يستحسن ان نتقبل التهاني ، ليس باختيار رئيس جديد للسلطة الفلسطينية ، بل لان الشعب الفلسطيني امكنه ان يحسم بقوة عملا ديمقراطيا ، كما امكنه ان يحزم بصمت لانه ولد الصمت أبكم كما يقول الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان .
وفر يوم امس تجربة لم تحصل لكنها ستتكرر وستكون مدماكا لما سيأتي والآتي كثير والتعود على الادلاء بالرأي ووضعه في صندوق الاقتراع يحفز النفس على الخلاص من فوضى الاختيار حيث الاغلبية تكون على حق وهي التي تكون في النهاية معالم المرحلة من خلال تبوأ المراد تبوأهم.
مبروك للفلسطينيين على الاقتراع قبل كل شيء وعلى الظهور بهذا الشأن الحر والديمقراطي امام العالم الذي يسعى لتقليص المسافة بين الرأي الشخصي وبين الاختيار الحر . في هذا العالم الذي تظهر فيه الانتخابات على وجه التحديد حالة حضارية مستمدة من واقع الناس ومن آرائهم ينبغي لشعب مقدام مسؤول مثل الشعب الفلسطيني ان يرتبط لهذه الظاهرة كي تكون زاده الوحيد في الاختبار المشهود له ان يكون علامة عصر حضاري .
ومبروك للفلسطينيين لانهم ارادوا ارثا مستمرا يمثلهم ويفتح لهم ابواب طموحاتهم بل يفتح امامهم الطريق لممارسة معتقداتهم واولها استمرار العمل الوطني من اجل قيام الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين وتحقيق شتى الشعارات المعبرة عن هذه الامال .
واليوم تبدأ دورة رفع الراية من يد الى يد . ارتفعت من يد عرفات الذي حملها اكثر من اربعين عاما لتكون مرفوعة بآلاف الايادي التي تستشعر دائما ضرورات التنبه للغد الفلسطيني . صحيح ان هنالك من سيمثل هذه الايادي وسيمسك بها حتى وقت القطاف ، لكن عرفات سيبقى المطل على الحالة الفلسطينية متفقدا اصولها ومعانيها ومطمئنا على انها باقية على العهود التي وضعها ورسمها وسواها .
في هذا اليوم يرتفع رئيس ليس جديدا على الساحة الفلسطينية ، انه من المتراس الواحد الذي وقف وراءه عرفات مدافعا ومتابعا لكل الآمال الباعثة على السهر والتعب الجميل . من اجل فلسطين لن يصح الا الصحيح ولن يكون هنالك من يلوي الاذرع السمراء صاحبة القرار بالاستمرار في النهج العرفاتي.
الطريق التي رسمها عرفات ظلت مفتوحة من بعده . والحلم الذي رسمه عرفات في نهاية الافق سيكون مرئيا لكل الفلسطينيين بعدما حتم عليهم ان يختاروا غصن الزيتون والبندقية في آن معا .
ومبروك لخطوة الالف ميل التي بدأت ويفترض ان لاتطول .