فرح امبدة: هاجم الدكتور آدم موسى مادبو نائب رئيس حزب الأمة المعارض سياسات “حكومة الإنقاذ” تجاه دارفور والمناطق المهمشة في السودان وحملها مسؤولية تفكيك وحدة البلاد.

وشدد مادبو في حوار مع “الخليج” على أن الحكومة في وقتها الراهن غير قادرة على حل مشاكل السودان واستبعد أن ينتهي التعاطي الدولي الكثيف مع مشكلة دارفور إلى إنزال عسكري في البلاد غير أنه أكد بأن التدخل العسكري المباشر قد حدث بعد أن تم نشر أكثر من 150 جنديا في دارفور وبعد أن اتفق على نشر 3 آلاف جندي إفريقي قريبا.

وتوقع مادبو أن تنتهي المفاوضات بين الحكومة والمجموعات المسلحة في دارفور إلى لا شيء بسبب فقدان الثقة وضعف المجموعة الحكومية المفاوضة، وأكد بأن الإنقاذ مهما توصلت إلى اتفاق ومع أي مجموعة لن تعمل على تنفيذ ما اتفقت عليه. ورفض مادبو اتهام حزبه بالسعي لتشكيل كيان معارض موازن للتجمع الوطني في الخارج،

وأيد حوار الحكومة مع التجمع وقال إن اتفاق حزبه مع الحكومة بشأن الأوضاع في دارفور “ذهب مع الريح” وتاليا تفاصيل الحوار:

توقفت الحرب واندلعت حرب خطيرة أخرى في دارفور، والأوضاع تشير إلى اندلاع حرب ثالثة في الشرق كيف يقرأ حزب الأمة هذه التطورات وماذا يفعل حاليا لتجنيب البلاد التمزق والمخاطر لكونه الحزب الأكبر جماهيرية؟

صحيح أن البلاد تتعرض للمخاطر سواء كان في الجنوب أو في دارفور او في الشرق وربما مناطق أخرى، في الجنوب تم التوقيع على بروتوكولات للسلام ولكن لم تصل الأطراف الموقعة إلى الاتفاق النهائي ويبدو أن ذلك مرتبط بإشكاليات خاصة بالجوانب الأمنية لوقف إطلاق النار وفيما يتعلق بتقسيم السلطة، أما أحداث دارفور فأضافت ظواهر جديدة على اتفاقيات السلام لذلك من الضرورة أن يكون هناك حل سريع للمشكلة في دارفور حتى لا يلقي بظلال سالبة على مشروع السلام في الجنوب، وفي نفس الإطار من المهم أن يكون حل المشكلة في دارفور في إطار قومي، بمعنى أن يؤخذ في الاعتبار إمكانية تطبيق ما تم الاتفاق عليه بشأن دارفور على بقية مناطق السودان المختلفة، في هذا الإطار الحزب نظريا بذل جهدا كبيرا بدءا بتنظيم ورش عمل لدراسة المشكلة وبإجراء زيارات مكثفة للإقليم وبتوضيح حقائق ما يجري فيه بجانب أنه بدأ نقاشا مع كل القوى السياسية حول مشكلة دارفور ووصل إلى اتفاق مع الحكومة رغم أن الحكومة لم تجد في تنفيذ ما اتفقنا عليه.

ما هي رؤيتكم لحل المشكلة في دارفور؟

من خلال ورش العمل والزيارات الميدانية للإقليم والاتصال مع كل الأطراف توصلنا إلى أن الأسباب الأساسية وراء الصراع في دارفور وربما في بعض المناطق الأخرى تكمن في غياب الديمقراطية، لأن الحكومات الشمولية عادة ما تتخذ قرارات دون أن تأخذ مشورة وموافقة أهل دارفور، ولو كانت البلاد تحكم بنظام ديمقراطي وكانت السياسات تعرض على سكان المنطقة ويكون القرار قرارهم لما كانت الأوضاع وصلت إلى ما هي عليه الآن.

