربية وشوكة في حلق اعدائها.