ليس جديدا قتل العلماء العراقيين او دفعهم الى الهجرة بحثا عن مكان آمن لهم في أي مكان في هذا العالم . ففي وطأة السخونة التي يعيشها العراق لم يتنبه احد حتى الان الى مايجري لهذه النخبة العالية من الشعب العراقي والتي آمنت بان الطريق السليم لتغيير اوطانها وبقية الاوطان العربية بايجاد المؤسسات البحوثية والتعليمية التي تغير قواعد التعليم في تلك الاوطان .
تعرض هذه النخبة للقتل لم يكن جديدا على كل حال . انه نوع من الضغط على العقول المفكرة والجديرة بالخلق كي تستسلم الى قدرها بترك بلادها وصب افكارها وعلمها وقدراتها في غير عالمها او الموت اذا ماقررت البقاء حيث هي . ويقول العارفون العراقيون ان الكثير من العراقيين المقدرين علميا قد تلقوا انذارات هي عبارة عن رسائل تحوي رصاصة دون أي كلام آخر . واذا ماتمت الكتابة اليهم فانها تحذرهم من مغبة بقائهم في العراق .
بهذا الامر يواجه العراقيون هذا النوع من الازمات بالصمت الذي لايعرف التحري عن البدائل في مجتمع يواجه احتلالا بغيضا ويكرس جل وقته من اجله ، فيما يعبث العابثون الذين يقال انهم من الموساد الاسرائيلي او من مخابرات عالمية شتى في ابعاد رجال الابداع او قتلهم.
كان المبدع احمد زويل يعتبر ان وجود هذا النوع من المبدعين العرب ثروة وطنية لاتقدر بثمن . ولكن هؤلاء يحتاجون في شتى الاحوال حسب رأيه الى مؤسسات بحوثية يستطيعون من خلالها تقديم اختراعاتهم وتطوير بناهم العلمية ورفد الحياة العلمية بكل جديد يعلي من شأن العلم والمتعلمين ويقدم للبلاد حقولا من المعرفة تحتاجها في البحث عن مستقبلها العلمي . وآمن زويل بان الطريق الى هذه المهمة هو ايجاد مراكز للابحاث في اكثر من بلد عربي ، ولهذا قام بجولاته لدى العديد من الاقطار العربية شارحا وجهة نظره مفتشا عن الجهة التي تقدم لها الدعم المادي لتنفيذ برامجه . لكنه صدم حين واجهته الحقائق بان لا احد تهمه تلك الافكار .. لكأن هنالك وصي يرفض ان يكون للعرب تلك الميزات الحضارية .
يخسر العراقيون مفكريهم بعد قتل العشرات منهم ورحيل العشرات ايضا ان لم نقل المئات . وهذا الفراغ الذي سوف يلف الحياة العلمية العراقية كما يلف غيرها في بلاد العرب يبقى همه اغلاق أي باب يؤدي الى حضارة علمية وترك البون شاسعا بين العرب والغرب والى امد طويل .
لاشك ان هنالك مؤامرة كبرى على العقل العربي عموما ، وما لهجرة الادمغة التي تكاد شبه يومية ومن اقطار عربية مختلفة نحو عالم الغرب سوى دلالة على تضييع كل فرصة تقدم في عالمنا العربي .ولعل تاريخ قتل علمائنا ما يؤشر الى هذا الامر ، أليس اغتيال العالم اللبناني حسن كامل الصباح في اميركا في الثلاثينيات من القرن الماضي لانه قرر نقل اختراعاته الى وطنه مايؤشر الى المؤامرة الدائمة .
ان الذين يفتون بأنها مؤامرة هم محقون ونكاد نعترف بانه لاشيء غيرها .
- آخر تحديث :
التعليقات