ثانيا: تسييس الإدارة الأهلية، ومعلوم أن حكومة الإنقاذ ومنذ عامها الأول بدأت في تسييس الإدارات الأهلية والعشائرية حتى تضع من يوالونها سياسيا في قمة الهرم الإداري، هذا التقسيم السياسي أضعف الإدارة الأهلية التي كانت تقوم بالدور الأساسي في التعايش وحفظ الأمن وإدارة شؤون السكان.

ثالثا: إهمال قضايا التنمية ومشاريع الخدمات مما أدى إلى خلق غبن في بعض الأقاليم خاصة في دارفور، خاصة أن النظام تعمد موالاة بعض الأقاليم على حساب أقاليم أخرى.

رابعا: القوات المنوط بها الحافظ على الأمن في دارفور عددها قليل ومعداتها ضعيفة وروحها المعنوية منهارة وهي فاقدة للهدف.

خامسا: تدني مستويات المعيشة بين سكان دارفور وازدياد البطالة.

سادسا: الحدود المفتوحة جعلت السكان في دول الجوار تدخل إلى أراضي السكان المحليين ما أنتج عددا من الصراعات والمشاكل، كل هذه المشاكل إذا لم تعالج فلا أعتقد أن المشكلة في دارفور ستجد طريقها إلى الحل.

هل يعني ذلك أن الحكومة ليس بها تمثيل حقيقي لأقاليم السودان، أليس من بين وزرائها من هم من دارفور؟

وجود أهل دارفور في هذه الحكومة وجود هامشي بل في الواقع الحكومة الحالية مسيطر عليها الإقليم الشمالي دون غيره، الآن القصر الرئاسي كله من الشمال بدءا من الرئيس ونائبه ومستشاريه بجانب الوزارات الرئيسية، لذلك نحن نقول إن فكرة الحكومة المركزية القومية تقوم على أن تمثل فيها كل أجزاء السودان بعدالة وقومية حتى يشعر المواطنون في كل أنحاء البلاد بأنهم جزء من الحكومة التي تنفذ وليس الحكومة الهامشية، وقبل أن تكون هذه الحكومة لا بد من عقد مؤتمر جامع لحل المشكلة في دارفور، وأن يدعى لهذا المؤتمر بجانب الحكومة، المجموعات التي تحمل السلاح في دارفور وزعماء العشائر والقوى السياسية المختلفة وأبناء دارفور ومثقفوها وأن تكون اجندة المؤتمر أمنية وسياسية واقتصادية وحكومية وأن يكون للمؤتمر حضور إقليمي ودولي حتى يضمن تنفيذ ما يتم التوصل إليه وأن تكون قراراته ملزمة.

لماذا التركيز على الحضور الإقليمي؟

الحضور الإقليمي والدولي لأنه الطريق الوحيد الآن لضمان تنفيذ ما اتفق عليه من جانب ومن جانب آخر أن التجربة علمتنا أن الحكومة يمكن أن توقع معك اتفاقا ولكنها لا تنفذه.

إذن ما هو تعليقكم على المفاوضات بين الحكومة وحلفائكم في المعارضة؟

نحن نرحب بشدة بهذه المفاوضات ونأمل بأن تصل إلى اتفاق ونرجو أن تنفذ الحكومة ما تتفق عليه معهم، وأن يكون الاتفاق بابا لعودة القيادات المعارضة في الخارج إلى العمل من الداخل.

المفاوضات وفرص النجاح

وما هو تعليقكم على المفاوضات بين الحكومة وحاملي السلاح في دارفور؟

المفاوضات التي تجري حاليا في أبوجا حسب ما نرى فيها ثلاث سلبيات، الأولى أن التحضير لها لم يكن كافيا لأن التفكير كان في الجانب الأمني والإنساني وليس الجانب السياسي، ثانيا الوفد الحكومي فيه كثير من الظلال والملاحظات على اعتبار عدم وجود ثقة بينهم وبين الطرف الآخر، ثالثا صحيح أن حاملي السلاح طلبوا من العديد من المستقلين من أبناء دارفور الحضور حتى تتم الاستفادة من آرائهم وأفكارهم في المقابل أن الحكومة لم تطلب غير زعماء الإدارة الأهلية لحضور المفاوضات وحتى هؤلاء استدعتهم على عجل واختارت منهم من يوالونها.

