بوعلام غمراسة من الجزائر: يقوم الشيخ علي بلحاج، الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية المحظورة، بزيارات ميدانية إلى ولايات الشرق، مرفوقا بوفد يتألف من 25 شخصا من أنصار الجبهة، ومحاطا بعدد كبير من رجال الأمن الذين يقتفون أثره منذ خروجه من السجن في يونيو (حزيران) 2003 .
وانتقل بلحاج أول من امس من العاصمة إلى قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة)، والتقى في أحيائها ومساجدها بالعديد من الإسلاميين والفضوليين. وسافر القيادي البارز في أوساط السلفية الجزائرية، إلى فالمة (550 كلم شرق العاصمة)، حيث شارك في احتفال زفاف ابنة شقيق عبد القادر حشاني، الذي اغتيل في سبتمبر (أيلول) 1999. وقاد حشاني الجبهة الإسلامية للإنقاذ غداة اعتقال رئيس الحزب عباسي مدني ونائبه بلحاج في يونيو 1991، وتحت رئاسته فاز الحزب الإسلامي بأول انتخابات برلمانية تعددية في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1991، وسجن حشاني لمدة 5 سنوات وبعد خروجه اغتيل بالعاصمة على يد شاب، حكم عليه قبل أسبوع بالسجن مدى الحياة*وعقد بلحاج في فالمة، لقاءات مع أنصار الجبهة، وكان له قبل ذلك لقاءات مماثلة في جيجل (300 كلم شرق العاصمة)، حيث تحادث إلى مسلحين «تائبين». والمثير في اتصالات علي بلحاج الأخيرة، أنها شملت قادة تنظيمات مسلحة أوقفت نشاطها بموجب اتفاق جرى بين قيادة الجيش النظامي في مطلع 2000، ومن بين الذين التقاهم بلحاج، مدني مزراف زعيم «الجيش الإسلامي للإنقاذ»، وعلي بن حجر زعيم «الرابطة الإسلامية للدعوة والجهاد»، وأحمد بن عائشة قائد الجيش الإسلامي بناحية الغرب، ومصطفى قرطالي قائد «كتيبة الرحمن»، بمنطقة الأربعاء (30 كلم جنوب العاصمة). واستغربت مصادر، «تساهل» السلطات الأمنية مع تحركات بلحاج واتصالاته بأنصار الجبهة الإسلامية والقادة المسلحين، فمن المعروف أن نشاطه مقيد بسلسلة من الممنوعات، سماها بلحاج «الممنوعات العشرة»، وهي مدرجة في محضر النيابة العسكرية الذي رفض بلحاج التوقيع عليه عند خروجه من السجن، بينما التزم به عباسي مدني. وينص المحضر على منع الرجل الثاني في الإنقاذ من أي نشاط سياسي ومن الإمامة بالمصلين ومن الخطابة في المساجد أو المشاركة في أي تجمع علني. وفيما قالت مصادر، ان بلحاج مكلف بـ «مهمة» من محيط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تتمثل في تكثيف اتصالاته بقادة التنظيم المسلح للعب دور في إقناع المسلحين الذين لا يزالون في الجبال بالتخلي عن السلاح، والانخراط في «مشروع المصالحة الوطنية»، الذي جعل منه بوتفليقة أولوية في سياسته خلال ولايته الثانية. لكن مصادر مقربة من بلحاج، كذبت أي تنسيق بينه وبين الرئيس أو المقربين منه. وقالت ذات المصادر لـ «الشرق الأوسط»، ان تنقلات بلحاج في داخل البلاد «تندرج في سياق رغبته في الحصول على أكبر قدر من المعلومات بشأن ما جرى في 12 سنة، قضاها في السجن العسكري بالبليدة (50 كلم غرب العاصمة)». وأضافت ذات المصادر، بأن «الدليل على عدم وجود أي تنسيق بين بلحاج والسلطات، تعرضه للاعتقال 10 مرات على الأقل منذ خروجه من السجن». وكان بلحاج، اعتقل منذ أسبوعين بسبب حديثه مع المصلين في أحد المساجد بالعاصمة، حول التدابير الجديدة التي أعدتها وزارة العدل، لتعديل قانون الأحوال الشخصية، ونقل عبد الحميد بلحاج، عن شقيقه قوله «لماذا تمنعون الأئمة والشيوخ من الدعوة إلى ما يهم شؤون المسلمين، وتتغاضون عن دعاة التبشير والتنصير بالجزائر!».