حين يحدد مجلس الامن التركي بان الجارة ايران هي مصدر خطر واعتداء، فان على الاوساط الايرانية الحاكمة ان تعيد حساباتها!! فصحيح ان العراق لم يعد قويا بحيث يدفع مرشده الى «تجرع السم» لكن عراق الفوضى، والاحتلال الاميركي، والمقاومة الشرسة صار عراقا خطيرا لان عدواه تنتقل بسرعة الى جيرانه، ولانه صار قطبا حدوديا طرفه الاخر في افغانستان، فقوة ايران -وهي دولة قوية بكل المقاييس- صارت بحاجة الى اعادة نظر.. لا لان الاميركيين يهددونها من العراق وافغانستان، ولا لان الاردن ومصر والسعودية تراجعت عن المرحلة التي كانت تجد فيها ايران جارا يستحق المصالحة والصداقة، ولا لان الاتحاد السوفياتي انتهى فلم يعد قوة استقرار في المنطقة.. وانما لان كل هذا «الفراغ الامني» المحيط بايران يشكل مادة اغراء وتورط للقوى الحاكمة المتطرفة التي تعود، كالقنفذ، الى داخلها كلما تزايدت الاخطار في الخارج.. والداخل في ايران هو التطرف والمزيد من التطرف!!
العناصر العاقلة في طهران، والعمائم رجال سياسة وليسوا رجال دين، تحاول منذ مدة مد جسور الى واشنطن عبر التعاون مع الاحتلال في افغانستان، او عبر التعاون في العراق، فالانتخابات بعد وضوح المواقف السنية والكردية، وموقف التيار الصدري، معلقة الان بقرار من قم.. فاذا اصدر السيستاني بيانا آخر يعلن فيه ان «انتخابات شيعية» لا يمكن ان تعطى شرعية.. فان الادارة الاميركية ستفهم ان اصرارها على الانتخابات هو.. حماقة، كحماقة الاحتلال!!
انقرة لم تعد ترى في اليونان عدوا خطرا، بعد ان صار اقترابها من اوروبا حقيقة راهنة، وصارت هي واليونان تحت ظل الخيمة الاوروبية. وانقرة تمثل الان في العالم الاسلام المعتدل الديمقراطي، في حين ان طهران تمثل العكس. وانقرة تملك قوة استقطاب في سوريا والعراق والاردن ومصر والسعودية، في حين لا تملك طهران غير قوة التنافر الطائفي حينا، والسياسي في اكثر الاحيان. واذا كان ذلك يريح الحكم المذهبي الايراني ويعطيه «قوة الحصار» فانه لا يريح ايران الدولة التي تحمل نفسها ما لا قدرة لها على العراك.. وكسب العراك!!
ونقول: ان تطور الاحداث في المنطقة ليس سيئا تماما!!