ما هي احتمالات النجاح في أن تصل المفاوضات إلى اتفاق؟

من واقع الملاحظات التي ذكرت فإن احتمال أن يتوصلوا إلى اتفاق احتمال ضعيف لكن ممكن أن يكون الاجتماع الحالي محطة تهيئة لمفاوضات لاحقة بالنظر إلى الوجود الدولي والإقليمي الكثيف، وربما يكون هذا هو الجانب الإيجابي.

الحكومة تصر على أن يكون ملف دارفور بيد الاتحاد في حل الكثير من القضايا في إفريقيا هل هو مؤهل لحل المشكلة؟

الاتحاد الإفريقي واحد من المؤسسات الإقليمية التي يمكن أن يكون لها مساهمة إيجابية في حل مشكلة دارفور مثله مثل الجامعة العربية ولكن الشيء الأساسي بالنسبة لمشكلة دارفور من الضروري أن يكون هناك وجود دولي فيها خاصة الأمم المتحدة لأن فعالياتها هي التي لديها المقدرة السياسية والدبلوماسية والمادية التي تمكن من حل المشكلة، عمليا الأمم المتحدة هي القادرة ماليا وسياسيا ودبلوماسيا على حمل الأطراف على التوصل إلى اتفاق وهي الوحيدة القادرة على توفير الضمان الكافي لتطبيق الاتفاق.

هناك من يرى أن حزبكم فشل في برنامجه لإجبار الحكومة على القبول بقومية حل المشاكل في البلاد بدليل حواراتها المتفرقة مع أطراف المعارضة؟

هذا الحديث ليس صحيحا ويكذبه الواقع.. الحكومة وقعت معنا اتفاقيتين الأولى في جيبوتي والثانية خاصة بقضية دارفور لكنها لم تنفذ ما اتفقت عليه معنا، وهذا ما يجعلنا نحذر من أن الحكومة يمكن أن تتفاوض وأن تصل إلى اتفاق ولكنها لن تطبقه، وكما قلت إن أفكارنا وبرامجنا أصبحت جزءا من الحل السياسي، وما زلنا نتحاور مع الحكومة، لكن ندرك بأن الاتفاق مع الحكومة يصطدم بالتطبيق وندرك بأن الحكومة لا تملك الإرادة السياسية لتطبيق أي اتفاق تتوصل إليه.

إذن ماذا أنتم فاعلون تجاه ذلك ولماذا تواصلون الحوار.. هل عجز حزبكم في أن يجد بدائل للضغط على الحكومة..؟

الخيارات أمامنا كثيرة ولكن نحن لا نريد أن نسبق الأحداث.

هل من بين الخيارات تكوينكم لكيان رديف لتجمع الخارج؟

منذ أن عاد حزب الأمة إلى الداخل طرح مشروعا لتجميع أهل السودان، وكنا نتحدث عن كل القوى السياسية من دون استثناء وحتى الحكومة قدمنا لها المقترح مثلما قدمنا المقترح لحزب المؤتمر الشعبي وحتى الأحزاب التي وافقت ومن ثم تراجعت.

لماذا نشط هذا المشروع الآن.. ؟

حزب الأمة من خلال ممارسته السياسية لم يهمل فكرة العمل الجماعي وعادة ما يتصل بالقوى السياسية ويسعى لتجميعها حول برنامج سياسي محدد، الفكرة كما قلت جديدة وطرحها الآن لم يكن منعزلا أو منفصلا.

