طارق الشناوي: عندما نجحت أغنية «على قد الشوق اللي في عيوني» التي غناها عبد الحليم حافظ في مطلع الخمسينيات، كانت هذه الاغنية هي الباب السحري الذي فتح أمام عبد الحليم حافظ شاشات السينما لتستقبل افلامه التي حققت أعلى الايرادات! بمجرد أن غنى عبد الحليم «على قد الشوق اللي في عيوني» وقال عنها الشاعر والكاتب الكبير كامل الشناوي انها الطبق الطائر الذي حلق بعبد الحليم الى أعلى ذروة جماهيرية، اتفق معه المخرج ابراهيم عمارة على بطولة فيلم «لحن الوفاء» أمام شادية وذلك عام 1954!! وبعد ذلك صارت افلام عبد الحليم هي الورقة الرابحة التي تدر الملايين على منتجيها وأصبحت السينما بالنسبة لعبد الحليم هي السجل المرئي لأكثر من 70% من اغنياته العاطفية.
والحقيقة انه بعد عبد الحليم حافظ لم يستطع أي مطرب أو مطربة تحقيق نجاح ضخم في السينما باستثناء عفاف راضي بفيلمها الوحيد «مولد يا دنيا» لأنها وعلى مدى يزيد عن 25 عاما لم تستطع تقديم الخطوة التالية! ومن المستحيل الآن بالطبع أن تقدم على تلك الخطوة! لقد حاول السينمائيون في منتصف السبعينيات استغلال نجاح هاني شاكر المطرب بعد أغنية «كده برضه يا قمر» التي حققت نجاحا ضخما، لكن هاني شاكر لم تنصفه السينما، وهو أيضا للحقيقة لم ينصفها! قبل نهاية الثمانينيات حققت أغنية «لولاكي» للمطرب علي حميدة نجاحا مدويا في مصر والعالم العربي، هذه الاغنية التي كتبها عزت الجندي ولحنها سامي الحفناوي أدى نجاحها الى أن ينشئ علي حميدة فرقة موسيقية اطلق عليها اسم «لولاكي» وهو ايضا ما دفع احدى شركات الانتاج لتقديم فيلم سينمائي باسم «لولاكي» من اخراج حسن الصيفي وكان هو الفيلم الأول والأخير لعلي حميدة والغريب ان حسن الصيفي بعد أن أخرج ما يزيد عن 100 فيلم روائي توقف تماما عن ممارسة الاخراج بعد «لولاكي» ! يبدو انه لعنة لولاكي أصابت المطرب فلم يقدم أية اغنية ناجحة بعدها، وأصابت المخرج فلم يقدم أي فيلم بعدها أيضا! لماجدة الرومي تجربة واحدة في السينما مع يوسف شاهين في «عودة الابن الضال» قبل 28 عاما، وعندما اعتذرت ماجدة عن بطولة فيلمها «سكوت حنصور» للمخرج يوسف شاهين أسند دور البطولة الى لطيفة ليصبح هو فيلمها الوحيد حتى الآن! آخر عنقود المطربات اللائي اتجهن للسينما هي «روبي» كان أول ظهور لروبي مع يوسف شاهين في فيلم «سكوت حنصور» حيث لعبت دور ابنة لطيفة، وكانت وجها مبشرا في السينما، ولكن احتكر نشاطها بعد ذلك المخرج شريف صبري، وبدأ شريف في ركوب موجة اغنيات الفيديو كليب، وقدم عددا من الأغنيات لروبي اشهرها «ليه بيداري كده» التي أثارت ردود فعل غاضبة، خاصة أنها لعبت على ايحاءات جنسية، وبرغم أن روبي لم تكن وحدها في هذا المجال، إلا ان اسلوب تقديم الاغنية بصريا، ربما لعب دورا في ان تزداد مساحة الغضب وتحولت «روبي» فجأة الى قضية لتشغل الرأي العام على صفحات الجرائد ما بين اغلبية رافضة وأقلية متسامحة. برغم أن قنوات التلفزيون تخاطفت الفيديو كليب فيما بينها، لكن شريف صبري كان لديه طموح أكبر وهو أن يغزو السينما بصاروخ «أرض جو» اسمه روبي، وقدم لها فيلما متوضعا على كل المستويات «7 ورقات كوتشينة» أراد شريف أن يلعب بكل الأوراق فيلم كوميدي أو مفروض انه كذلك، بأقل تكلفة. البطولة المطلقة لروبي، ثم انه قدم له القصة التقليدية لصعود مطربة من القاع الى القمة، وكانت القمة على سبيل المثال في فيلم «شارع الحب» هي الغناء في «الأوبرا» حيث غنى عبد الحليم حافظ «نعم يا حبيبي نعم»، أما القمة في فيلم «7 ورقات كوتشينة» هي أن تغني روبي في برنامج مسابقات وتحتل المركز الأول، بعد أن أصبح هذا هو القانون السائد في عصر برامج الفضائيات! الفيلم لا يحمل في داخله رؤية سينمائية انه فقط يراهن على أن هناك جمهورا ينتظر روبي بشوق وشغف ويريد المزيد منها ولا تكفيه دقائق الفيديو كليب، ولهذا امتد بقاؤها ساعتين على الشاشة، هو زمن الفيلم فلم تكن لصالحها ولا لصالح الجمهور. ان شريف باعتباره محتكرا لروبي يذكرني بالاسطورة العربية الشهيرة عن رجل كانت لديه دجاجة تبيض له كل يوم بيضة ذهب، ولكنه بسبب الطمع قرر أن يذبح تلك الدجاجة ليحصل على كل الذهب مرة واحدة، فاكتشف انه لم يحصل على شيء، وضاعت عليه البيضة الذهب. وكانت روبي بالنسبة لشريف صبري، وخسر بذلك البيضة الذهب.
أعجبني ذكاء نانسي عجرم وهيفاء وهبي وإليسا وديانا حداد، حيث حاولت أكثر من شركة انتاج اقناعهن بالاشتراك في بطولة فيلم، لكنهن وجدن أن الفرصة ليست مثالية، وربما لم يجدن في أنفسهن تلك الموهبة للوقوف كممثلات أمام الكاميرا !! لا شك اننا في عصر ثقافة الصورة وغزو الصورة المرئية، ولهذا ينبغي عندما نقدم أفلاما غنائية ان تتجاوز محاكاة أشرطة الفيديو كليب، ومأزق روبي «7 ورقات كوتشينة» انها والمخرج شريف صبري لم يصلا حتى الى مستوى اغنية الفيديو كليب. لقد كانت ضجة اغنية «ليه بيداري كده» لصالح روبي وكانت ضجة الاعتراض الرقابي على الفيلم لصالح روبي، حيث ازداد تعطش الجمهور لها. لكن بقدر ما كان الترقب كبيرا بقدر ما جاءت خيبة فيلم «7 ورقات كوتشينة» كبيرة جدا تتجاوز في فداحتها 52 ورقة وهو عدد أوراق الكوتشينة!!