الأحد: صالة الوصول رقم واحد. علي أبواب صالات الوصول بمطار القاهرة تستطيع أن تفرز المصريين من غيرهم، ليس من خلال اللون أو تكوين الجسد، بل من البكاء!
لم يتخل الناس بعد عن استقبال ذويهم في المطار، لا يختلف في ذلك المصري عن العربي أو الأجنبي المقيم، لكن هؤلاء يستقبلون ذويهم بالابتسامات وأحضان وقبلات الظفر، بينما ينخرط المصريون في بكاء حاد عند اللقاء.
الشعب الذي صمد خمسة آلاف عام في وجه السفر، كان لابد أن يري مثل هذه الأيام لكي يتواضع ويعتقد في إمكانية الحياة ـ أو البعث لمن يموت ـ خارج مصر، بل إن المصريين يغضون الطرف ـ فيما يبدو ـ إلي معضلة الموت في عرض البحر خلال محاولات الهروب من الفردوس الذي صار الجحيم بعينه، لم يسأل أحد: أين يمكن أن تذهب الأرواح الطافية فوق الماء، لكن السكوت علي السؤال لا يعني مطلقا أنه غير موجود.
استسلم المصريون للخروج، دون أن يتنازلوا عن الألم.
الاثنين: صالة المغادرة رقم إثنين
في الممر المسيج بحواجز حديدية تدفع سيدة ثلاثينية في حجم عصفورة عربة عليها حقيبتان تتسعان لحمل متاع بيت كامل، خلفها يركض من يبدوان من اللهفة والدها ووالدتها. في آخر نقطة مسموح بها عانقاها بشدة. أخذت السيدة تبتعد وهي تلتفت بين لحظة وأخري إلي الواقفين ينقلان النظر بينها وبين حارس البوابة الذي يقف كالصقر الرابض علي غطاء رأسه. فجأة أدار الأب يده القلقة في جيبه، ومدها مصافحا النسر الذي سرعان ما حولته المصافحة المغمسة إلي حمامة. قال بحماس من يقدر قيمة المنحة التي أتاحها للوالدين.
ـ كل سنة وانت طيب يا سعادة البيه.. ادخلا بسرعة، سلما عليها هناك.
ركض الكهلان خطوات داخل الأرض التي كانت محرمة عليهما منذ لحظات واستوقفا الابنة من أجل قبلة إضافية، بينما انتفض الصقر من جديد يحدد بصرامة لقادمين جدد الحد الفاصل بين الحلال والحرام في أرض المطار.
الثلاثاء: قسم يصلح وعيدا!
بدأ الشاب الريفي يتردد علي سفارة الدولة الأوروبية التي تصور أن رزقه يناديه منها، وفي كل مرة يحظي برفض يكرر المحاولة بذات الاسم متنكرا في مهنة جديدة بجواز سفر جديد، فصار مرة تاجر قطع غيار سيارات ومرة مستورد لحوم ومرة صاحب مكتب سفريات. وذات مرة طلب القنصل إدخاله إليه، ليعلن له بوضوح ضرورة أن يصرف النظر لأنهم لن يمنحوه بتأشيرة هذا البلد.
برباطة قلب، و دون أن تعوقه ربطة العنق التي يرتديها للمرة الأولي توعد الشاب القنصل: أنت تقول هذا، لكنني أحلف بشرفك أنني سأسافر إلي بلادك.
الشاب الذي سافر فعلا يقضي الآن في قريته إجازته السنوية الخامسة عشرة بعد القًسَم!
الأربعاء: تأخر علي شاي الملكة!
حتي الآن يلف الغموض قضية المعماري المصري ممدوح حمزة الذي سافر إلي لندن يوم 12 يوليو الماضي مدعوا علي حفل شاي للملكة البريطانية فوقع في يد البوليس البريطاني متهما بالتخطيط لاغتيال بعض الشخصيات الرسمية المصرية علي الأراضي البريطانية. ورددت الشائعات اسم محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان بوصفه الشخص المطلوب للاغتيال أو الطالب لاعتقال حمزة، لكن الوزير نفي دون أن ينكشف الغموض.
فنجان الشاي الملكي الذي لم يشربه حمزة سيكشف فيما يبدو عن مافيا عريقة في عالم البناء المصري.
وقد كان مرور شهر كافيا لكي يبرد الشاي دون أن تبرد أسئلة المصريين التي لاتجد من يجيب عليها؛ الجانب البريطاني لا يقول شيئا، والحكومة المصرية حكومة عصر المعلومات لم توضح التباسا.
هل أخفقت في أول اختبار أن صوت المعلومات لا يمكن أن يعلو علي صوت المافيا؟!
الخميس: الهدف التالي!
فوبيا الإسلام بدأت تأخذ منحي إحصائيا علميا لمزيد من الإقناع بان أوروبا ستصبح إسلامية بنهاية القرن، في الوقت الذي تُتداول فيه ببعض دول أوروبا كتب مجهولة الناشر تفسر تنبؤات نوستراداموسNostradamos وهو فلكي وكاهن من العصور الوسطي كتب أشعارا غامضة يمكن تأويلها علي أي وجه، لكن المفسرين يقولون بأن هذه الأشعار تتنبأ بأن المسيحية ستكون مجرد جزر منعزلة بحلول عام 2040 أو 2060.
هل يمكن أن نتوقع أن أوروبا ستكون هدف الضربة الأمريكية الوقائية القادمة في حالة نجاح بوش؟












التعليقات