هناك من يقول إن محاولتكم لتكوين “تجمع الداخل” مقصود به المفاوضات بين الحكومة والتجمع الوطني.. ما ردكم على ذلك ولماذا انسحب حلفاؤكم التقليديون وأعني الحزب الشيوعي والاتحادي الديمقراطي؟

ليس صحيحا أننا نستهدف الحوار بين الحكومة والتجمع بل على العكس نحن ندعم هذا الاتجاه ونأمل أن يتوصلوا إلى نقاط التقاء ودعني أقول لك كل الأحزاب مقرة بفكرة العمل الجماعي لمواجهة مشاكل السودان ولا يعني تراجع الشيوعي والاتحادي أنهم ضد الفكرة، وفوق كل ذلك نحن نقول بوضوح إن حزب الأمة أصلا في هذه المرحلة لا يبحث عن السلطة ولكن يبحث عن تجميع أهل السودان وحل مشاكله، ومعلوم أن النظام الديمقراطي يتطلب أن يكون في حكومة وتكون هناك معارضة وإذا ما اجتمع أهل السودان على أن تدار البلاد بنظام ديمقراطي سواء كنا في المعارضة أو في الحكومة سيان بالنسبة لنا ولكن في المقابل نقول وبوضوح أيضا لن تحل مشاكل السودان ما لم يكن حزبنا طرفا في وسائل حلها.

ومع ذلك هناك من يرى بأن حزبكم في الوقت الراهن يعاني من حالة ركود وتكلس وعدم اتزان بدليل فشل فكرة تجمع الداخل الذي سعيتم لتكوينه؟

أولا إذا كانت الإشارة إلى المجموعة التي خرجت من الحزب فنحن نقول إن خروجهم أعطى الحزب صلابة وقوة وجعل من قادة الحزب أكثر ارتباطا بل إن بعض الناس الذين كانوا رافضين الانضمام للحزب بعد أن خرجت المجموعة بدأوا ينشطون الآن، ثانيا اطروحات حزبنا والتضحيات التي قدمناها تجد القبول والاحترام من الشعب السوداني وليس في مكافحة نظام الإنقاذ وإنما في مقاومة كل الأنظمة الشمولية، وتقييمنا في الوقت الراهن أن حزب الأمة غير متراجع وليس به ضمور بل على العكس به تزايد، أي حزب يكون في داخله إشكاليات مالية أو تنظيمية فإن ذلك أمر عادي ولكن من ناحية السند الجماهيري فلا خوف على حزب الأمة ونحن ندرك أن حزبنا سيكون الحزب الأول في حال إجراء انتخابات حرة ونزيهة لذلك نشعر بأننا مسؤولون أكثر عن غيرنا في حل قضايا البلاد والبحث عن مخارج لأزماتها.

إذا كان حزبكم كما تقول فما هو تفسيرك لفشله في تحريك الشارع وفق برنامج الضغط الشعبي الذي تبناه منذ أكثر من 5 أعوام؟

لا يستطيع أي مراقب منصف أن يقول إن حزب الأمة قد فشل بدليل أن الإنقاذ التي كانت في السابق لم تعد موجودة الآن، نحن الآن نسير باتجاه التفاوض مع الحكومة حتى نتمكن من تحقيق إرادة الشعب السوداني وعندما نصل إلى نقطة النهاية ولم نتمكن من ذلك فكل الاطروحات مفتوحة أمامنا.

هل من بين خياراتكم ترك الضغط الدولي على الإنقاذ يسري مفعوله؟

ماذا تعني بذلك.

حزب الأمة وضع رجلاً على رجل وأصبح يراقب ما يمكن أن تحققه الضغوط الدولية على النظام.. فهل تتوقعون أن تنجح الضغوط الدولية فيما فشلتم فيه خلال ال15 عاما الماضية؟

هذا تحليل فيه إجحاف على ما قام به حزب الأمة منذ أول يوم في انقلاب الإنقاذ، ولكن مع ذلك لا يعني أن المعارضة تغفل الضغوط سواء كانت دولية أو إقليمية أو دبلوماسية أو الضغط السياسي، نحن من جانبنا في الوقت الراهن نسير في طريق التفاوض والوصول إلى حل سياسي ولا يعني ذلك إغفال البدائل الأخرى وعندما يأتي وقتها سيكون لكل حادث حديث.

وهل تمكنتم من خلال خط التفاوض الوصول إلى أهدافكم؟
لا نستطيع أن نقول ذلك بدليل أن النظام الشمولي لا يزال قائما وبدليل انه ومع كل صباح تظهر مشكلة جديدة في البلاد ولكن ألا تتفق معي بأن الأمور تسير باتجاه نهاياتها؟

هل يمكن أن يصبح أهل السودان يوما ليجدوا قوات أجنبية وقد انتشرت في بلادهم.. هل مخاطر التدخل الأجنبي حقيقية؟

علينا أن لا نغفل حقيقة قائمة وماثلة أمامنا في الأراضي السودانية الآن يوجد تدخل عسكري، القوات الأجنبية الآن تنتشر في أراض سودانية.

أعني تدخلا عسكريا مباشرا ومن غير إرادة أهل السودان ومن غير إرادة الحكومة.. هل يمكن أن تستنسخ تجربة العراق في السودان؟

ربما لا يصل الأمر إلى ذلك الحد ولكن في واقع الأمر التدخل العسكري في السودان موجود كواقع، صحيح أنه بدأ بوجود مراقبين عسكريين ثم تطور إلى حماية للمراقبين والآن يجري العمل لإرسال قوات لحفظ السلام وأي من هذه المراحل ليس له غير معنى واحد وهو أن التدخل العسكري موجود وأن حكومة الإنقاذ قبلت بذلك، ولكن نحن نستبعد أن يكون هناك إنزال عسكري، بمعنى أن تأتي قوة عسكرية لتحتل دارفور بحجة أن الوضع يتطلب ذلك فهذا مستبعد، وأية دولة تراعي مصالحها قبل أن ترسل قواتها إلى دارفور فما هي المصالح، أتصور أن تكون هناك ضغوط سياسية أو دبلوماسية ولكن قد لا تصل إلى مرحلة الإنزال العسكري واحتلال الأرض.

كيف يقيم حزب الأمة الدور الأمريكي في قضية دارفور؟ وهل للولايات المتحدة استراتيجية محددة تجاه المنطقة؟

معروف أن القضية في دارفور أصبحت في الوقت الراهن قضية عالمية ويتم التداول حولها في جميع مناطق العالم، لأن أجهزة الإعلام عكست المعاناة الإنسانية التي أفرزها الصراع، الولايات المتحدة أعطتها اهتماما خاصا نتيجة للضغوط التي تواجهها الإدارة الأمريكية خاصة من الأمريكان الأفارقة وهؤلاء حاليا يروجون إلى أن الصراع بين العرب والأفارقة ومثل هذه الأحاديث ذات حساسية عالية في الولايات المتحدة.

الولايات المتحدة لها أهدافها ولها استراتيجيتها وهذه واضحة من خلال الزيارات الكبيرة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكية لعدد من البلدان الإفريقية وتركيزه غير العادي على ما يجري فيها وقطعا السودان يدخل في هذا الحزام الذي ترى أمريكا بأن له مستقبلا اقتصاديا ولكن التحرك المفاجئ سببه الضغوط التي تواجهها حكومة بوش.

هذا يعني أن حزبكم لا يرى في الصراع الحالي صراع قوى دولية تستغل تأزم الوضع في دارفور.. ما هو تحليل أجهزة حزبكم للتعاطي الدولي الكثيف لما يجري في الإقليم؟

دعنا نكون واضحين مع أنفسنا، نحن نعيش في عالم انتهت فيه الحواجز هذا واقع، في نفس الوقت علينا ألا نغفل بأن المشكلة خلقناها نحن وأية جهة لها أهداف ولها أغراض ستحاول من خلال المشاكل التي خلقناها نحن كسودانيين أن توظفها لمصلحتها، لذلك نحن نقول إذا لم تتسبب أخطاء الإنقاذ في بروز مشكلة جديدة في غرب السودان ما كانت أطماع الدول لتتحرك.

الأحداث التي تجري في دارفور أظهرت بأن لدول عديدة في المنطقة دورا في إشعالها، وهناك من يشير بأصابع الاتهام إلى ليبيا وهي حليف قديم لحزبكم، كيف يقرأ حزب الأمة الأمر وما هو تقييمكم للدور المصري الموازي للحكومة؟

معروف أن أية دولة سواء كانت مجاورة أو غير مجاورة لديها مصالح، وصحيح أن الدول التي لها اتصال مباشر مع دارفور لها ارتباطات أكثر سواء كانت ليبيا أو تشاد أو إفريقيا الوسطى بحكم أنها دول مجاورة لدارفور، خاصة أن بين هذه الدول مع السودان قبائل مشتركة، فيما يتعلق بمصر فنقول إننا نرحب ترحيبا كاملا بأي جهد إقليمي أو دولي للمساعدة في حل مشكلة دارفور وخاصة إذا كان هذا الدور عربيا وعلى الأخص إذا جاء من دول الجوار، لكن نحن في السودان تعوّدنا ألا يتحرك العرب إلا بعد فوات الأوان، وحتى التحرك المصري الآخر جاء بعد أن وصلت الأحداث إلى القمة ومع ذلك لديه رغبة في أن يسهم في حل المشكلة فإننا نرحب بذلك غير أننا نؤكد بأن الأوان قد فات.

أشارت تقارير صحافية إلى أن الرئيس البشير التقى مؤخرا بزعيم حزب الأمة الصادق المهدي واتفق معه على تشكيل حكومة وطنية لمجابهة المشاكل في البلاد، ما صحة هذه التقارير؟

لا علم لي بذلك.

هذا يعني أنكم كنائب للمهدي تنفي اجتماع البشير بالمهدي؟

أنا أقول لا علم لي، وهناك فرق بين لا علم لي وبين نفي حدوث ذلك، ولكن المسألة بالنسبة لنا ليس المهم أن يلتقي رئيس حزب الأمة برئيس النظام ولكن القضية قضية مؤسسات، لذلك نحن لا نعطي الاتفاقات الشخصية أية أهمية ما لم تعرض وتجاز من قبل المؤسسات، ورئيس حزب الأمة ملتزم بما تقرره الأجهزة.

إذن ما شروطكم للاشتراك في حكومة وحدة وطنية؟

حزبنا لم يطرح فكرة لحكومة وحدة وطنية وإنما طرح مشروعا لحكومة قومية يشارك فيها أغلب الناس وببرنامج سياسي معروف وبدستور معروف وبالتزام خاص بحقوق الإنسان والحريات العامة وإلغاء القوانين التي تحد من الحريات وإلغاء قانون الطوارئ وأن يكون برنامجها السياسي والاقتصادي والدبلوماسي معروفا ومتفقا عليه وأن يكون تمثيلها حسب الأوزان الأساسية للأحزاب والقوى السياسية.

إذا ما توفرت هذه الشروط هل سيشارك حزب الأمة مع الإنقاذ في السلطة؟

الحزب لا يتحفظ في المشاركة إذا ما تحققت ثلاثة شروط أساسية وهي أن تكون حكومة قومية، وتؤدي إلى تحول ديمقراطي، وأن تكون المشاركة لتحقيق برنامج متفق عليه من كل القوى السياسية.

نعود إلى قضية دارفور، خلال الفترة الماضية سحبت اتهامات كثيرة للأجهزة الرسمية للدولة وكلها تتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان، وعن إبادة جماعية وعن محاولات للتهجير القسري وحتى عن الاغتصاب.. ما حقيقة ما يجري حسبما توافيكم أجهزة حزبكم؟

للأسف المعلومات التي تتوفر للحزب تؤكد هذه القضايا، وتشير إلى أن هناك تهجيرا لبعض السكان وتؤكد القتل وحرق القرى، ولكن فيما يخص عمليات الاغتصاب فمن الصعب إثباتها. لذلك نحن نطالب بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في كل هذه الاتهامات.

لا يوجد في معسكرات النزوح في دارفور أثر لجهودكم في مساعدتهم مع أن سكان الإقليم من المؤيدين لحزبكم.. أليس في هذا خطر على مستقبل حزبكم في المنطقة؟

هناك حقيقة لا بد أن تكون مفهومة للناس، نشاط حزب الأمة لم يبدأ إلا منذ سنتين تقريبا، وأغلب نشاطنا سواء كان سياسيا أو حزبيا مركز في المركز وفي العاصمة وبعض المدن على وجه التحديد وحزبنا حاربته كل الأنظمة الشمولية التي حكمت السودان لذلك فإن إمكاناتنا المالية ضعيفة وجمعياته الخيرة التي كونها كي تستقطب الدعم وتساعد المحتاجين محاربة من الحكومة ومن غير الحكومة، الناس في دارفور خلفهم ناس حزب الأمة وإذا ما قارنّا القوى السياسية الأخرى حتى المؤتمر الوطني فإن الوجود الوحيد الفاعل هو وجود حزب الأمة ولكن ليس الوجود المرضي بالنسبة لنا وذلك للظروف التي ذكرتها، ومع ذلك نعترف بأن الجهد المفروض أن نبذله لم يظهر بالصورة والطريقة التي كنا نريدها ولكن نحن نبذل جهدنا من خلال اتصالنا مع دول أخرى على أساس أن تقدم المساعدات نيابة عنا.

هناك من يقول إن القوى المعارضة لحكومة الإنقاذ فشلت في حملها على التراجع عن سياساتها.. أين تكمن المشكلة هل في ضعف المعارضة أم في قوة النظام؟

كما قلت ليس صحيحا أن المعارضة فشلت في جعل النظام يتراجع عن سياساته بل نجحت نجاحا كاملا في إجبار النظام على التخلي عن اطروحاته السابقة أولا من الناحية الإسلامية ومن الناحية الدبلوماسية وحتى من الناحية الأمنية وهي الآن ليست مثلما كانت في السابق، الآن تتبع سياسات على المستوى النظري مقبولة، لكن الإشكال أنها لا تنفذ ما تتفق عليه، ما يعني أن مسؤولية المعارضة في استمرار الضغط عليها سواء من خلال المفاوضات أو من خلال الضغوط الشعبية حتى تنفذ ما يتم الاتفاق عليه.

راهناً هل تعارضون إسقاط النظام وإبعاد الرئيس البشير من السلطة؟

نحن نعارض وفق ثلاثة أشياء أولا: أن يكون ناتج العمل المعارض تحقيق تحول ديمقراطي أي بعد 3 سنوات، وحسب اتفاقات نيفاشا من المفترض أن تجري انتخابات حرة ونزيهة ليقول الشعب كلمته، ثانيا نحن نريد حكماً فيه عدالة وشفافية ومساءلة، وثالثا: نريد الحكم يحترم حقوق الإنسان والحريات العامة وإلغاء قوانين الطوارئ، بجانب أن يؤدي الاتفاق الخاص بمشكلة الحرب في الجنوب إلى وحدة وطنية ما يعني أن يتحول الاتفاق بين الحكومة والحركة الشعبية من خانة الثنائية إلى خانة القومية حتى لا يؤدي إلى انفصال الجنوب وأن تحل مشكلة دارفور في الإطار القومي.

سؤال أخير.. الجنجويد من أكثر المصطلحات تداولا في الساحة السياسية على المستويين المحلي والدولي، ما هي تفسير حزب الأمة لهذا المصطلح؟

أولا نحن في المكتب السياسي للحزب اتخذنا قرارا بألا نستخدم مصطلح الجنجويد في خطابنا السياسي لأن المصطلح له أكثر من معنى والناس تختلف حوله، ولأن الجنجويد بالنسبة لسكان دارفور كان يعني في السابق ممارسة النهب المسلح، الآن بدأ يأخذ طابعا وصورة مختلفة، ونحن كي نحاربها قررنا عدم استخدامها، ثانيا نحن نجتهد بأن المعاني التي اتخذها اللفظ حاليا لغوياً غير صحيحة، لأن من حملوا السلاح سواء كانوا ينتمون إلى القبائل العربية أو غيرها لم تحمله كقبائل وإنما كأفراد لذلك من الخطأ أن الجنجويد هم من القبيلة الفلانية أو العلانية، لكن هذا لا يعني بأن مصطلح الجنجويد غير موجود ما دام قد دخل إلى ملفات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.